في عرضٍ تنبعث منه أصداء عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، قدّمت المصممة تمارا رالف مجموعة الهوت كوتور لخريف وشتاء 2025-2026، حيث استحضرت بفخامة آسرة روح حقبة الآرت ديكو، من خلال تصاميم تجمع بين الصرامة المعمارية والرقة الأنثوية، وبين البذخ المدروس والبساطة المزخرفة.
ما بين البنية والزخرفة: لغة آرت ديكو تُعاد ترجمتها
لم تكن الزخرفة في هذه المجموعة مجرد تفصيل ثانوي، بل جاءت جزءاً من التركيبة البنيوية للقطع. فرأينا زوايا حادة وخطوطاً واضحة تقطع الأقمشة الفارخة، مشكّلةً تصاميم حفلات مسائية بتفاصيل منحوتة تفيض بالدقة. بعض الفساتين كانت تلمع كالثريات الكريستالية القديمة، مرصّعةً بخرزات دقيقة وبلورات دمعة الشكل، فيما تألقت أخرى بشبك معدني كريستالي يتدلى منه اللؤلؤ الضخم، في توازن أنيق بين الحسية والرقي.
الحِرَفية في قلب القصة
الافتتاحية كانت قوية بامتياز: صديرية من الراتنج المنحوت يدوياً، مرصعة بعرق اللؤلؤ المصقول بعناية استثنائية. هذا التصميم وحده استغرق أشهراً من التجريب وثمانية أسابيع من العمل اليدوي المكثف، في دلالة واضحة على التزام رالف الصارم بروح الهوت كوتور الأصيلة. كما أن فستان العروس، الذي اختتم العرض، مثّل مزيجاً مدهشاً من الهشاشة والقوة، حيث جاء مزيناً بقِطع صدفية صغيرة على شبكة شفافة تغطي قاعدة مطرزة بالكامل.
تناغم الخامات والحجوم: الدراما تلتقي بالرشاقة
تجلّت جرأة تمارا في اللعب على التناقضات، من خلال مزج الأقمشة الناعمة كالحرير الملتف والتفتا اللامعة بالتطريزات البارزة والكشاكش المسرحية. وقد خطفت الأنظار معطف فاخر من ريش النعام المتدرج، وآخر من جلد النعام مرفق بجزمة تصل لما فوق الركبة، ما أضفى على المجموعة طابعاً سينمائياً وغنياً بالملمس.
الأسود المخملي واللمسة الهوليوودية
القصّات المنحنية المصوعة من المخمل الأسود الفاخر، وتلك الياقات على شكل قلب، استحضرت أناقة النجمات في العصر الذهبي لهوليوود. وقد خُففت حدة تلك الفخامة إما بتطريزات اللؤلؤ أو بطبقات من التول الحريري بلون الشامبانيا، لتخلق توازناً يعبّر عن أنوثة قوية وراقية.
اللمسة الشخصية: بين الأمومة والتصميم
أجمل لحظات العرض وأكثرها شاعرية تمثلت في حضور ابنة تمارا رالف، مرتدية نسخة مصغّرة من أحد التصاميم المطرزة بالتول، في مشهد حميمي يذكّر بأن وراء كل فستان قصة شخصية نابضة.
ما يميز هذه المجموعة ليس فقط دقتها الحِرَفية ولا رفاهية خاماتها، بل قدرتها على التقاط جوهر "الآرت ديكو" وإعادة ترجمته برؤية أنثوية معاصرة. فرالف لم تستنسخ الماضي، بل حاورته. لقد قدّمت عرضاً يحترم التقاليد ويكسرها في الوقت ذاته، مزجت فيه الجمال المعماري بالنعومة الإنسانية، ووضعت الأمومة، الحنين، والحداثة على خشبة واحدة.
هذه المجموعة، ببساطة، تؤكد أن تمارا رالف تسير بخطى ثابتة في مسيرتها الخاصة داخل عالم الهوت كوتور، وتكتب فصلها الخاص من الحكاية الباريسية بإبداع لا يخلو من العاطفة والهوية.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.