حكم المرتد عن الإسلام | Gheir

حكم المرتد عن الإسلام

أدعية  Jan 04, 2020     

حكم المرتد عن الإسلام

المرتد عن الإسلام هو كافر بإجماع أهل العلم. وسب الله ونفي وجوده أو سب النبي أو احتقاره أو الاستهزاء به، كلها دليل على الردة ولا يوجد خلاف بين العلماء على ذلك.

لو ارتد المسلم عن الإسلام بغير إكراه وكان بالغا عاقلا، أٌيم عليه حد الردة عن الإسلام. وهنا نتكلم على حكم المرتد عن الإسلام.

حكم المرتد في المذاهب الأربعة

إن المسلم إذا خرج عن الاسلام كان مرتدا، وجرى عليه حكم الله في المرتدين، ولكن هل الردة قاصرة على المسلمين الخارجين عن الاسلام، أم أنها تتناول غير المسلمين إذا تركوا دينهم إلى غيره من الاديان الكافرة؟

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِقْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالمشهور عند الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ الأْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مَا انْتَقَل إِلَيْهِ؛ لأِنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.

وَالأْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وقول عند المالكية، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لأِنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلاً بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلاَنِهِ، فَلاَ يُقَرُّ عَلَيْهِ، كَمَا لَوِ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ.

عند الحنفية:

لَوْ أَنَّ الْيَهُودِيَّ تَنَصَّرَ أَوْ تَمَجَّسَ أَوْ النَّصْرَانِيَّ تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْعَوْدِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ. الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (4 / 225).

عند الشافعية:

قَالَ الإمام الشافعي: وَلَا يُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ إنَّمَا يُقْتَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَى الشِّرْكِ فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَاطِلٍ إلَى بَاطِلٍ فَلَا يُقْتَلُ وَيُنْفَى مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ.

الأم للشافعي (5 / 9).

وقَالَ الإمام الْمَاوَرْدِيُّ: انْتَقِالَ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ دِينٍ إِلَى دِين، على ضَرْبَينِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ.

وَالثَّانِي: إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ.

حكم المرتد عن الإسلام

فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ كَمَنْ بَدَّلَ يَهُودِيَّةً بِنَصْرَانِيَّةٍ أَوْ بِمَجُوسِيَّةٍ أَوْ بَدَّلَ نَصْرَانِيَّةً بِيَهُودِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ، أَوْ بَدَّلَ مَجُوسِيَّةً بِيَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ، فَفِي إِقْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ يَتَوَارَثُونَ بِهَا مَعَ اخْتِلَافِ مُعْتَقَدِهِمْ، فَصَارُوا فِي انْتِقَالِهِ فِيهِ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ، كَانْتِقَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 85]؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَثَنِيُّ إِذَا انْتَقَلَ إِلَى نَصْرَانِيَّةٍ لَمْ يُقَرَّ، وَالنَّصْرَانِيُّ إِذَا انْتَقَلَ إِلَى وَثَنِيَّةٍ لَمْ يُقَرَّ، وَجَبَ إِذَا انْتَقَلَ النَّصْرَانِيُّ إِلَى يَهُودِيَّةٍ أَنْ لَا يُقَرَّ، لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ مُنْتَقِلٌ إِلَى دِينٍ لَيْسَ بِحَقٍّ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ إِنَّهُ مُقَرٌّ فِي انْتِقَالِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ فِيمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ مِنْ ثلاثة أقسام:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ مُكَافِئًا لِدِينِهِ كَيَهُودِيٍّ، تَنَصَّرَ أَوْ نَصَرَانِيٍّ تَهَوَّدَ، فَأَصْلُ هَذَيْنِ الدِّينَيْنِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمَا بِانْتِقَالِهِ مِنْ أَحَدِ الدِّينَيْنِ إِلَى الْآخَرِ إِلَّا فِي قَدْرِ الْجِزْيَةِ، فَتَصِيرُ جِزْيَتُهُ جِزْيَةَ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إليه دون جزية الدين الذين انْتَقَلَ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكَثَرَ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الدِّينُ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ أَخَفَّ حُكْمًا مِنَ الدِّينِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، كَنَصْرَانِيٍّ تَمَجَّسَ، فَيَنْتَقِلُ عَنْ أَحْكَامِهِ فِي الْجِزْيَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبِيحَةِ وَالدِّيَةِ إِلَى أَحْكَامِ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ، فَتُقْبَلُ جِزْيَتُهُ، وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَتَكُونُ دِيَتُهُ ثُلُثَيْ عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نِصْفَهَا كَالْمَجُوسِ فِي أَحْكَامِهِ كُلِّهَا،فَيَصِيرُ بِذَلِكَ مُنْتَقِلًا مِنْ أَخَفِّ الْأَحْكَامِ إِلَى أَغْلَظِهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الدِّينُ الَّذِي انتقل إليه أغلى حُكْمًا مِنَ الدِّينِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ كَمَجُوسِيٍّ تَنَصَّرَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ فِي إِبَاحَةِ الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبِيحَةِ، وَقَدْرِ الدِّيَةِ، فَيَصِيرُ مُنْتَقِلًا مِنْ أَغْلَظِ الْأَحْكَامِ إِلَى أَخَفِّهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الدِّينِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي تَحْرِيمِ مُنَاكَحَتِهِ وَذَبِيحَتِهِ وَقَدْرِ دِيَتِهِ تَغْلِيبًا لِأَحْكَامِ التَّغْلِيظِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حُرُمَاتِهَا عَلَيْهِ، كَالْمَشْكُوكِ فِي دِينِهِ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ.

