إن كنتِ من المطلعين على تاريخ دار بولغري و تعشقين تصاميمها من المجوهرات الباهرة التي تمتاز بأسلوبها الخالد الذي يتحدّى الزمن، فأنت تدركين حتماً أهمّية "الأفعى" بالنسبة لهذه الدار الإيطالية العريقة.
الأفعى عبر التاريخ اشتهرت بقدرتها على إغواء فريستها والاستحواذ على مشاعرها، فليس هناك من حيوان غير الأفعى تُنسب إليه قدرة كهذه. ومن جانبها، فقد اشتهرت دار
بولغري هي الأخرى، بصفتها سيدة القيم والمثل الجمالية، بامتلاك قدرات مماثلة.
واحتفاءً منها بهذا الحيوان الذي يجسد روحية الدار، أطلقت دار بولغري مجموعتها الجديدة من مجوهرات سربينتي بأشكال غير مسبوقة تعكس جرأة الأفعى المتأصّلة فيها. وإذ أعيد تصويرها بتصاميم مذهلة جديدة كلياً، ففي عام 2016، تتركز مفردات هذه المجموعة في المقام الأول على قوة نظرات الأعين. وبينما هي تتألق بتعبيرات متعدّدة الجوانب للإغواء والجاذبية، تأتي الخواتم والأساور والقلائد النفيسة تكريماً لـ"رأس الأفعى" بتصاميمه التي تتقد شغفاً وولعاً. والحق أن أي حجر كريم مماثل للعين على نحو خارق للطبيعة: فلكل منها خصوصيته وتفرّده مثلما هي حال قزحية العين. ولا بد أن هذا التماثل ينطوي على جاذبية آسرة.
ما جديد تصميم رأس الأفعى؟
بينما هي تحيط بالأصابع وتلتف حول المعاصم وتتعلق بالآذان وتتدلى حول الأعناق، فإن نتاجات هذه المجموعة تتميز بتعدد أشكالها وبسماتها الإبداعية في الوقت عينه. واحتفاءً بجاذبية الجوهرة – أو العين – وفتنتها، فقد تركزت تصاميم الإبداعات الجديدة على النظرة الآسرة التي تتمتع بها الأفعى. وفي جوهر هذه التصاميم يقع رأس الأفعى النفيس المستوحى من أشكال "أفاعي" دار بولغري التي أطلقتها في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته والتي أعلنت مولد هذا العنصر الخطير من جسد الأفعى رغم جماله الخلاب. وفي مختلف تفسيراته وتمثيلاته – سواء حين يمسك رأس الأفعى بذيلها بينما هي تطوق الأصبع أو الرسغ، أو يتدلى بشكل قلادة في أول تصميم لمجموعات سربينتي على الإطلاق – فإن الرأس قد يأتي مدبباً أو مستديراً، مسطحاً أو ثلاثي الأبعاد، اعتيادياً أو متوهّجاً بالماس المرصوف. والرأس في كل أشكاله هذه أضحى شاهداً على ما تتمتع به دار بولغري من تميز وعراقة، فيما تكشف كل تحفة من تحف هذه المجموعة بكل جلاء عن مدى خبرات صانع المجوهرات الروماني وقدراته الإبداعية. وثمة ملمح آخر استمدته دار بولغري من حقبة ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، وذلك هو التوظيف الرائع لشكل الحراشف السداسي في تكرار لفكرة قديمة بأسلوب عصري محدّث؛ وقد أتاح هذا العنصر التصميمي الأصيل إضفاء إمكانية التطوير والتفنن في تصنيع الأشكال والأنماط الحرفية الفنية. وفي سياق الخروج بنسخة مكرّرة لجمال حراشف الأفعى الطبيعي، أمكن توليد التأثير الآسر لنتاجات هذه المجموعة وتصويره بأساليب لا تُعدّ ولا تُحصى من خلال المعادن شبه النفيسة والأحجار الكريمة، ومن هذه – مثلاً – التصاميم النهائية للأساور المرصوفة كاملة بالماس والتي تطوّق المعاصم بخفة ورشاقة، أو اللمسات المنقوشة على "حراشف" الخواتم المصنّعة من الذهب الزهري، أو النقوش ذات الزوايا المحفورة في أعلى رأس الأفعى. وهكذا، فقد اتسمت هذه التصاميم بالمرونة وقابلية التكيّف فبات ممكناً ارتداؤها نهاراً وليلاً. وكانت دار بولغري قد خلصت لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي إلى فكرة استنباط مجوهرات "معيارية"، سرعان ما تحولت إلى أحد المعالم المهمة في أساليب صانع المجوهرات الروماني وتصاميمه. ولأنها أتاحت للمرأة العصرية خيار تعددية استخدامها، فقد أسهمت هذه المجوهرات في توسيع حدود طرق ارتدائها زماناً ومكاناً. ومذ ذاك، أصبحت هذه المجوهرات المعيارية من الأكسسوارات الرئيسية للأنثى العصرية بفضل تعدد استخداماتها وحداثتها وجرأة أناقتها.
