في قصر "أشربي" الباروكي Palazzo Acerbi، قدّمت إليزابيتا فرانكي عرضها لربيع وصيف 2026، حيث تحوّل الفضاء التاريخي المهيب إلى ما يشبه صالوناً حميماً تضيئه أجواء من الغموض والأنوثة. هذا الموقع المشحون بالرمزية شكّل نقطة انطلاق لمجموعة بنيت على فكرة الازدواجية: القوة والرقة، الإغراء والبراءة، الصرامة والانسيابية.
منذ الإطلالة الأولى، برز التناقض المدروس بين القصّات الحادة والملابس الانسيابية. السترات ذات الأكتاف المحددة مع الخصر الضيق رافقتها سراويل كابري، لتقدّم صورة امرأة تجمع بين الحدة الذكورية والجاذبية الأنثوية. في المقابل، حضرت الفساتين الجيرسيه التي التصقت بالجسد عبر طيّات وقصّات مفتوحة وتفاصيل عند الصدر والظهر، فاستحضرت لغة الحركة والحميمية. أما الشراريب، فقد جاءت كعناصر نابضة بالحياة، تزيّن جاكيتات بايكر، فساتين شيفون شفافة، وتنورات من الجلد أو "تريبولينو"، في إشارة إلى أنوثة أكثر حرية وحيوية.
القطعة الأيقونية في العرض كانت المعطف الطويل المبالغ في حجمه، الذي امتد حتى الأرض وحمل بُعداً وظيفياً وسحراً إغوائياً في آن واحد، ليجسّد جوهر المجموعة. لكن فرانكي لم تكتف بالقصّات، بل ذهبت أبعد في اختبار المواد: شبكات مطرزة بالخرز امتدت على التول والكروشيه، الساتان طُبع ليحاكي جلد النعامة، والدنيم تمزّق بجرأة ليلامس حافة التمرّد. كل هذه التقنيات منحت الأقمشة بعداً حسياً وملموساً.
أما لوحة الألوان، فتأرجحت بين العتمة والنعومة: الأسود، الوردي البودوار، لون الزبدة والعاري، بينما جاءت الأساور المعدنية المتراكبة كفواصل لامعة تشدّد على الطابع القوي. والنتيجة صورة امرأة واثقة، مغناطيسية، تعرف كيف توازن بين حضورها الصارم وهشاشتها الخفية.
في المجمل، حافظت إليزابيتا فرانكي على هوية الدار الراسخة، لكنها في الوقت نفسه فتحت الباب أمام خطاب أكثر تنوعاً حول الأنوثة. إن كان المعطف الطويل رمزاً للثبات، فإن الشراريب والفساتين السائلة مثّلت توقاً إلى حرية التعبير. العرض قدّم توليفة مغرية ومتماسكة، وربما آمنة في بعض لحظاته، لكنه بلغ ذروته عندما سمح للأقمشة والحركة بأن تحكي القصة كاملة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.