مقابلة خاصة تروي لنا قصة علامة Nazeerah، وكيف تعكس إرثاً عائلياً وتجسّد المعنى الحقيقي للاستدامة | Gheir

مقابلة خاصة تروي لنا قصة علامة Nazeerah، وكيف تعكس إرثاً عائلياً وتجسّد المعنى الحقيقي للاستدامة

موضة  May 22, 2025     
×

مقابلة خاصة تروي لنا قصة علامة Nazeerah، وكيف تعكس إرثاً عائلياً وتجسّد المعنى الحقيقي للاستدامة

بكل حب واعتزاز، تنسج علامة "Nazeerah" خيوطها من جذور شخصية عميقة، تبدأ من قرية صغيرة في صعيد مصر، حيث كانت الجدة "نظيرة" تخيط الأمل بيديها في ثياب نساء وأطفال مجتمعها. في وقت لم يكن فيه عمل المرأة مقبولًا، وقفت بثبات، لتصبح رمزاً للصلابة والإبداع. من بين حقول القطن التي عمل فيها الجد والأب، إلى يدها التي حوّلت القماش إلى حياة، وُلدت رؤية "Nazeerah" القائمة على الإنتاج المحلي والعدالة البيئية. في حوارنا هذا مع المصممة إميلي مخايل، نستكشف كيف تحولت ذكريات عائلية وملامح تراث مصري أصيل إلى علامة أزياء معاصرة، تتبنى الموضة المتجددة، وتحتفي بالحِرفية، والاستدامة الحقيقية بروح نسائية ملهمة.

تحمل علامة "Nazeerah" قصة شخصية جميلة في جذورها. هل يمكنك إخبارنا كيف كانت جدتك مصدر الإلهام وراء رسالة العلامة؟

جدتي، Nazeerah، كانت تجسيداً للصلابة والعزيمة، ولا تزال روحها مصدر إلهام دائم في كل ما أقوم به. كانت خيّاطة في قريتها بصعيد مصر، قرب مدينة سوهاج، وكانت تخيط الملابس للنساء والأطفال في المجتمع المحلي. رغم أن عمل المرأة في ذلك الزمن لم يكن مألوفاً ولا مقبولاً اجتماعياً، إلا أنها شقت طريقها بجرأة. توفي زوجها، جدي، عندما كان والدي في الثانية عشرة من عمره، وكان يعمل وسيطاً بين مزارعي القطن والمصانع. أما والدي، فكان يحصد القطن بعد المدرسة ليساعد الأسرة. كنت أجد في رحلة زهرة القطن من يد والدي، إلى جدي، إلى المصنع لتحويلها إلى قماش، ثم إلى يدي جدتي التي تخيط منها الملابس، قصيدة حية، وشاهداً على إمكانية إنتاج الأزياء محلياً ضمن سلسلة توريد إقليمية مكتملة — وهو ما نسعى لتحقيقه اليوم في Nazeerah.

ما دلالة اسم Khepri ؟ وكيف يعكس فلسفة مجموعتك الجديدة؟

Khepri هو اسم إله الجعران في مصر القديمة، رمز التجدد وبداية يوم جديد. كان يُعتقد أنه يرفع الشمس عبر السماء، جالباً النور مع كل صباح. الجعران لم يكن مجرد رمز عند المصريين القدماء، بل انعكاس لدورة الحياة الطبيعية — حيث يقوم بدفن المادة العضوية وتحويلها إلى تربة غنية بالمواد المغذية، محافظاً بذلك على خصوبة الأرض وتوازنها البيئي. استلهمنا هذه الدائرة الطبيعية عند تصميم مجموعة Khepri Capsule، فجعلناها خالية تماماً من البلاستيك، قابلة للتحلل، ومصنوعة في أغبلها من قطن مصري مزروع وفقاً لمبادئ الزراعة الحيوية. رغبت في أن تجسد هذه المجموعة مفهوم التجدد، لا في صناعتها فحسب، بل حتى في عودتها إلى الأرض عند انتهاء استخدامها.

