في عالم يزداد فيه الضجيج البصري يوماً بعد يوم، اختارت ميو ميو لحملة خريف وشتاء 2025–2026 أن تسلك مساراً معاكساً، حيث الهدوء المقصود والبساطة المتقنة هما الجوهر. الحملة، التي صوّرها Lengua ونسقتها ببراعة Lotta Volkova، تمثل درساً في التوازن بين التناقضات: النعومة والحدة، الانضباط والتمرد، الوضوح والتعقيد.
لكن ما يجعل هذه الحملة محط أنظار الكثيرين، إلى جانب جمالياتها البصرية المحكمة، هو مشاركة كايلي جينر التي بدت وكأنها تنتمي لهذا العالم البصري بكل سلاسة. بعيداً عن كونها إضافة لافتة بحكم شهرتها، تندمج كايلي في تركيبة الحملة بذكاء لافت، حيث تبدو كجزء طبيعي من نهج ميو ميو البصري الجديد، لا مجرد عنصر دعائي أو محاولة لجذب الانتباه.
تقف كايلي أمام عدسة الكاميرا بأسلوب بعيد عن الصورة النمطية التي اعتدناها منها في منصات التواصل الاجتماعي. لا توجد بهرجة، لا مؤثرات درامية، فقط هي والضوء والملمس. في إحدى الصور، تظهر وهي تلتفت نحو زاوية حادة من الغرفة المكسوة بحرير المواريه، لتجسد لحظة من التوتر النفسي والرهافة الجمالية، كما لو كانت تكتشف عن هشاشة داخلية محجوبة خلف مظهر القوة المعتاد.
من الناحية الفنية، الحملة مستوحاة من صرامة وجمالية صور إيرفينغ بن في الأربعينيات، وتنعكس هذه الروح في التركيب الهندسي للصور، في تقشف المشهد، وفي الانتباه للتفاصيل. الملابس هنا ليست مجرد قطع أنيقة، بل لغة بصرية تحمل طبقات من المعاني. نرى فساتين منسدلة بقصّات مائلة، كنزات ناعمة، وبدلات أنيقة بطابع أنثوي صارم. ومع ذلك، لا تخلو التنسيقات من لمسة متمردة، توقّعها Volkova بأسلوبها الخاص، لتؤكد أن المرأة التي ترتدي ميو ميو ليست سطحية أو تقليدية، بل واعية، مستقلة، ومتعددة الأوجه.
هكدا، تثبت ميو ميو مرة جديدة أنها ليست مجرد دار أزياء، بل دار حوار جمالي وفكري. أما كايلي جينر، فهي تقدم هنا نسخة مختلفة من نفسها: أكثر رصانة، أكثر عمقاً، وأكثر انسجاماً مع رؤية فنية دقيقة. هي ليست البطلة في هذه الحملة، لكنها عنصر أساسي فيها. حضورها لا يصرخ، بل يهمس. وهذه الهمسة، في عالم من الضجيج، تترك أثراً أعمق.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.