
تنقسم الذنوب في الإسلام إلى الكبائر والصغائر، وتعرف الكبائر بأنها المعاصي التي يترتب على فعلها الوعيد بالعذاب في الآخرة أو الغضب أو اللعنة من الله تعالى وصلى الله عليه وسلم، وحد في الدنيا.
والكبائر مثل القتل والزنا والسرقة. أما الصغائر فهي من دون الكبائر. ومن الجدير بالذكر أن الله تكفل لمن يتجنب الكبائر أن يغفر له الصغائر ويدخله الجنة.
هنا نتحدث عن حكم السرقة في الإسلام.
ما حكم السرقة في الإسلام
السرقة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وقد ذم الله هذا الفعل الشنيع وجعل له عقوبة تناسبه فجعل حد السارق أن تقطع يده، قال تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) المائدة/38، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً) رواه البخاري (الحدود/6291) ولعن النبي صلى الله عليه وسلم السارق لأنه عنصر فاسد في المجتمع إذا تُرك سرى فساده وتعدّى إلى غيره في جسم الأمة فقال عليه الصلاة والسلام ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) البخاري (الحدود/6285) ومما يدل على أن هذا الحكم مؤكّد أن امرأة مخزومية شريفة سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أسامة بن زيد أن يشفع فيها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أتشفع في حد من حدود الله، إنما أهلك الذين من قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الغني تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) البخاري (أحاديث الأنبياء/3216)
وهذا هو حكم الله عز وجل في السرقة أن تقطع يد السارق من الرُّسْغِ .
حكم السرقة عند الحاجة
الضرورة هي كما قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية: بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم.
وهذه الضرورة التي تبيح أكل الميتة ونحوها من المحرمات، هي التي تبيح الأخذ من مال الغير دون علمه، إذا تعين ذلك سبيلا للنجاة من الهلكة، ولم يزد على قدر الحاجة، قال السرخسي في المبسوط: الضرورة تبيح التناول من مال الغير بقدر الحاجة، فيمنع ذلك وجوب القطع.
وقال الشيرازي في المهذب: وإن سرق الطعام عام المجاعة نظرت، إن كان الطعام موجوداً قطع، لأنه غير محتاج إلى سرقته، وإن كان معدوماً لم يقطع، لما روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: لا قطع في عام المجاعة أو السنة ـ ولأن له أن يأخذه، فلم يقطع فيه.
فنص على جواز الأخذ في عام المجاعة إذا لم يوجد الطعام، ونحو ذلك ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين فقال: إذا كانت سنة مجاعة وشدة غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له، إما بالثمن أو مجانا، على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجانا لوجوب المواساة وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج... لا سيما وهو مأذون له في مغالبة صاحب المال على أخذ ما يسد رمقه.
وأما حصول حاجة لا تبلغ مرتبة الضرورة، فلا نعلم أحدا من أهل العلم نص على إباحة السرقة عندها، فهي لا ترفع الإثم، وإن كان يمكن أن يدرأ بها الحد ـ قطع اليد ـ ويكتفى بالتعزير، جاء في الموسوعة الفقهية: الاضطرار شبهة تدرأ الحد، والضرورة تبيح للآدمي أن يتناول من مال الغير بقدر الحاجة ليدفع الهلاك عن نفسه... والحاجة أقل من الضرورة فهي كل حالة يترتب عليها حرج شديد وضيق بين، ولذا فإنها تصلح شبهة لدرء الحد، ولكنها لا تمنع الضمان والتعزير.
حكم السرقة من المسجد

من استحل السرقة فهو كافر لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وهو حرمة السرقة .
وأما من سرق وهو عالم بحرمة السرقة فهو وإن كان ظالماً فاسقاً مرتكباً لكبيرة من كبائر الذنوب إلا أنه لا يكفر بذلك لأن السرقة لا تصل بصاحبها إلى حد الكفر ولذا كانت عقوبة السارق قطع اليد بينما كانت عقوبة المرتد هي القتل ولكن كل من الحكمين لا ينفذه إلا الإمام العام أو من ينوب مكانه بتفويض منه هو، وإنما لم يترك ذلك لأفراد الناس لما ينجر عنه من فوضى ولأنه لا بد عند تطبيق الحدود من توفر شروط وانتفاء موانع، ولا يتأتى الاطلاع على ذلك إلا للقضاة المختصين.
حكم السرقة من السارق
أخذك من مال من ظلمك أكثر من حقك أمر محرم باتفاق، وهو داخل فيما نهى الله ورسوله عنه من الخيانة. قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58]. وقال تعالى: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
والواجب عليك الآن التوبة مما فعلت والندم على ذلك، وإرجاع الحق إلى أهله بالطريقة المناسبة، ولا ينفعك التصدق بالمال عنه، ولن تعدم وسيلة إن شاء الله.
وبقي أن نشير إلى مسألة وهي: هل يجوز لك أن تأخذ من مال من ظلمك بمقدار حقك دون اعتداء أم لا ؟ وهذا ما يعرف عند فقهائنا بمسألة الظفر، ونحن نلخص القول فيها باختصار:
فمذهب الحنفية كما في البحر الرائق: رب الدين إذا ظفر من جنس حقه من مال المديون على صفته فله أخذه بغير رضاه، ولا يأخذ خلاف جنسه كالدراهم والدنانير. انتهى
ومذهب المالكية كما في منح الجليل: ومن ظلمه إنسان في مال ثم أودع الظالم عنده مالاً قدر ماله أو أكثر فليس له - أي المودَع - (بفتح الدال) الأخذ منها، أي الوديعة حال كونها مملوكة لمن ظلمه. انتهى
ثم ذكر أقوالاً، ونقل عن ابن عرفة قوله: من ظفر بمال لمن جحده مثله ففيه اضطراب.
وقال في فصل الدعوى: فيه أربعة أقوال: المنع، والكراهة، والإباحة، والاستحباب.
ومذهب الشافعية له أن يأخذ من جنس حقه ومن غير جنس حقه.. فإن كان من عليه الحق منكراً ولا بينة لصاحب الحق أخذ جنس حقه، فإن فُقِدَ أخذ غيره وباعه واشترى به جنس حقه غير متجاوز في الوصف أو القدر.
مرجع:
https://islamqa.info
من مواليد القاهرة 1985، حاصلة على بكالريوس الآداب جامعة عين شمس عام 2006، متابعة وناقدة فنية، أعمل كمحررة محتوى على موقعيّ Nawa3em، وgheir، ومتخصصة في كتابة المقالات والآراء حول المسلسلات والأعمال الانتاجية الفنية، وأحاول تحسين حياة القراء والقارئات عبر هذه المقالات.