حينما نتحدث عن الحقائب الأيقونية في عالم الموضة، يصعب أن نتجاهل "برادا غاليريا"، تلك الحقيبة التي لم تعد مجرد إكسسوار فخم، بل تحولت إلى رمز يتجاوز حدود الزمن. بالنسبة لي، كنت أتابع على الدوام كيف تعيد برادا صياغة إرثها مع كل موسم، لكنها هذه المرة ارتقت بالفكرة إلى مستوى سينمائي استثنائي، يجمع بين السحر البصري والبعد الدرامي.
في حملتها الجديدة لعام 2025، قررت الدار الإيطالية العريقة أن تحتفي بالـ "غاليريا" بطريقة غير مألوفة، عبر فيلم قصير يحمل توقيع المخرج اليوناني الحائز على الجوائز يورغوس لانثيموس، وبطولة النجمة العالمية سكارليت جوهانسن. اختيار ثنائي بهذه القوة ليس صدفة، بل امتداد لنهج برادا في تحويل حملاتها الإعلانية إلى تجارب فنية خالصة، حيث يلتقي الفن السابع مع الموضة الرفيعة.
اللافت أن هذا التعاون ليس مجرد إعلان لمنتج جديد، بل عمل سينمائي مصغّر يتبنى أسلوب لانثيموس المميز، المعروف بسرده المعقّد وجرأته في رسم عوالم سريالية. في الفيلم، نرى سكارليت جوهانسن تؤدي طقوساً غامضة في فضاءات مألوفة من حياتنا اليومية، لكنها تتحول عبرها إلى نسخ متعددة من ذاتها، كأنها تتجدد وتولد من جديد في كل مشهد. هذه التحولات ليست سوى انعكاس لروح الحقيبة نفسها، التي يعاد ابتكارها موسما بعد موسم، لتبقى في حالة دائمة من التجدّد.
في قلب السرد، تظل "غاليريا" محور الأحداث، ليست كقطعة جلدية أنيقة فحسب، بل كرمز أشبه بالطوطم أو التميمة، تحمل معنى التغيير والتحوّل. إنها تجسيد لفكرة أن الموضة ليست مجرد شكل، بل فعل يومي يلامس هويتنا ويعيد صياغتها.
من خلال هذه الحملة، تثبت برادا مرة أخرى أنها ليست دارا للأزياء وحسب، بل مؤسسة ثقافية تعيد تعريف علاقة الموضة بالفن. ومع هذا الفيلم، تتحول حقيبة "غاليريا" من رمز كلاسيكي إلى مرآة تعكس هشاشة الهوية وقوة التغيير، في عمل يوازن بين السحر البصري والعمق الفلسفي، ويضع برادا في قلب الحوار بين السينما والأزياء.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.