ملكة مجموعة سربينتي
في ذروة هذه الجاذبية الشديدة التأثير تأتي القلادة الرائعة ضمن مجموعة سربينتي للمجوهرات الراقية كي تتسيد هذه المجموعة وكأنها ملكة نهر النيل في مصر القديمة. وفي هذه القلادة، يطوق جسم الأفعى، المصنّع من الماس الرائع والزمرد الأخضر النادر، رقبة الأنثى؛ وهناك تبلغ القلادة أوج روعتها في رأس الأفعى المذهل الذي يمثل الجزء الرئيسي منها. ومع نظراتها "الخضراء" العميقة الثاقبة، تكاد هذه التحفة الفنية الراقية تتحدث عن مدى نفاسة أحجارها الكريمة. ولأن رأس الأفعى هو الجزء الأخطر والأكثر جاذبية وسحراً في جسدها، فقد بات يشكل العنصر الغالب وسط مجموعة المجوهرات الراقية هذه. وإذ يتدلى في أعلى ثياب الأنثى المكشوفة الصدر، يُطلق رأس الأفعى نظراته من عينين آسرتين من الزمرد المتوهج، بينما هو يتمايل مع حركة الأنثى التي ترتديه.
القوة الآسرة
الكثير من الأساطير تتحدث عن قدرات أعين الأفعى على أسر الألباب والاستحواذ على المشاعر، بل يبدو أن بمقدورها شلّ حركة فريستها قبل الإجهاز عليها، إذ هي تنسلّ زاحفة بنظراتها الثابتة لتقترب رويداً رويداً من هدفها الذي يبدو مشلولاً فزعاً ورهبة. وليس ثمة تفسير علمي لهذه الظاهرة، ولا شيء سوى الفرضيات. وليس هناك، في واقع الحال، من سبيل لمعرفة ما يمكن أن يحدث للفريسة في لحظاتها الأخيرة وهي أسيرة نظرات الأفعى التي لا تمنحها أي فرصة للخلاص. وقد أجريت مقارنات عديدة بين قدرات مماثلة كهذه قد يمكن للمرأة امتلاكها فتحقق غايتها بمجرد نظرة واحدة ليس إلا.. فهي تتطلع إلى من يستهويها، لتقول له عبر عينيها ما تريد قوله، وتنسلّ نحوه بنظراتها الثابتة لتفرض عليه تأثيرها القوي عبر المرايا التي تعكس ما يختلج في أعماق روحها. أما "هو" فتتجمّد حواسّه، ولا يعود يذكر أو يرى شيئاً "سواها"، فيغدو أسيراً لها.
لكل عين خصوصية
من ناحية ثانية، و شأنها شأن الجوهرة، ليس هناك عين تشبه عيناً أخرى على الإطلاق.. وقزحية أيّ عين تُعدّ فريدة من نوعها تماماً، كلّ بتركيبتها الجينية الخاصة بها. وعلى نحو مماثل، فإن لون جوهرة ما وطبيعة وشكل مكوناتها أو المعادن التي تدخل في تركيبتها يمكن أن تزيح النقاب عن أصولها وتاريخها وخواصّها التي تتفرد بها. فليس هناك حجر كريم يتطابق في خصائصه مع حجر آخر. والأحجار الكريمة عامة إنما هي "البصمات الحقيقية لأصابع الطبيعة". إضافة إلى ذلك، فإن هذا الحجر النفيس أو ذاك يرتبط تاريخياً بأساطير وقوى سحرية تجعل منه معجزة لا نظير لها، وتكشف عن "شخصيته". وقد يجوز القول إن الأحجار الكريمة هي الأعين الملوّنة للطبيعة الأم نفسها. ولأن دار بولغري أدركت روعة هذه الحقيقة المذهلة فقد سلطت الضوء على سحر الأحجار الكريمة وجمالها في الأعين الآسرة التي تتميز بها "أفاعي" مجموعة سربينتي الجديدة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.