في السنوات الأخيرة، لفتت ديمي لوفاتو الأنظار بظهورها أكثر صحة وثقة بالنفس. لكن المفاجئ أنّ هذا التحوّل لم يكن نتيجة حميات صارمة أو ساعات طويلة من التماربن الشاقة كما اعتدنا أن نسمع في قصص المشاهير، بل جاء من مكان أعمق وأكثر إنسانية: التعافي من اضطرابات الأكل.
بعد سنوات طويلة من معانات مع الشراهة المرضي وفترات من فقدان الشهية، وصلت لوفاتو إلى قناعة مختلفة تماماً: أن تحب جسدها بدلاً من معاقبته. وبمساعدة مختصين في التغذية والعلاج النفسي، تخلّت كلياً عن ثقافة الحميات القاسية، وبدأت تضع صحتها النفسية في المقام الأول. النتيجة؟ خسارة وزن طبيعية جاءت كنتيجة جانبية لا أكثر، بينما كان الهدف الحقيقي هو التحرر من دائرة الجوع المفررط والحرمان.
في أحد أكثر اعترافاتها صدقاً، تحدثت لوفاتو في فيلمها الوثائقي Demi Lovato: Stay Strong عن التغيير الذهني الذي أنقذ حياتها: "الأكل الحدسي". فبعيداً عن عدّ السعرات أو حرمان نفسها من أنواع معينة من الطعام، تعلّمت كيف تنصت لإشارات جسدها الطبيعية. قد يبدو الأمر بديهاً، لكنه كان بمثابة ثورة شخصية لشابة قضت سنوات في تجاهل أبسط حاجاتها. ومع مرور الوقت، استعاد جسدها توازنه ووزنه الطبيعي من دون أي قيود غذائية متطرفة.
حتى الرياضة أخذت منحى جديدًا. لم تعد وسيلة لمعاقبة الجسد أو لحرق ما أكلته، بل تحولت إلى نشاط يمنحها طاقة إيجابية وراحة نفسية. لوفاتو اختارت التمارين التي تستمتع بها، ما جعل الحركة جزءًا من أسلوب حياة متوازن، لا مجرد وسيلة للوصول إلى شكل معيّن.
لكن خلف الأضواء، لم تكن الطريق سهلة. خلال فترة نجاحها في Camp Rock ومسلسل Sonny with a Chance، كانت الضغوطات هائلة: كل صورة، كل فيديو كليب، كل إطلالة تخضع للتدقيق. تحت تلك الابتسامات "المثالية" التي تتطلبها صناعة الترفيه، كانت لوفاتو تخوض صراعاً داخلياً معقداً. وكشفت في فيلمها الوثائقي Simply Complicated أنّ جزء من هذه المعاناة ارتبط بعلاقتها مع والدها وبحثها المستمر عن الكمال. الأمر لم يكن مجرد طعام أو جسد، بل شعور عميق بعدم السيطرة ومحاولة يائسة لإرضاء معايير مستحيلة.
قصتها تعكس واقعاً مألوفاً للكثيرين. البداية غالباً تكون "محاولة لأن نكون أكثر صحة"، لكن وسط بيئة تمجّد النحافة وتربطها بالنجاح والجمال، يمكن لتلك المحاولات البريئة أن تتحول سريعاً إلى دائرة خطرة. لوفاتو نفسها عانت من تنمّر قاسٍ في المدرسة، وصل حدّ أن يطلق زملاؤها "عريضة" تطلب منها إنهاء حياتها، كما اعترفت في أحد منشوراتها. هذه التجاريب تركت ندوباً عميقة لم يكن علاجها ممكناً إلا عبر مواجهة شجاعة وحقيقية.
اليوم، تطرح ديمي لوفاتو نموذجاً مختلفاً تماماً عن الصورة النمطية للتحوّل الجسدي في هوليوود. لا شاي تنحيف، ولا برامج تدريب معجزة، بل جلسات علاج نفسي ورسالة عن الحياد الجسدي وتقبّل الذات. والأجمل أنّها لا تدّعي الكمال: تعترف بأنّ التعافي عملية مستمرة، مليئة بالتحديات وأيام الشك، لكنها أيضاً مليئة بالأمل والدعم.
رسالتها واضحة: القيمة الحقيقية للإنسان لا تُقاس بالميزان. ومن خلال قصتها الصادقة، تساعد الآلاف على إدراك أنّ التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل. لوفاتو لا تزال في رحلتها، لكنها أثبتت أنّ الشجاعة لا تكمن في الوصول إلى "جسد مثالي"، بل في مواجهة الذات وتعلّم حبّها كما هي.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.