يمثّل معرض "بينالي دي أنتيكير" (Biennale des Antiquaires) الذي يقام في باريس حدثاً هاماً يستقطب هواة جمع المقتنيات الثمينة من شتى أنحاء العالم. ويجمع المعرض تحت السقف الزجاجي المهيب في "القصر الكبير" (Grand Palais) مجموعة من القطع التي تمثل فترات زمنية وحركات فنية متنوعة في عرض يروي قصة أهم الأعمال الفنية بدءاً من عصر النهضة حتى يومنا هذا، ويحتفي بإنجازات روّاد الفن السبّاقين لعصرهم الذين قدموا إبداعات بروح حرّة ومنطلقة، حيث أدّت خياراتهم المدروسة وأساليبهم الأصيلة والفريدة إلى ظهور اتجاهات عزّ نظيرها رغم محاولات تقليدها.
وفي هذا الصدد، كشفت دار "دي غريزوغونو" في قلب القصر الكبير عن مجموعة من المجوهرات الراقية المرصّعة ببعض أكثر الأحجار الكريمة جاذبية والمتمثلة في أحجار ألماس فائقة الجودة. فهذه الأحجار بغاية البياض وتكاد تكون معدومة اللون ونادرة النقاء وبأحجام كبيرة وأوزان عالية تسهم بفعالية كبيرة في إبراز وهج التألق البديع لأشكال القطع الأصيلة. واستحقت المجموعة بجدارة اسم "FOLIES" أي "الجنون"، لا سيما أنها تشيد بالإبداع الجامح والاختيارات الجريئة والنهج غير التقليدي الذي اعتمده مبدعها فواز غريوزي. فلطالما كانت موهبة الحرية الغامضة رفيقة دربه، حتى غدت الطابع المميز لأسلوب علامة "دي غريزوغونو".
ترسخت رؤية المصمم فواز غريوزي في عام 1996 عندما دفع باتجاه استخدام الألماس الأسود، ذلك الحجر الغامض الذي يُعرف باسم (carbonado) والذي أضحى بمثابة علامة فارقة ورمزاً مميزاً لدار "دي غريزوغونو". وقد أسهم فواز غريوزي مستهدياً بنهجه اللانمطي في نشأة أساليب ثورية من خلال استكشافه لمواد وأحجار غير مألوفة اعتبرت سابقاً غير ملائمة للاستخدام في صناعة المجوهرات. فمن خلال دمج الألوان واستخدام تقنية "الجلاء والقتمة" (وهي تقنية تعتمد على الاستخدام الأمثل للضوء والظلال في تكوين التفاصيل) والتغليف بالروديوم الأسود؛ تمكن فواز غريوزي من إعادة صياغة رموز فن صناعة المجوهرات دون أن يخشى تخطي الحدود المعروفة بين مجالات الفنون المتنوعة.
واستخدم غريوزي مجموعة متنوعة من الأحجار الكريمة الكبيرة الحجم ليزيد من أحجام قطعه. ومن الواضح أنه يستمتع بإثراء مجموعة الألوان التقليدية للأحجار الكريمة المستخدمة في ترصيع المجوهرات بألوان جديدة وغير مألوفة في عالم المجوهرات. كما قدم تقنية ترصيع مبتكرة تتيح للأحجار الكريمة أن تشع بكامل بريقها وتألقها، فلم يغفل حتى عن تلك الأحجار الكريمة الموجودة على مخالب التثبيت التي تمسك بالحجر المركزي. وتزين الوجه الداخلي لهذه الإبداعات من المجوهرات بتخريمات دقيقة اتخذت أشكال زخارف حلزونية لتكون بمثابة رسالة سريّة موجّهة حصرياً للمرأة التي ترتديها فتعقد معها أواصر علاقة متينة، بينما أتاح إتقان دار "دي غريزوغونو" لتقنيات الصياغة التقليدية إمكانية المضيّ قدماً في تطوير نهجها الإبداعي الخاص بها. وبناءً على ذلك، تمكن غريوزي من تطوير أساليب تعبير مبتكرة وتبعث على الدهشة في عالم المجوهرات.
وتأتي مجموعة (FOLIES) لتتخطى كافة ما أجادت به مخيلة صانع المجوهرات المبدع فواز غريوزي. فمن خلف مظهرها الكلاسيكي الذي يبدو تقليدياً للوهلة الأولى نتيجة ترصيعها بالألماس، تبث إبداعات هذه المجموعة نفحات من الإبداع الخلاّق، حيث تداخل بريق الألماس مع الألوان الحيوية للزمرّد والياقوت والسافير الأزرق والعقيق والألماس الأسود، لتضفي إبداعات "دي غريزوغونو" المميزة نفحات من الجرأة والجنون على معرض "بينالي دي أنتيكير" في دورته الثامنة والعشرين.
كلمات مفتاحيّة:
اكسسوارات،