سوزي ناصف عن معرضها في كويا دبي: لوحاتي أشبه بحوار بين العقليات المتناقضة | Gheir

سوزي ناصف عن معرضها في كويا دبي: لوحاتي أشبه بحوار بين العقليات المتناقضة

ديزاين  Nov 19, 2019     
×

سوزي ناصف عن معرضها في كويا دبي: لوحاتي أشبه بحوار بين العقليات المتناقضة

شهرزاد الرسم.. هكذا لُقّبت الفنانة اللبنانية سوزي ناصف، لكونها تروي ألف حكاية وحكاية بالرسم والألوان والفرشاة، فتنقلنا معها إلى عوالم من الإبداع والفن والخيال، تعبّر فيها عن أفكار تشغلها أو تدور في محيطها، بأسلوبها الساحر الخاص، والجدير بحكاية مبدعة.
وفي لقائنا معها، حدثتنا عن أحدث معارضها في مطعم كويا دبي، الذي قوبل بنجاح كبير، ولمسنا في حديثها الكثير من الشغف بالفن الذي بدأت رحلتها معه منذ سن صغيرة، متأثرة بعبقرية سلفادور دالي الفنية، وعين حريصة على التفاصيل الدقيقة، وحس طبيعي وفطري بالألوان والملمس.

في البداية؛ صفي لنا أعمالك الفنية..

أقدّم في لوحاتي قصصاً عن حياتنا التي نعيشها، متقمّصة بذلك شخصية شهرزاد لأحكي عن تلك القصص، لأن كل لوحة هي عبارة عن حكاية تعبّر عن الناس والزمان فضلاً عن كونها ولادة فصل جديد مختلف وفريد من نوعه. ولأن لدي شعوراً بأنني في رحلة دائمة من التطور، فمع مرور الوقت تتحدث قصصي عن رحلتي وهذه الرحلة هي انعكاس لآلاف الحكايات. وأكثر ما يحرك عاطفتي وشغفي هو أن فني يثير المشاعر في المُشاهد ويدمجه في القصة، وأني أحمل قصصي تماماً كما فعلت شهرزاد. ولأني مفتونة بالسريالية، حيث أشعر أننا مكوّنون من عنصرين، الواقع والحلم؛ عندما ننام، نحلم وبعض الأحلام قد تكون غريبة أو مشكوك فيها ومختلفة تماماً عن واقعنا؛ فهذا ما أود تصويره في أعمالي الفنية، العلاقة الواقعية/السريالية الشعرية الموجودة بينهما، أنا أسميها #Suzism لأنني أشعر بالسعادة عندما يمكن للناس أن يميزوا على الفور بين أعمالي الفنية وبين أعمال الفنانين الآخرين.

هل تفضّلين مدرسة فنية محددة عن سواها؟ ولماذا؟

أصنّف نفسي كفنانة معاصرة مع عناصر مطوّرة من المدرسة السريالية، وأؤيّد هذا الاندماج الفني ببساطة لأنه فن يحتوي على مزيج من الخيال والأفكار والأحلام والواقع. في الفن المعاصر، يمكننا أن نرى النمط الحالي للفن مع نهج قديم وخيال فريد ومستقبلي، حيث يسمح هذا العمل الفني للمشاهد بالتفكير بنفسه، كما أنه قناة توفر للمشاهد إمكانية ملء الفجوات التي أمامه بنفسه وأن ينخرط في سرد جديد قد يثيره العمل ذاته؛ وبالتالي خلق حوار ومسؤولية جديدة إلى جانب ملكية محتملة جديدة للفكرة.

حدّثينا عن أحدث معارضك الفنية في مطعم كويا دبي؛ ما هو المفهوم الرئيس وراء الأعمال الفنية التي ستقدمينها من خلاله؟

تجارب السفر الواسعة التي قمت بها أظهرت لي التناقض بين الوتيرة المتسارعة للحداثة في حياتنا وتقاليد وأساطير الماضي عبر الثقافات المختلفة، وهذا أحد المواضيع الرئيسة في معرض "تياترو ديل ألما" في مطعم كويا دبي. إن الحوار بين العقليات المتناقضة فكرياً، وأصالة وأنواع المشاعر التي نعبّر عنها، جميعها مصدر إلهام حقيقي للوحات الفنية الجديدة. كما إن مفهوم تحويل الأعمال الفنية لأزياء، يُمكّن هواة الجمع من تجربة ومشاركة لوحاتي لتشجيع التعبير عن النفس بكل حرية وبطريقة جديدة تماماً، حيث ينقلون الفنون كما يرونها بأعينهم خلال رحلاتهم الخاصة.