وَإِنْ قِيلَ: بِالْقَوْلِ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ وَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ جَبْرًا بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ إِلَى دِينٍ يُؤْمَرُ بِهِ، وَفِي الدِّينِ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالِانْتِقَالِ إِلَيْهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا:دِينُ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى دِينٍ قَدْ كَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِهِ، وَانْتَقَلَ عَنْ دِينٍ هُوَ الْآنَ مُقَرٌّ بِبُطْلَانِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَرَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الدِّينَيْنِ، لِإِقْرَارِهِ بِبُطْلَانِهِمَا، فَوَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ بِالرُّجُوعِ إِلَى دِينِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّهُ إِنِ انْتَقَلَ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ إِلَى دِينِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أُقِرَّ عليه، فنزل؛ لأننا قد كُنَّا قَدْ صَالَحْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَنَا بَاطِلًا فَجَازَ أَنْ يُعَادَ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ بَاطِلًا، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِفَةِ دُعَائِهِ إِلَى دِينِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّنَا نَدْعُوهُ إِلَى الْعَوْدِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى إِلَى الْعَوْدِ إِلَى الْكُفْرِ، فَإِنْ عَادَ إِلَى دِينِهِ فِي الْكُفْرِ أُقِرَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ إِلَى الْكُفْرِ مَعْصِيَةٌ، وَيَجُوزُ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: نَحْنُ نَدْعُوكَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ عُدْتَ إِلَى دِينِكَ الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ أَقْرَرْنَاكَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّنَا نَدْعُوهُ ابْتِدَاءً إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى دِينِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَمْرًا بِالْعَوْدِ إِلَى الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَكُنْ أَمْرًا بِالْكُفْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَاهُمْ إِلَى الشَّهَادَةِ أَوِ الْجِزْيَةِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ أَمْرًا بِالْمُقَامِ عَلَى الْكُفْرِ، وَلَكِنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ فِيهِمْ فَإِذَا تَوَجَّهَ الْقَوْلَانِ فِيمَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ إِلَى الدِّينِ الْمَأْمُورِ بِهِ أُقِرَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ فَفِيمَا يَلْزَمُ مِنْ حُكْمِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ هَاهُنَا إِنَّهُ يُنْبَذُ إِلَيْهِ عَهْدُهُ، وَيُبَلَّغُ مَأْمَنَهُ، ثُمَّ يَكُونُ حَرْبًا؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَانًا عَلَى الْكُفْرِ، فَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ تَرْكُهُ؛ ليقضي أَشْغَالَهُ وَنَقْلَ مَالِهِ، وَلَا يُتَجَاوَزُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا بَلَغَ أَدْنَى مَأْمَنِهِ بِذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ صَارَ حَرْبًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَصِيرُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَيْسَتْ بِأَوْكَدَ مِنْ ذِمَّةِ الْإِسْلَامِ، فَعَلَى هَذَا يُسْتَتَابُ، فإن تاب، وإلا قتل صبرا بالسيف؟، وَفِي الِانْتِظَارِ بِقَتْلِهِ ثَلَاثًا قَوْلَانِ: وَيَكُونُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بَاقِيًا، وَأَمَّا مَالُهُ، فَيَكُونُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ بِحُكْمِ الرِّدَّةِ لَمْ يُورَثْ.

