للنساء قصص ملهمة في كل وقت وكل زمان، وكلما زادت تحديات المجتمع من حولهن، زاد إصرارهن على تقديم قصص نجاح مذهلة وملهمة للجميع؛
بإصرار وتحفيز ذاتي كلياً، تحولت من زيادة الوزن والسمنة، إلى ممارِسة تمارين رياضية قوية بانتظام ودأب، إلى تحوّلها لمدربة رياضية، في وقت لم يكن متاحاً فيه للمرأة السعودية مساحة لممارسة الرياضة بحرية، عدا عن تعلّمها وتعليمها للأخريات.
وكان لنا لقاء حصري مع روان، لنتعرف إليها عن قرب، فألهمتنا شخصيتها القوية والمحفزة الكثير مثلما ألهمتنا قصتها على طريق الرياضة الاحترافية:
- عرِّفينا إليك أكثر؛ من أين أنت؟ هل لديك مهنة أخرى غير التدريب الرياضي؟ ما هي اهتماماتك؟
أنا سعودية من جدة. زوجة، وأم لابنتين، ليان 13 سنة وتالية 9 سنوات. امتهنت الرياضة الاحترافية، ومالكة مشاركة في تأسيس
SWEAT Army Gym، نادٍ رياضي للسيدات، كمدربة لياقة معتمدة من الولايات المتحدة. وأقدم برنامج تدريبي لمن ترغب في أن تكون مدربة رياضية، فمن خلال برنامج رياضي متكامل، تمنح من تكمله شهادة معتمدة من المركز. اهتماماتي يمكن تلخيصها بأسلوب الحياة الصحي؛ أهتم بكل ما يخص الرياضة، وكيف أعيش حياة صحية مفعمة بالحيوية والطاقة والنشاط، وخالية من الأمراض. فمن أولوياتي أن أكون مثالاً جيداً لبناتي، نسعى دوماً كعائلة إلى الحفاظ على صحتنا ونشاطنا، ونمارس معاً رياضات مختلفة مثل التنس وكرة السلة والركض.
- ما الذي دفعك إلى دخول عالم الرياضة خاصة وأنه في عالمنا العربي، يُعرف بأنه عالم ذكوري الطابع؟
بعد ولادتي لابنتي الثانية، اكتسبت وزناً من الحمل، وصل إلى 28 كغم، ما أصابني بالاكتئاب وشعرت بأني خسرت رشاقتي ولياقتي إلى الأبد. ولكن بعد ثلاثة أشهر من الاكتئاب، قررت أني لن أستسلم، وسأبدأ بممارسة الرياضة. في ذلك الوقت تعرّفت إلى تمارين قوية، معروفة باسم Insanity، والتي كانت بالغة الصعوبة بالنسبة إلي، ولكني ثابرت وقاومت رغبتي في الاستسلام. فالتزمت بمتابعة تماريني، وبحثت أيضاً عن أنواع الغذاء الصحي والحرص على تناوله؛ بعد أسبوعين فقط أدهشتني نتيجة التزامي ومثابرتي من تغيير ظهر بتلك السرعة على قوامي وصحتي. شجعني ذلك التغيير على الاستمرار، وبعد ثلاثة أشهر فقط من بداية تماريني، وصلت لوزن صحي لم أصل له من قبل، ولا حتى قبل حملي، وصار قوامي ممشوقاً وأكثر رشاقة. هذا الأثر الذي رأيته من الرياضة والأكل الصحي وقدرتهما على تغيير جسم الإنسان وتحسين صحته النفسية والجسدية معاً، حفزني لأتعمق أكثر في مجال الرياضة وقررت دراسته والاحتراف فيه، لأشارك هذا الشعور بالصحة والخفة والنشاط مع نساء محرومات منه؛ ولا أقصد فقط الحصول على وزن مثالي أو قوام رشيق، وإنما التحسن الكبير الذي يحدث للحالة النفسية مع ممارسة الرياضة، والذي شعرت بضرورة مشاركته مع الأخريات.
- و أي نوع من الرياضة تمارسين بالتحديد؟
أستمع جيداً لجسمي، وأمارس الرياضة التي أشعر أن جسمي يحتاج إليها. فأنا أؤمن بتنوّع التمارين الرياضية؛ فأمارس حمل الأوزان لتقوية عضلاتي، وأمارس الركض وقفز الحبل لتقوية القلب، وأمارس البيلاتس واليوغا للمرونة وتمديد العضلات؛ فالجسم يحتاج إلى الرياضات القوية ورياضات أقل شدة وأكثر استرخاء، ليحقق الفائدة القصوى من هذا التنوع، صحياً ونفسياً.