تظهر في أعمالك كوكبة من الشخصيات البارزة مثل كوكو شانيل، سوبرمان ، سلفادور دالي، فريدا كاهلو، وغيرهم؛ فما هو السبب وراء ظهور هذه الشخصيات؟

كوكو شانيل كانت أول امرأة تحدث تغييراً في عالم الموضة والأزياء، للسيدات والرجال على السواء؛ ما شكّل نقلة نوعية ساعدت في تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة. وقد قالت: "الموضة ليست شيئاً موجوداً في الفساتين فقط، وإنما الموضة في السماء في الشارع في كل مكان، وينبغي أن تكون الأزياء مرتبطة بالأفكار وبالطريقة التي نعيش بها، وبالأشياء التي تحدث من حولنا"؛ وأنا أقول: "الفن ليس شيئاً موجوداً على اللوحات وفي الأعمال الفنية فقط. الفن في السماء، في الشارع، والفن يبنغي أن يكون مرتبطاً بالأفكار والطريقة التي نعيش بها والأشياء التي تحدث من حولنا وأبعد من ذلك بكثير". أما سوبر مان فقد تعلّمت من هذه الشخصية منذ الطفولة أن الأشياء المذهلة لا تحدث إلا عندما نواجه الخوف والمخاطر والفشل خلال حياتنا؛ وقد أثر ذلك على أفكاري كثيراً في رحلتي الفنية كفنانة شقّت طريقها بنفسها. بينما عبّرت فريدا كاهلو عن تفرّدها دون أي قيد؛ وتُعد حتى يومنا هذا قدوة للعديد من الفنانات. فيما كان سلفادور دالي، ملك السريالية، شخصاً غامضاً، وبعد زيارتي منزله في كاداكيس، شعرت بـ "الرهبة"، وكان شعوراً رائعاً للغاية. ألهمني دالي التفكير بطريقة مختلفة عن الآخرين، وأن أعبّر بأسلوبي ورؤيتي. وأنا سعيدة للغاية بتأثري واستلهامي بأيقونات فنية خالدة سطّرت التاريخ بأحرف من ذهب في مناطق ومراحل زمنية مختلفة.

وهل هناك سبب لتفضيلك خامة أو مادة معيّنة في إبداعاتك ولوحاتك الفنية؟

كثيراً ما أستخدم مجموعة متنوعة من المواد بما في ذلك الألوان الزيتية والأكريليك ومعجون الرسم وورق الذهب/الفضة، وفي بعض الأحيان تمثل اللوحة الواحدة مزيجاً من جميع المواد المذكورة أو بعضاً منها، يعتمد ذلك على الأسلوب والموضوع الذي أحاول تصويره. وفي الواقع لكل خامة أو مادة إيجابيات وسلبيات عند استخدامها؛ فمثلاً لا صبر لديّ لأنتظر حتى يجف الطلاء لبدء مرحلة جديدة على اللوحة؛ وتُعد هذه مشكلة كبيرة أواجهها عند استخدام ألوان الزيت؛ أما بالنسبة إلى مادة الأكريليك فإن هذه المشكلة غير موجودة، لأنها تجف سريعاً، ما يسمح لي بالعمل على القطعة حتى أقرر أنا التوقف، فيما أن لاستخدام الأكريليك سلبيات منها أنه من الصعب إنشاء خطوط دقيقة باستخدامها كما أن اللوحة تصبح عند إنهاء رسمها مظلمة وجافة؛ وفي بعض الأحيان لا أحصل على اللون ذاته الذي يبدو على اللوحة قبل أن يجف اللون. ولهذا أمزج بين عدة خامات كأن استخدم كلّاً من الألوان الزيتية والأكريليك في القطع الفنية نفسها. كما أنني أستخدم الألوان الزيتية لطلاء خلفيات اللوحات والأكريليك إلى جانب رسم الأشكال وغيرها من التفاصيل في الخلفية.

