ككل موسم، لا تخيّب عاصمة النور آمال عشاق الموضة. لكن أسبوع الهوت كوتور لخريف وشتاء 2025-2026 كان مختلفاً، إذ أعاد تقديم فساتين السهرة ليس فقط كأزياء ساحرة بل كقطع فنية تحمل قصصاً وحكايات من العصور والخيال. من إرث الشرق الغني، إلى قصور فرساي، إلى الأسود الملكي والكريستال المتلألئ... كانت الفساتين رسالة بصرية مكتوبة بخيوط الفخامة.
زهير مراد: زخرفة شرقية ودراما ملكية
في عرض ساحر كما اعتدناه، أعاد زهير مراد تعريف فستان السهرة الشرقي من خلال لوحة لونية غنية بالأسود والذهبي، وتصميم يحتفي بالخصر والمحيط الأنثوي بأسلوب مسرحي راقٍ. الفستان الذي بدا وكأنه خرج من ألف ليلة وليلة، مزج بين المشغولات اليدوية المستوحاة من العمارة العربية القديمة، وبين التول الشفاف المطرّز، في توازن مثالي بين الجرأة والرقي. الزخارف الذهبية المطرزة بعناية، والشكل المستوحى من القفطان المغربي الفاخر، أضفيا طابعاً إمبراطورياً لا يُنسى.
فساتين ماري أنطوانيت الجديدة: الحلم يصبح واقعاً
في المقابل، قدّم إيلي صعب فساتين سهرة مستوحاة من فخامة البلاط الفرنسي في القرن الثامن عشر، ولكن برؤية معاصرة. أحد التصامبم اللافتة جاء بقماش مطرز بالكامل بأحجار اللؤلؤ والكريستال، مع كمّين جانبيين منفوخين وتنورة ضخمة من قماش الساتان الراقي، تماماً كما لو أننا نشهد على عودة الملكة ماري أنطوانيت... ولكن في نسخة عصرية متمردة. هذه الفساتين لم تكن مجرد تحية للماضي، بل أعادت ترجمة الكورسيه، والقماش الفاخر، والتفاصيل الأنثوية بلغة قوية تناسب نساء اليوم.
الأسود الملكي من جيورجيو أرماني: البناء والاحتواء
لا يمكن الحديث عن فساتين السهرة من دون ذكر العبقرية البنيوية التي قدّمها جيورجيو أرماني في مجموعته للهوت كوتور. الفستان الأسود الذي استوقف الجميع كان بمنزلة دراسة معمارية في التصميم: قَصة ضيقة تحتضن الجسد، وياقة منحوتة على شكل قلب، وريش يتطاير عند الأكتاف، وكأن الفستان ينبض بالحياة. الأسود هنا ليس مجرد لون، بل موقف، حضور، وهيبة. هذا الفستان تحديداً، بتصميمه الهيكلي المتقن، يُجسّد جوهر الأناقة الإيطالية التي تتحدى الزمن.
احتفالية الكريستال من تمارا رالف: الفخامة في كل حركة
وأخيراً، خطفت الأنظار تصاميم تمارا رالف التي مزجت بين الاحتفالية والفن. الفستان المزيّن بالكريستال واللؤلؤ، والمتدرج باللون العاجي مع لمسات فضية، حمل كل مقومات فستان السهرة المعاصر الذي يحتفل بالجمال في كل تفصيل. ما يميّز هذه التصاميم هو قدرتها على تحويل الخرز والشك إلى قصيدة ضوئية تتحرك مع كل خطوة. كما أن التلاعب بالطبقات والخامات أضفى عمقاً بصرياً مذهلاً، جعل كل فستان وكأنه صُمّم خصيصاً للظهور الأول على سجادة حمراء.
خلاصة القول، قدمت عروض الهوت كوتور لهذا الموسم أكثر من مجرّد فساتين، قدّمت رؤى جمالية تحتفي بالأنوثة بتعدد أشكالها. سواء كنتِ تنجذبين للدراما الشرقية، أو تسحرين بسحر الملكات، أو تفضلين الأسود الحازم، أو تغرمين بالبريق واللمعان، فإن باريس كانت ولا تزال مرآة أحلامنا، وفساتينها لغة لا تحتاج إلى ترجمة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.