ليس من المفاجئ أن يبهرنا إيلي صعب بتصاميمه، إنما الغريب أن يخفق في الاستحواذ على إعجاب الجميع وتقديرهم. المصمم اللبناني قدّم أمس تشكيلته الجديدة لربيع وصيف 2019 في العاصمة الفرنسية، وما فعله في هذا العرض، جعل الذين بدأوا يراهنون على تراجع إبداعه وموهبته يتأكدون أنهم في المكان والزمان الخاطئين. لقد أثبت صعب من جديد أنه ملك العروض الباريسية وأكثر مَن يتقن فن تصميم الأزياء التي تحتفي بقوام المرأة وبأنوثتها وجمالها.
انضممنا إلى إيلي صعب في فندق Grand Palais الأيقوني حيث رفع النقاب عن واحدة من أجمل تشكيلاته للملابس الجاهزة.
لقد بدا من الواضح منذ الإطلالات الأولى، أن صعب جمع روح الستريت ستايل مع لمسات الهوت كوتور التي يجيدها ويتفوق فيها على الكثيرين. من الفستان الأول الذي تميز بلونه الأبيض و قماشه الشفاف وتصميمه الذي يوحي بستايل الملابس الداخلية، إلى اللوك الثاني الذي كان عبارة عن بنطلون بخطوط مستقيمة مع بلوزة ذات أكمام واسعة وحزام عريض للخصر، إلى اللوك الثالث الذي كان عبارة عن فستان قصير مزين بنقشة الورود ويتميز بكتفيه المنخفضتين، ومن ثمّ التنورة الطويلة المنقوشة مع التوب القطنية فوق قميص بنفس نقشة التنورة، تتالى مرور العارضات ليؤكّدنَ لنا بأننا أمام تشكيلة فيها الكثير من التجديد، وستايلات لم نعهدها من قبل في تصاميم إيلي صعب.
أكثر ما يؤكد على ذلك، بروز نقشة جلد النمر في إطلالات غلبت عليها القصات العصرية من بينها البليزر المستقيمة مع الشورت والتوب حتى البوت العالي العنق من نفس النقشة. لقد ذكّرنا هذا اللون بستايل نجمات البوب!
الجرأة في النقشات والقوة في الألوان انسحبا على بقية العرض. ربما كانت المرة الأولى التي يقدم فيها المصمم اللبناني الفساتين المزدانة كلياً بالباييت اللامع وبألوان من خارج لوحة الألوان الكلاسيكية، مثل الأخضر والأحمر! لكن هذا التجديد أسعدنا بالتأكيد. لقد كان واضحاً أن إيلي صعب لم يعد يتوجه بتصاميمه فقط إلى السيدات الناضجات، ذوات الشخصية الكلاسيكية واللواتي يملن في الغالب إلى الأناقة الصارمة، بل أصبح أكثر تجاوباً مع الجيل الجديد، جيل الألفية، لهذا، طعّم تشكيلته بالكثير من الإطلالات التي تليق بموضة الشارع.
غنى في الخامات وتألق التصاميم الفضفاضة
في البيان الذي وُزّع علينا قبل بدء العرض، أشارت دار إيلي صعب إلى أن المصمم استمدّ الوحي في هذه التشكيلة من أدق التفاصيل التي نجدها في الطبيعة. "فهو يتقن فن تحويل التفاصيل الدقيقة إلى أعمال فنية كبيرة وتصاميم تحتفي بمفهوم الأنوثة".
لهذا رأينا الكثير والكثير من الورود التي طغت على خشبة العرض، والتي ظهرت جنباً إلى جنب مع التطاريز المشغولة يدوياً والمزدانة بالباييت اللامع الملون. لم يبخل صعب في استعمال الباييت، بل استعمله في فساتين الكوكتيل القصيرة، وفي فساتين السهرة الطويلة الهدلة، كما ظهر أيضاً على شكل تقليمات ملونة جميلة.
وكان اللافت أن المصمم لم يبتعد كلياً عن بصمته الخاصة في التصميم، والتي تتجلّى في تقديم الفساتين بشكل A والفساتين المستوحاة من شكل الساعة الرملية، لكنه أضاف إليها سترات الجلد السوداء القصيرة، والبوتات الجلدية العالية العنق التي رأيناها للمرة الأولى في تصاميمه.
ولكي يكون الختام أكثر إبهاراً من البداية، قدّم صعب في النهاية فساتين التول الحريرية المرهفة بأكمام واسعة منفوشة وتنانير ضخمة منفوخة وتنوّع كبير من النقشات المموّهة إلى التقليمات الهندسية والطبعات المستوحاة من الفراشات.