ما هو أكبر تأثير على لوحاتك وإبداعاتك الفنية؟

أجد الفن انعكاساً سحرياً ومباشراً لمشاعري وعواطفي وخبراتي ومعتقداتي – فهو نتيجة مجمعة لما أدركه بوعي وبلا وعي يومياً عن طريق كل ما لديّ من حواس. إنني استمد إلهامي بالكامل من "التجارب الواقعية" التي نعيشها ونمر بها في حياتنا اليومية عندما نقرأ مقالات أو نشاهد الأخبار أو الأفلام أو نستمع إلى الخطب أو نتحدث مع الآخرين أو حتى مع أنفسنا؛ فهناك دائماً شيء يحدث كل يوم في عالمنا. وبصفتي فنانة معاصرة، أجسّد أحياناً الواقع من خلال وجه أو شخصية أو من خلال استخدام لون معين لإنشاء قطعة سريالية تستند إلى هذا الواقع؛ إنه تمثيل مرئي يصبح جلياً لي على شكل إلهام أو فكرة ثم يتجسد لاحقاً في لوحاتي.

وما هي المشاعر أو الدوافع التي تحركك لإبداع عمل فني جديد؟

الفن هو لغة الروح، وهو واحدة من أكثر الأدوات فعالية لتصوير مشاعرك الداخلية؛ كما أنه تجسيد داخلي لذات الشخص وأفكاره ومشاعره واعتبارها موضوعاً قابلاً للطرح والنقاش. ويُعد الفن هو الذات الخاصة التي تشجع الفنانين على استكشاف أعمق مشاعرهم، وفي كثير من الأحيان التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم السرية أو المثيرة للجدل. إنه ببساطة "اعتراف" من قبل الفنان عما يدور في خلده وخياله، وكوني فنانة، فأنا أقضي معظم أوقاتي سارحةً في مخيّلتي بين الألوان واللوحات التي أرسم عليها، بين الظلام والنور؛ في كوكب سريالي من الأحاسيس. وأعترف أن مشاعري متغيرة بصورة دائمة، وهي حقيقة أواجهها في حياتي اليومية. فهي تهمس في ذهني قصصاً عن الحياة وما وراءها، إضافة إلى صور لأشخاص موجودين في عالم من الواقع والخيال. فأعمل دائماً على ترجمة وتجسيد مشاعري من خلال تصوير الوجوه والأشكال التي يمكن أن تكون فقط نتيجة للواقع أو الإلهام أو حتى الهلوسة. ولكن هناك شيء واحد مؤكد، لا يوجد فنان يعتمد فقط على تجسيد الواقع كما هو وإنما على مزيج من الواقع والخيال والمشاعر والأفكار وغيرها.

حدّثينا عن الرسالة التي تحاولين نقلها من خلال إبداعاتك؟

إن كل لوحة من لوحاتي هي عبارة عن راوٍ قصصي مع رسالة فريدة من نوعها؛ إذ تُعد أعمالي وليدة الإلهام والموجات الداخلية للعواطف المحددة زمنياً. أود أن أقول إن اللوحة نفسها تعكس إحساسها على المشاهدين لتجعلهم جزءاً من عالمها ليتأملوها بعمق، بحيث تصبح تفاصيل اللوحة جزءاً من خيالهم، ليُكوّن من خلال ذلك رابطة شخصية بين اللوحة والمشاهد تصل من خلالها الرسالة المحددة.
حديث يقطر شغفاً بالفن، وحسّاً مرهفاً وروحاً فنانة بالفطرة، تجعل ما نشاهده من إبداعات سوزي ناصف رسالة حسية وروحية معاً في كل لوحة نتأملها من إبداعاتها.

كلمات مفتاحيّة: اماكن سياحية فى دبى ، ديكور ،

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الديزاين