ما الذي ألهمك من حيث التصميم الجمالي والوظيفي في مجموعة Khepri؟

أردت أن يتحدث القماش بنفسه. اخترت تصاميم بسيطة لا تُشتت النظر عن نسيج القماش وجودته. في ثلاث قطع من المجموعة، استخدمت الطيات لابتكار الشكل، بدل استخدام أقمشة إضافية أو مطاط لتشكيل الأطراف. استلهمت التفاصيل من الزي المصري التقليدي مثل فتحة العنق في الجلابية، واستحضرت أيضاً البنطال الواسع الذي كان يرتديه الصيادون في منطقة بورسعيد حتى منتصف القرن العشرين. أما من ناحية الاستخدام، فحرصت على أن تكون القطع مريحة، عملية، وتتماشى مع حياة المرأة العصرية دون أن تفقد تميّزها.

من هي المرأة التي تتخيلينها ترتدي هذه المجموعة؟ وكيف تأملين أن تنسجم مع يومياتها؟

أتخيل امرأة نشيطة، تحب أن تبدو أنيقة وواثقة، ولكنها لا ترغب في التفكير كثيراً بما ترتديه.
امرأة تنتقل من توصيل أطفالها إلى المدرسة، إلى اجتماع في العمل، ثم تنهي يومها بحضور عشاء مع الأصدقاء. كل ما عليها تغييره هو الحذاء وبعض الإكسسوارات. في كل تصاميم Nazeerah، أحرص على أن تكون قابلة للتنسيق بسهولة، فتصبح قطعاً أساسية في خزانتها، لأن الاستدامة الحقيقية تعني أن نرتدي القطعة الواحدة مراراً وتكراراً.

تؤكدين على استخدام القطن المصري العضوي المتجدد. ما الذي يميز هذا القطن من حيث الجودة والأثر البيئي؟

القطن المصري العضوي المتجدد يجمع بين الفخامة التي اشتهر بها القطن طويل التيلة — من نعومة ومتانة — وبين زراعة تُعيد الحياة إلى التربة وتمتص الكربون من الجو.
في الماضي، كانت أراضي المزارعين تُروى سنوياً بفيضانات النيل، حاملة الطمي الغني الذي يُغني التربة طبيعياً. يقول والدي إنهم لم يعرفوا الأسمدة أو المبيدات، بل عملوا في انسجام مع الطبيعة. اليوم، يعمل مزارعون جدد بروح مشابهة، باستخدام السماد الطبيعي والنباتات المفيدة والحشرات التي تحافظ على المحاصيل. أشعر بالفخر أن نكون جزءًا من هذا التحول المستدام.

وُصفت مجموعتك بأنها خالية من النفايات وقابلة للتحلل. كيف ضمنتِ أن كل تفصيلة — حتى الأزرار — تدعم هذا الهدف؟

كانت مهمة شاقة، ولكنها تستحق كل الجهد. خضع كل عنصر في المجموعة لاختبار دقيق، حتى طبقنا ما نسميه "اختبار الاحتراق" — لأن البوليستر يذوب عند تعريضه للهب.
الأزرار صُنعت من مواد طبيعية كالصَدَف والقرون، المشابك من المعدن الخالص، والمطاط المستخدم في الخصر مصنوع من اللاتكس الطبيعي والقطن العضوي. حتى اللصق الداخلي والبطاقات الداخلية صُنعت من القطن، وطُبعت يدوياً. أما التحدي الأكبر فكان في خيوط الخياطة. اعتقدنا أن إنتاجها بمواصفاتنا أمر مستحيل، حتى وصلنا بريد إلكتروني من شركة صغيرة في البرتغال تعرض خيوط "تينسل" قابلة للتحلل، وبهذا اكتمل حلمنا.
حتى التغليف مصنوع من ورق 100%، بحثنا عنه وصممناه بعناية لأنه لا يوجد بديل بلاستيكي خالٍ في السوق المحلي.

