
تتسم اللغة العريبة بالعديد من المزايا، منها استخدام الالفاظ للدلالة على المعاني. فمثلا كلمتا الفقير والمسكين، لو افترقتا فكل منهما تدل على المعنى نفسه، ولكن إذا اجتمعتا، فالفقير يدل على جميع المحتاجين، والمسكين يدل على بعض الأفراد من هؤلاء المحتاجين، ولا يدل عليهم جميعًا.
وكذلك لفظا المسلم والمؤمن، والإيمان والإسلام، فإذا افترق اللفظان دل كل منهما على الآخر، ولكن إذا اجتمعا يدل الإسلام على الدين الذي أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الإيمان معناه أعم وأشمل.
ما الفرق بين المسلم والمؤمن
كل مؤمن مسلم؛ لأن الإيمان تمام الطاعة: أن يؤدي ما أوجب الله، ويدع ما حرم الله، ويسمى: مؤمنًا، فهو أكمل من المسلم المطلق، وإذا كان المسلم قد أدى الواجبات سُمّي: مسلمًا ومؤمنًا جميعًا، وإذا كان عنده نقصٌ ومعاصٍ قيل له: مسلم، ولم يقل له: مؤمن، ويجوز أن يقال: مؤمن ناقص الإيمان، أو يقال: مؤمن عاصٍ، لكن إذا قيل: مؤمن وأطلق فإنما يقال هذا في حق المستقيم المعروف بطاعة الله ورسوله وترك ما نهى الله عنه ورسوله، فيقال له: مؤمن.
وهذا معنى قول: "كل مؤمن مسلم، ولا ينعكس"؛ لأن الإسلام أوسع من جهة ذاته، فيعمّ العاصي، ويعم المستقيم، يقال له: مسلم ولو كان عاصيًا، كالعاقِّ، والزاني، والسارق، يُسمَّى: مسلمًا إذا كان مُوحِّدًا لله، مؤمنًا بالله، ولكنه وقع في المعصية ولم يستحلّها، ولكن غلبه الشيطان والهوى ففعلها غير مُستحلٍّ لها: فزنى، أو سرق، أو عقَّ والديه، أو أحدَهما، أو اغتاب الناس، أو نَمَّ، أو أكل الربا، أو ما أشبه من المعاصي، هذا يكون مسلمًا، وأهل السنة يقولون له: مسلم، ولا يُطلقون عليه: مؤمنًا، ولكن إذا قيل: مؤمن فلا بأس أن يقال: مؤمن، لكن يُقيد: مؤمن ناقص الإيمان، مؤمن ضعيف الإيمان، مؤمن عاصٍ، هذا يُقال أيضًا له، لكن المؤمن عند الإطلاق هو المستقيم.
الفرق بين المسلم والمؤمن في المعجم
مؤمِن في المعجم هي كلمة يمكن أن نلخصها في النقاط التالية.
- اسم فاعل من آمنَ / آمنَ بـ / آمنَ لـ
- رَجَلٌ مُؤْمِنٌ : مُصَدِّقٌ، يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ، النساء آية 162 وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ( قرآن ) l إِنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ دَلِيلُهُ
- المؤمنون : اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 23 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها ثماني عشرة ومائة آية
- المؤمن : اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه : الَّذي أمِن من عذابه مَنْ لا يستحقُّه، ولا يخشى أحدٌ ظُلمَه، أو الَّذي منح الأمن والأمان لعباده في الدُّنيا والآخرة
- شخص يلتزم في العقد بأداء مبلغ التأمين دفع المُؤمِّن مبلغ التأمين إلى المؤمَّن عليه
مسلم في المعجم هي كلمة يمكن أن نلخصها في النقاط التالية.
مُسَلَّم: (اسم)
- مفعول مِن سَلَّمَ
- أَمْرٌ مُسَلَّمٌ بِهِ : بَدِيهِيٌّ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِقْنَاعٍ
الفرق بين المسلم والمؤمن والمحسن

الدين ثلاث درجات: إسلام ثم إيمان ثم إحسان، وقد دل على ذلك حديث جبريل، وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان، وجمهور أهل السنة على أن المؤمن أعلى درجة من المسلم، والمحسن أعلى منهما، وهذا كقوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر: 32]. فالظالم لنفسه صاحب الذنب المصر عليه، ومن أتى بالإسلام الظاهر مع التصديق الباطني، لكن لم يقم بما يجب عليه من أمور الإيمان، والمقتصد هو المؤدي للفرائض المجتنب للمحارم، وهذه درجة الإيمان، والسابق بالخيرات هو المؤدي للفرائض والنوافل، وهذه درجة الإحسان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يدل على ذلك أنه قال في حديث جبريل: هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم. فجعل الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان، فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة، لكن هو درجات ثلاث: مسلم ثم مؤمن ثم محسن، كما قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر: 32]. والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة، بخلاف الظالم لنفسه، وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع تصديق القلب، لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن، فإنه معرض للوعيد.
الفرق بين المسلم المؤمن والفاسق والمنافق
قال الإمام ابن جرير الطبري: وأصلُ الفسق في كلام العرب: الخروجُ عن الشيء. يقال منه: فسقت الرُّطَبة إذا خرجت من قشرها. ومن ذلك: سُمّيت الفأرةُ فُوَيْسِقة، لخروجها عن جُحرها. اهــ. فالفاسق هو: الخارج عن طاعة الله تعالى.
ويطلق احيانًا كذلك على الكافر، والمنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان؛ قال ابن جرير: المنافق والكافر سُمّيا فاسقيْن، لخروجهما عن طاعة ربهما. ولذلك قال جل ذكره في صفة إبليس: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [سورة الكهف: 50]، يعني به: خرج عن طاعته واتباع أمره. ومثله قوله تعالى: {.. مِنْهُم الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُم الْفَاسِقُونَ} أي: الكافرون.
والفرق بين المؤمن وبين الفاسق بهذا المعنى ظاهر، إذ هو الفرق بين المؤمن والكافر.
ويطلق كذلك على المسلم العاصي إذا فعل كبيرة، كالزنا، وشرب الخمر، أو أصر على صغيرة ولم يتب منها، قال صاحب كشاف القناع: وَالْفَاسِقُ: مَنْ أَتَى كَبِيرَةً، وَهِيَ: مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ دَاوَمَ عَلَى صَغِيرَةٍ. اهــ.
والفرق بين المؤمن وبين الفاسق بهذا المعنى هو: أن المؤمن لا يرتكب الكبائر، ولا يصر على الصغائر، والفاسق يرتكب الكبائر، أو يصر على الصغائر.
ومن ابتلي بالفسق سواء كان فسقا أكبر -وهو الكفر- أو أصغر، وجب عليه التوبة إلى الله تعالى، فإن تاب زال عنه وصف الفسق؛ قال الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ الْفِسْقَ
مرجع:
https://binbaz.org.sa
من مواليد القاهرة 1985، حاصلة على بكالريوس الآداب جامعة عين شمس عام 2006، متابعة وناقدة فنية، أعمل كمحررة محتوى على موقعيّ Nawa3em، وgheir، ومتخصصة في كتابة المقالات والآراء حول المسلسلات والأعمال الانتاجية الفنية، وأحاول تحسين حياة القراء والقارئات عبر هذه المقالات.