مجموعة جيامباتيستا فالي الجديدة: جمال لا يخضع للزمن والأزياء لا تعبّر عن المرأة فقط | Gheir

مجموعة جيامباتيستا فالي الجديدة: جمال لا يخضع للزمن والأزياء لا تعبّر عن المرأة فقط

اسابيع الموضة  Jul 09, 2025     
×

مجموعة جيامباتيستا فالي الجديدة: جمال لا يخضع للزمن والأزياء لا تعبّر عن المرأة فقط

في أمسية تفوح بعبق الورود والياسمين، تحوّلت دار جيامباتيستا فالي Giambattista Valli في باريس إلى مسرح صامت لأوبرا بصرية، احتفت ليس فقط بالأزياء الراقية لموسم خريف وشتاء 2025-2026، بل أيضاً بتتويج المصمم الإيطالي كـ"ضابط في وسام الفنون والآداب" من قبل الجمهورية الفرنسية. وكأن العرض بأكمله كان بمثابة نشيد شكرٍ شخصي لباريس، ولمفهومها الخالد عن الأنوثة والانعتاق.

حين يزهر الروكوكو من جديد

استلهم فالي مجموعته من فن الروكوكو الفرنسي، ذلك الفن الذي امتزج فيه الدلال بالترف، والرقة بالترف الزخرفي. ومن هنا، بدت الفساتين وكأنها انتُزعت من لوحات فراغونار وواطو، لكن نُفخت فيها روح معاصرة متمرّدة. الألوان الحاضرة—اللازورد الناعم، الوردي الباهت، والمشمسي الرقيق—لامست القلب قبل العين، بينما انسدلت الأقمشة كأنها نسيم محمّل بالقصائد: التول، الموسلين، والغازار الشفاف، كلها كانت أدوات الشاعر في رسم خيال أنثوي مفرط في الجمال.

تصاميم تحلّق فوق الواقع

في تصميماته، بدا فالي يتحدّى الجاذبية: فساتين بطبقات متعدّدة تنساب برهافة متناهية، وصدور مشدودة (Bustiers) مشغولة بالحرير المنحوت وكأنها توقفت في لحظة حركة. إحدى القطع الأيقونية كانت فستان من الغازار الحريري الشفاف، تتوّجه ياقة واسعة بأسلوب بروفنسالي، تنسدل فوق تنورة "ميلفوي" نفّذت بتقنية تحاكي هندسة الهواء. قطعة أخرى تميّزت بثنيات دقيقة متناهية وكأنها تنوي أن تصبح شفّافة بالكامل، في سعي واضح لتحويل القماش إلى مجرّد هالة.

الأنثى كما يتخيلها فالي: قوية، حرة، وذكية

ليست المرأة في هذا العرض محض زهرة ناعمة. بل كانت فكرة متكاملة تعكس القيم التي احتفى بها فالي في كلمته خلال استلام الوسام: الاستقلال، الذكاء، الجرأة، والنعمة. وعلى الرغم من غزارة الإشارات التاريخية، لم يكن في المجموعة ما هو ساكن. بل حملت التصاميم طاقة نسوية حديثة تعبّر عن التمكين، لكن بأدوات ناعمة لا تصرخ بل تهمس بثقة.

صيغة عرض جديدة: أزياء كلوحات ساكنة

بعيداً عن ضجيج المنصات، اختار فالي أن يعرض مجموعته بصيغة الكاتالوغ الحيّ: الفساتين ثُبّتت على مانيكانات محاطة بتركيبات زهرية ضخمة تشبه صالات قصر فرساي، مما أتاح للجمهور تأمل كل غرزة وكل طبقة من القماش دون إلهاء. لقد منح كل فستان مساحته ليحكي قصته، في هدوء مهيب لا يفتقر إلى الأثر.

شاعرية ملموسة وأناقة لا تحتاج إلى تفسير

ما قدّمه فالي هذا الموسم ليس مجرد مجموعة أزياء راقية. بل هو بيان فني يعكس النضج الإبداعي لمصمم بات يعرف كيف يُلبس الخيال، دون أن يفقد قدرته على الإبهار. المجموعة كانت أنثوية بامتياز، لكنها لم تكن تقليدية أو مكرّرة. كان في كل فستان توليفة دقيقة من الحلم والصرامة، من الرومانسية والفكر. وهذا ما يجعلني أرى هذه المجموعة كواحدة من أجمل ما قدّمه فالي حتى الآن: فيها إحساس بالهوية، بالعرفان، وبالحرية التي تعبّر عنها الأزياء عندما تكون فعلاً فناً.

في هذا العرض، لم يكن فالي يقدّم فساتين بقدر ما كان يقدّم مشاعره. مشاعر مصمم كرّس نفسه لجمالٍ لا يخضع للزمن، ولأزياء لا تعبّر عن المرأة فقط، بل تحتفل بها. لقد ارتقى بفكرة "الكوتور" إلى مساحة شخصية جداً، جعلتنا نشعر وكأننا شهود على لحظة تتويج شاعر لا يزال يرى في القماش وسيلة للبوح.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

اسابيع الموضة