ما معنى "المتجدد" في عالم الموضة؟ وكيف يختلف عن الاستدامة التقليدية؟

مصطلح "المتجدد" غالباً ما يُربط بالزراعة، لكنه في رأيي يتجاوز ذلك بكثير.
في عالم الموضة، الاستدامة المتجددة تعني استخدام مواد منسجمة مع البيئة، ولكن أيضاً أن نتعامل مع كل من يشارك في سلسلة الإنتاج — من المزارع إلى الحرفي — بعدالة واحترام.
هي نهج شامل، يعتمد على تقليل البصمة الكربونية، وتفضيل المواد المحلية لدعم الاقتصاد المحلي، واستخدام خامات عالية الجودة لضمان استدامة الاستخدام. في نهاية دورة حياة القطعة، يجب أن يكون بالإمكان إعادة تدويرها أو حتى تحويلها إلى سماد يغذي التربة — لتعود إلى أصلها. أما "الاستدامة" بصيغتها الشائعة اليوم، فأصبحت تُستخدم بشكل فضفاض. يكفي أن تُضيف علامة تجارية القليل من القطن العضوي أو البوليستر المعاد تدويره لتصف نفسها بالمستدامة، حتى لو كانت باقي العمليات تضر البيئة. الموضة المتجددة لا تكتفي بالحفاظ على الوضع القائم، بل تعمل على تحسينه والارتقاء به لصالح الإنسان والطبيعة.

الصناعة الأخلاقية

ما الذي يجعل التصنيع الأخلاقي من أساسيات Nazeerah وكيف تضمنون الشفافية والعدالة في سلسلة التوريد؟

نحن محظوظون بأننا نعمل مباشرة مع المزارع، المصانع والموردين، دون الاعتماد على تقارير خارجية. بفضل خبرة محمود التي تمتد لأكثر من 20 عاماً في صناعة الأزياء بمصر، استطعنا بناء علاقات مباشرة تتيح لنا زيارة المصانع يومياً، ومتابعة ظروف العمل وجودة الإنتاج بأعيننا.
نحن نعرف مصدر كل خامة، وعند الإمكان نزور المصدر بنفسنا.
التصنيع لا يقتصر على خياطة القطعة فقط، بل يشمل مصانع النسيج، الصباغة، الأزرار، السحابات، وحتى أدق التفاصيل — وهي شبكة معقدة تمكّنا من تتبعها بالكامل، ما يمنحنا شفافية تامة مع عملائنا.

الحِرفية

حدثينا عن شراكتك مع محمود الجزار. كيف أثّرت على فلسفة Nazeerah ..


Nazeerah لم تكن لتُبصر النور لولا محمود. قبل أن أتعرف عليه، أمضيت سبع سنوات أحاول إطلاق العلامة دون جدوى. للأسف، ما زالت صناعة الأزياء، خصوصاً في مجال التصنيع، يهيمن عليها الرجال. معظم المصانع مملوكة من الرجال، ومعظم من يشغلون المناصب القيادية رجال. كوني امرأة جديدة على هذا المجال، وأحاول التصنيع في مصر، لم أُؤخذ على محمل الجد.
وجود محمود كشريك، وبفضل علاقاته القوية، منحني المصداقية والنفاذ إلى أفضل الموردين والمصانع، وهو ما أتاح لنا تنفيذ أول مجموعة.

كيف تتعاونين مع المزارعين والحرفيين المصريين لتحويل رؤيتك إلى واقع؟

نتعاون مع منظمة محلية قرب القاهرة، تُدرّب المزارعين على الزراعة الحيوية. أحب زيارة المزارع، وسماع قصص المزارعين الذين توارثوا الأرض أبا عن جد، وترتبط حياتهم بها روحياً.
نأمل أن نُحدث طلباً كافياً على هذا النوع من القطن، ليُشجّع باقي المزارعين على التحول إليه.
أما الخيّاطات، فبعضهنّ بدأن الخياطة في سن المراهقة، واليوم في الستينات، ويواصلن عملهن بشغف وفخر. أرى جدتي في عيونهن، ويُلهِمنني ألا أتوقف. أياً كان من أتعامل معه، أحاول أن أكون تلميذة، لأنهم يحملون من المعرفة ما يفوق كل الكتب، ودائماً أخرج من هذه التجارب بشيء جديد.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الموضة