في شوارع باريس هذا الموسم، تبدو أزياء الشارع وكأنها منصّة عرض حقيقية، حيث تتلاقى الجرأة مع الرقيّ في لوحة بصرية تعكس روح العصر بكل عفويتها. في الصورة الملتقطة من فعاليات أسبوع الموضة لملابس الرجال، تتبدّى ملامح واضحة لصيحات صيفية بامتياز، على الأرجح أنك ستتألقين بها طوال أشهر الصيف.
القصات الواسعة
أولى الملاحظات البارزة هي حضور القصّات الواسعة بقوة، إذ ظهرت أكثر من إطلالة تعتمد البنطلونات الفضفاضة والقمصان المريحة ذات الأكمام الواسعة، في محاولة لإضفاء حركة وانسيابية على الإطلالة، وهو خيار يعكس المزج بين الراحة والستايل، خصوصاً في درجات الحرارة المرتفعة. وهذا النمط ليس مجرد صيحة، بل هو إعلان عن تحوّل في نظرة المرأة لأزيائها: من ملابس مفروضة إلى قطع تخدمها دون أن تتخلّى عن جرأتها وأنوقثتها.
الكثير من الشفافية
أما الأقمشة الشفافة، فقد فرضت نفسها كعنصر أساسي في التوليفات اليومية، معتمدة على التلاعب بالطبقات والتناقض بين المكشوف والمستور. ظهرت إحدى الفتيات بقميص أبيض شفاف مزيّن بتفاصيل ملوّنة، نسّقته مع تنورة قصيرة جداً مزيّنة بالفراء الصناعي النعناعي، ما أضفى على الإطلالة لمسة تجريبية، تستحضر روح الشباب والمغامرة وتبرز الجسم دون أن تكون مبتذلة.
مونوكروم الأبيض والأسود
في المقابل، برزت ثنائية الأبيض والأسود كلغة بصرية أنيقة لا تفقد بريقها. اختارت إحدى الشابات لوك أنيق من توب أسود غير متناسق، مع تنورة بيضاء طويلة ملساء، بتصميم مفعم بالهدوء والبساطة، لكنه مشغول بعناية فائقة. هذه الإطلالة تمثل "الأقل هو الأكثر"، وتُظهر كيف يمكن للبساطة أن تكون مثيرة إذا ما قُدّمت بذكاء في القصّة والمواد.
قصات جريئة Edgy
وتبرز كذلك القصّات الجريئة والتفاصيل اللامتوقعة، سواء عبر الفتحات غير التقليدية في منطقة الكتف أو الصدر، أو من خلال الطبقات المكشوفة ودمج الأنسجة المختلفة. إحدى الإطلالات جمعت بين قميص مكشوف الصدر وسروال واسع، مع حقيبة مصنوعة من الرافيا، لتصوغ لوحة أنيقة بنَفَس صيفي طبيعي ولكن غير متوقّع. إطلالة أخرى استلهمت من أجواء التسعينيات، عبر فستان أسود قصير بأسلوب "السكول غيرل"، منسّق مع جورب طويل وحذاء ماري جين ووشاح على الرأس، في تلاعب جميل بين البراءة والتمرّد.
هذا التنوّع في الأزياء لا يعكس فقط تعدّد الصيحات، بل يكرّس مفهوم حرية التعبير عبر الموضة. لا قواعد صارمة هنا، بل مزيج من الأفكار التي تعبّر عن الذات، عن المزاج، وحتى عن الموقف من العالم. ومن خلال ما نشهده في هذه الصورة، يتّضح أن الموضة الصيفية لهذا العام تدور حول إعادة التفكير في التوازن: بين الجرأة والراحة، بين الكلاسيكية والمستقبل، وبين الأنثوي والوظيفي.
ما يلفت أكثر هو كيف أصبح الشارع ذاته مرآة للموضة الراقية، لا مجرد انعكاس لها. فالحدود ما بين ما يُعرض على منصات الدور العالمية وما نراه في الشارع باتت شبه معدومة، بل إن أزياء الشارع باتت تُلهم المصممين أنفسهم.
في الختام، تؤكد الصورة أن أزياء الشارع لم تعد مجرد وسيلة للتعبير الفردي، بل تحوّلت إلى منصة جماعية لإعادة تعريف الذوق العام، في وقت أصبحت فيه الأناقة الحقيقية تكمن في التفاصيل، والاختلاف، والقدرة على التلاعب بالقواعد لتوليد شيء جديد، شخصي، ولافت... تماماً كما يجب أن تكون الموضة دائماً.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.