- عدا عن الحفاظ على الرشاقة، لماذا ترين الرياضة مهمة؟
الرياضة تبعد الشعور بالتقدم في السن، وتحسن الحالة النفسية كثيراً فطالما حرصت على نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، لن تشعري بالكِبَر أو الإرهاق.
- كيف استطعتِ دخول هذا المجال الرياضي والنجاح فيه، رغم كل التحديات التي تواجه المرأة في المجتمع السعودي؟
بدأت هذا المجال قبل ثماني سنوات، فكنت من أوائل المدربات السعوديات في وقت كانت المدربات الأجنبيات فقط هن المتعارف على وجودهن في هذا المجال؛ فكان حدثاً غريباً وجديداً على مجتمعي. ولكن التغيير الذي لاحظه من حولي عليّ، وعلى من يتدرّبن في مركزي، شجع الكثيرات على الإقدام على ممارسة الرياضة، وفتح الطريق أمام الكثيرات ليصبحن مدربات رياضيات، ناجحات في مجالهن الذي يصير أكثر نجاحاً يوماً بعد يوم، وتقبل عليه الكثيرات بصورة أكبر من السابق.
- ما هي الصعوبات التي اعترضتك وكيف تغلبتِ عليها؟ مَن ساندك؟
لأن الرياضة لم يكن مصرّحاً بها في السعودية، فقد بدأت بممارسة الرياضة في منزلي، واستغنيت عن صالة استقبال الضيوف وحولتها إلى النادي الخاص بي لأتدرب وأدرّب فيه؛ وهو الأمر الذي كان صادماً لعائلتي في البداية، ولكن شغفي حفّزني على المواصلة، ورفض الاستسلام لعدم وجود مكان مناسب للتدريب. وقد ساندني زوجي كثيراً في هذا القرار وشجعني للاستمرار في المجال والخوض فيه بإقدام.
- و مَن كان مصدر إلهامكِ خلال تجربتك في عالم الرياضة؟
أرى المدرب الشهير Tony Horton مؤسس البرنامج الرياضي P90X الشهير مثلي الأعلى ومصدر إلهامي، فهذا البرنامج كان من أوائل البرامج التي بدأت بها طريقي في عالم الرياضة.
- تشهد المملكة العربية السعودية العديد من الإصلاحات تحسن من حياة المرأة في المجتمع السعودي؛ ما هي الإصلاحات الإضافية التي تتمنين تطبيقها؟
من خبرتي في التدريب الرياضي، وتحديداً تدريب البنات في المدارس، لاحظت أن هناك الكثيرات موهوبات رياضياً بالفطرة، خاصة في رياضات الركض والسباحة، ولكن عدم وجود تحفيز أو مسابقات تنافسية أو حتى أماكن مخصصة لتدريب وتنمية هؤلاء الموهوبات منذ الصغر، يضيّع عليهن فرص المشاركة في مسابقات أولمبية أو عالمية، فأتمنى أن يتوافر في المملكة معاهد ومراكز رياضية متخصصة في تنمية المواهب واحتضان البنات الموهوبات رياضياً منذ الصغر، وسنتمكن من تكوين فرق رياضية متميزة ومتمكنة من المنافسة عالمياً.
- ما هي نشاطاتك المقبلة؟ هل تشاركين في أي مبارايات أو بطولات قريباً؟
أتمرن حالياً لأتمكن من المشاركة في سباق ماراثون قريباً.
- على المستوى الشخصي، ما الذي تحلمين بتحقيقه قريباً؟
أتمنى نشر الوعي الصحي والرياضي بصورة أوسع في المجتمع السعودي، خاصة بين النساء. كما أتمنى المشاركة في منافساتIron Man قريباً.
- و على المستوى العام، ما الذي تتمنين تحقيقه خلال العام 2019؟
أتمنى استمرار هذه الصحوة الرياضية والصحية، وأن نسعى إلى تحقيق أهدافنا دون تردد أو خوف من الفشل. كما أتمنى أن تُتاح فرص أكبر للمشاركة في المسابقات والمنافسات الرياضية على مدار العام، مع تشجيع النساء والأطفال من مختلف الأعمار على المشاركة، لكي نتخلص من انتشار زيادة الوزن والسمنة الموجودة في مجتمعنا، ونتمكن من مقاومة أمراض مزمنة تسببها زيادة الوزن مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية، من خلال زيادة معدلات الحركة وتحسين نوعية الطعام.
مقابلة ملهمة على الإصرار والمثابرة، ومواجهة كل التحديات لتحقيق حلمك أيًا كان، خاصة إن كان على طريق الصحة والرشاقة، فلا تتخلّي عن حلمك أبداً.