الإطلالة الراقية لا تكتمل إلا مع وجود الحذاء الأنيق بالكعب العالي، و الحذاء هو أكثر ما يمكن أن يعبّر عن شخصية صاحبته إن كان بطوله أو بألوانه أو حتى صناعته، وهناك العديد من دور الأزياء التي اختصت بصناعة الأحذية مثل كريستيان لوبوتان، وهو بالتأكيد واحد من أهم العوامل التي تشعرك بالثقة في إطلالاتك و خروجاتك الليلية أو النهارية. و لكن حين تعرفين المعنى الحقيقي للحذاء في كل فترة زمنية في التاريخ ستذهلين بمدى أهمية قطعة الأكسسوار هذه التي أولتها الشعوب قديماً.
في عصور الإغريق القديمة في اليونان كانت الصنادل ذات الشرائط المربوطة تمنح النساء في ذلك العصر إطلالة مثيرة وتصنف النساء اللواتي يرتدينها على أنهن أدوات إثارة، خاصة الطريقة التي كانت ترتدي بها المرأة تلك الصنادل و تعقدها، وكانت إن انتعلت تلك الصنادل الفتيات العذراوات و خطوْن بها يبدو ذلك وكأنه إعلان للملأ بأنهن تزوّجن.
في إمبراطورية الصين العظيمة كانت خطوات النساء الصغيرة التي يمشينها حين يتمايلن تثير الرجال من حولهن، وكان الحذاء المثالي خلال عهد أسرة شانغ مصنوعاً من الحرير الفاخر مع نعال بطول 3 إنشات تقريباً و طغى على بعضها التطريز الجميل و المتقن.
وفي العصور الوسطى سادت الأحذية أو الصنادل ذات الكعوب المبالغ بارتفاعها ووصل ارتفاع بعضها إلى 30 إنشاً أي حوالى 75 سم، وكانت تُصنع من الأخشاب المطعّمة بالعاج مع زخارف هندسية استوحيت من الثقافة الأندلسية.
أما حكاية سندريلا و حذائها المفقود الذي ابتكرته لها الساحرة الطيبة من الكريستال الزجاجي الشفاف، فكانت حكاية خيالية من القرن السابع عشر و عكست معيار الجمال المثالي في ذلك العصر فتجلت بمقاس القدم الصغيرة و الناعمة.
وفي القرن السابع عشر أيضاً شُرّع قانون يحد من طول كعوب الأحذية و يمنع النساء الحوامل من انتعال الأحذية ذات الكعب العالي جداً منعاً لسقوطهن وخسارتهن أجنّتهن، ولكن في ذات القرن تغيّر القانون و بات يوجب على جميع النساء انتعال الأحذية بالكعوب العالية لمنعهن من التجول بحرّية ضمن المدينة و بذلك سيصعب عليهن التعرّف إلى أشخاص غرباء أو الخيانة.
ولكن ما لبثت المستعمرة البروستانتية في Massachusetts أن منعت النساء من انتعال الأحذية بالكعب العالي لأنها وسيلة لإغواء الرجال و اتُهمت كل النساء اللواتي ينتعلن الكعوب العالية بأنهن يغوين الرجال ويثرنهن.
في فرنسا في القرن السادس عشر جعلت ملكة فرنسا Catherine de Medici أحذية الكعب العالي أمراً أساسياً لأنها كانت قصيرة القامة، ولكن لويس الرابع عشر فرض قاعدة صارمة تتيح له و لحاشيته فقط انتعال النعال الحمراء ومنع سائر الشعب من ذلك.
وبعد الثورة الفرنسية، منع نابوليون بونابرت النعال الحمراء التي انتعلها النبلاء و العائلة الملكية لأنه لم يعجب بتفرّد تلك الطبقة عن غيرها بتلك النعال العالية.
وفي الحرب العالمية الثانية خلعت النساء من ذاتهن كعابهن واستبدلنها بالأحذية المسطحة ليسهمن في رفع معنويات الجنود آنذاك و روح التساوي بينهم.
ولكن أحذية الكعب العالي واجهت انتقادات كثيرة و تعنيفاً كبيراً خلال التاريخ خاصة من المجتمعات المتدينة في أوروبا التي عابت انتعال الكعب العالي ونسبته بأنه وسيلة لجعل الرجال يقعون في حب النساء، حتى السيدات في نهاية فترة الستينيات مع القرن العشرين وقفن ضد الكعب و اتهمن الرجال بأنهم يصنعونه لجعل حركة النساء أكثر بطئاً و إبقائهن في الخلف.
أما في الثمانينيات و التسعينيات فقالت حركة "قوة الفتاة" إن الشكل المثير لحذاء الكعب العالي يمنح المرأة القوة الفعالة.
ولكن في النهاية هل تعلمين أن حذاء الكعب العالي كان قد صُمّم للرجل الفارس على صهوة حصانه، ليبقى مثبّتاً دون أن يقع عن ظهر الحصان؟