منذ سنوات طويلة لم يكن الـ Upper East Side مرادفاً لعروض أسبوع الموضة في نيويورك. لكن في العقد الأخير، ومع تشتت العروض بين مانهاتن وبروكلين، تحوّل الحي العريق إلى وجهة جديدة غير متوقعة لعروض الأزياء. ولعل ما قامت به Ulla Johnson في عرض ربيع 2026 هو الدليل الأوضح: عودة إلى الجذور، لكن بروح معاصرة.
اختارت المصممة متحف Cooper Hewitt على الجادة الخامسة كمسرح لأزيائها، في خطوة تحمل الكثير من الرمزية. اما الإلهام، فجاء من لوحة لرسامة نيويوركية أخرى: هيلين فرانكنثالر، رائدة التعبيرية التجريدية. مثلها مثل جونسون، لم تر الطبيعة نقيضاً للمدينة، بل ملاذاً يوازن صخبها. الألوان التي هيمنت على المجموعة – من تدرجات الغروب إلى الباستيل الخفيف مثل الأصفر الشارتروزي والبنفسجي الداكن – عكست هذا الحوار بين الداخل والخارج، بين الإسمنت والسماء. هنا بالذات شعرتُ أن العرض لا يكتفي بالإبهار البصري، بل يقدّم حواراً فلسفياً حول معنى الأنوثة المعاصرة: قوية، لكن حالمة، واقعية، لكن مشدودة إلى الخيال.
من الناحية التقنية، قدّمت جونسون لعبتها المعتادة مع الأنسجة والتفاصيل، لكن بجرأة أكبر: الريش المصبوغ يزين الأكتاف والأحزمة والياقات، في حركة تضيف خفة ودرامية في الوقت نفسه. الفساتين جاءت طبقية ومتموجة: تارة بطيّات، تارة بكشاكش، وأحياناً بلمسات الـ bubble hem التي أضافت عنصر المفاجأة. الإكسسوارات لم تكن مجرد مكملات، بل روافد فنية: جوارب من الدانتيل أو التول المرصع، عقود ضخمة مزدانة بالزهور أو بالريش، كلّها أسهمت في رسم صورة المرأة التي تراها جونسون: متحررة، متمرّدة، لكن متمسكة بالزينة والمرح.
ما أحببته أكثر في هذا العرض هو رفض جونسون التماهي مع صورة "المرأة النيويوركية بالأسود الكامل". هنا، الألوان هي العنوان، والخيال هو البصمة. وحتى حين دخلت عالم الملابس الرجالية والحقائب، ظلّت مخلصة لفكرتها عن الموضة كلغة عابرة للجندر، صالحة للجميع.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.