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: انْتِقَالِهِ إِلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، كَانْتِقَالِهِ مِنْ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ إِلَى وَثَنِيَّةٍ أَوْ زَنْدَقَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِمَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، فَكَانَ إِقْرَارُ غَيْرِ أَهْلِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِي الَّذِي يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: الْإِسْلَامُ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهُ دِينُ الْحَقِّ، فَكَانَ أَحَقَّ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ.

والْقَوْلُ الثَّانِي: الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ صُلْحِهِ عَلَيْهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ:الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَوْ دِينٌ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، فَفِيمَا عَلَا كَالْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ، أَوِ انْخَفَضَ كَالْمَجُوسِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي صِفَةِ دُعَائِهِ إِلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ الْوَجْهَيْنِ:

فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمَأْمُورِ بِهِ مِنَ الدِّينِ أُقِرَّ عَلَيْهِ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ انْتِقَالِهِ وَعَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدَّةِ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى مُرْتَدٍّ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى الدِّينِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَفِيمَا يَلْزَمُ مِنْ حُكْمِهِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: يُنْبَذُ إِلَيْهِ عَهْدُهُ، وَيُبَلَّغُ مَأْمَنَهُ بِمَالِهِ وَبِمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ حَرْبًا.

فَأَمَّا مَنْ تَمَانَعَ عَلَيْهِ مِنِ ذُرِّيَّتِهِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَالِغًا مِنْ نِسَائِهِ وَبَنَاتِهِ، كَانَ أَمَلَكَ بِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَغِيرًا رُوعِيَ مُسْتَحِقُّ حَضَانَتِهِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا، كَانَ لَهُ إِخْرَاجُهُمْ جَبْرًا، وَعَاوَنَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِيمُ أَحَقَّ بِحَضَانَتِهِ مُنِعَ مِنْهُمْ، وَأُقِرَّ مَعَ الْمُقِيمِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي:إِنَّهُ يَصِيرُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ، وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ.

فَأَمَّا ذُرِّيَّتُهُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَالِغًا، فَلَهُ حُكْمُ مُعْتَقَدِهِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى دِينِهِ أُقِرَّ عَلَيْهِ، وَإِنِ انْتَقَلَ عَنْهُ مَعَ وَلِيِّهِ صَارَ عَلَى حكمه.

الحاوي الكبير (14 /375 - 376 - 377).

عند الحنابلة:

قال المرداوي: (وَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُ الْكِتَابِيَّيْنِ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ: فَهُوَ كَرِدَّتِهِ).

إنْ انْتَقَلَ الزَّوْجَانِ. أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أَوْ تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ: فَكَالرِّدَّةِ. بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ تَمَجَّسَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ كِتَابِيٍّ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ كَالرِّدَّةِ أَيْضًا وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُنَوِّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ.

الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8 / 216-217).

وقال ابن قدامة: وإن انتقل الكتابي إلى دين غير أهل الكتاب، كالمجوسية وغيرها، ففيه ثلاث روايات:

إحداهن: يجبر على الإسلام، ولا يقبل منه غيره؛ لأن ما سواه باطل اعترف ببطلانه؛ لأنه لما كان على دينه اعترف ببطلان ما سواه، ثم اعترف ببطلان دينه حين انتقل عنه، فلم يبق إلا الإسلام.

والثانية: لا يقبل منه إلا الإسلام، أو الدين الذي كان عليه؛ لأننا أقررناه عليه أولاً، فنقره عليه ثانياً.

والثالثة: لا يقبل منه إلا الإسلام، أو دين أهل الكتاب؛ لأنه دين أهل كتاب فيقر عليه كغيره من أهل ذلك الدين. وإن انتقل المجوسي إلى دين أهل الكتاب، أو انتقل كتابي إلى دين آخر من دين أهل الكتاب، ففيه ثلاث روايات:

إحداهن: لا يقبل منه إلا الإسلام، لما ذكرنا.

والثانية: يقر على ما انتقل إليه.

والثالثة: لا يقبل منه إلا الإسلام، أو دينه الذي كان عليه، لما تقدم.

حكم المرتد عن الاسلام من القرآن

د دل القرآن الكريم والسنة المطهرة على قتل المرتد إذا لم يتب في قوله سبحانه في سورة التوبة: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة: 5] فدلت هذه الآية الكريمة على أن من لم يتب لا يخلى سبيله.

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: من بدل دينه فاقتلوه وفي الصحيحين عن معاذ أنه قال لمرتد رآه عند أبي موسى الأشعري في اليمن: لا أنزل -يعني من دابته- حتى يقتل قضاء الله ورسوله والأدلة في هذا كثيرة.

حكم المرتد عن الاسلام لابن عثيمين

المرتد ليس كالكافر الأصلي، ولا يعامل معاملة الكافر الأصلي، بل هو أشد منه لقول النبي عليه الصلاة والسلام من بدل دينه فاقتلوه. فالمرتد بأي نوع من أنواع الردة لا يعامل كما يعامل الكافر الأصلي، بل إنه يلزم بالرجوع إلى الإسلام، فإن أسلم فذاك، وإن لم يسلم فإنه يُقتل كفراً، ولا يدفن مع المسلمين، ولا يصلى عليه. وعلى هذا فنقول: إن هذا المرتد لا يمكن أن يعيش، بل إنه إما أن يعيش مسلماً وإما أن يُقتل.

حكم من ارتد عن الاسلام ثم تاب

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

هل على المرتد قضاء الصلاة والصيام إذا عاد إلى الإسلام وتاب إلى الله ؟

فأجاب : " ليس عليه القضاء ، ومن تاب : تاب الله عليه، فإذا ترك الإنسان الصلاة ، أو أتى بناقض من نواقض الإسلام ، ثم هداه الله وتاب : فإنه لا قضاء عليه .

هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم ؛ لأن الإسلام يجب ما قبله ، والتوبة تهدم ما كان قبلها ...

قال الله سبحانه وتعالى: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ؛ فبين الله سبحانه وتعالى أن الكافر إذا أسلم غفر الله له ما قد سلف .

والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله ) "

مرجع:

https://binbaz.org.sa

من مواليد القاهرة 1985، حاصلة على بكالريوس الآداب جامعة عين شمس عام 2006، متابعة وناقدة فنية، أعمل كمحررة محتوى على موقعيّ Nawa3em، وgheir، ومتخصصة في كتابة المقالات والآراء حول المسلسلات والأعمال الانتاجية الفنية، وأحاول تحسين حياة القراء والقارئات عبر هذه المقالات.

الأدعية