مجموعة برابال غورونغ ربيع وصيف 2026: عندما تتحوّل الموضة إلى ملاذ من الأمل | Gheir

مجموعة برابال غورونغ ربيع وصيف 2026: عندما تتحوّل الموضة إلى ملاذ من الأمل

اسابيع الموضة  Sep 14, 2025     
اشترك في قناتنا على يوتيوب
×

مجموعة برابال غورونغ ربيع وصيف 2026: عندما تتحوّل الموضة إلى ملاذ من الأمل

في كل موسم من مواسم أسبوع نيويورك للموضة، هناك عروض تتترك فينا أثراً يتجاوز حدود الأقمشة والقصّات، لتلامس شيئاً أعمق، شيئاً يشبه الروح. عرض برابال غورونغ لربيع وصيف 2026 كان واحداً من هذه اللحظات النادرة، إذ قدّم المصمّم رؤية شعرية عن الأمل والقدرة على الصمود، مسكونة بذكريات طفولته في نيبال، ومرسومة على أقمشة مشبعة بالألوان الهادئة والأنوثة المعاصرة.

الأجنحة التي نحتاجها اليوم

حمل العرض عنوان "Angels in America" أو "ملائكة في أميركا"، لكن غورونغ لم يقصد ملائكة أسطورية بعيدة، بل أولئك الذين نراهم حولنا كل يوم. هؤلاء ظهروا على المنصّة وكأنهم ملائكة حديثة، يملكون شجاعة الظهور على حقيقتهم، في وقت يحتاج فيه العالم إلى مثل هذه الشجاعة أكثر من أي وقت مضى.
المكان نفسه أضاف عمقاً لهذه الرسالة. العرض أُقيم في كنيسة، في أجواء هادئة تتردّدد فيها أصوات جوقة حيّة. لحظة افتتاح العرض لم تشبه عروض الموضة التقليدية، بل أقرب إلى طقس تأملي، جعل الجمهور يتلقّى المجموعة بعينين وقلبين منفتحين.

لغة الألوان: طمأنينة بصريّة

اختار غورونغ لوحة لونية تشبه قصيدة في التفاؤل: برتقاليّات سوربيه، أزرق سماوي هادئ، وزهريّات ناعمة. هذه الألوان لم تكن مجرد زينة بصرية، بل بدت كأنها تترجم معنى الأمل إلى درجات لونية، تحمل في داخلها وعداً بالسكينة. في زمن يتسم بالضجيج والتوتر، بدا هذا الصفاء البصري بمثابة دعوة للتوقف، للتنفس، ولتذكّر أن الجمال البسيط قد يحمل في داخله قوة كبرى.

الأزهار كرمز مزدوج

المرجع الآخر الذي لجأ إليه غورونغ هو زهرة "بوق الملاك" التي تفتّحت في طفولته في نيبال. زهرة تنبض بالثنائية: تُزهر ليلاً، مخدّرة وجذابة، تجمع بين البراءة والإغواء، بين الحياة والموت. هذه الرمزية انعكست في الأقشمة التي جمعت بين قسوة معمارية في بعض التصاميم ورقّة أنثوية في أخرى. النتيجة كانت توازناً محسوباً بين الصلابة والنعومة، أشبه بلوحة تعكس طبقات النفس الإنسانية.

بين الحلم الأميركي والملاذ الشخصي

خلال أحاديثه الجانبية، أشار غورونغ إلى أن أسبوع الموضة في نيويورك ما زال بالنسبة إليه ساحة لتجسيد "الحلم الأميركي" — ذلك الحلم الذي يقوم على التنوع، الحرية، والفرص المتاحة لللجميع. من هنا جاء عرضه كتذكير بأن الموضمة ليست فقط صناعة مترفة، بل قد تكون مساحة تُحتضن فيها الهويات المتعددة، ويُعاد تعريف الجمال بمعناه الأوسع والأكثر شمولاً.

قوة التطور الهادئ

ما يميّز هذه المجموعة أنها لم تحاول أن "تعيد اختراع العجلة". غورونغ لم ينجرّ وراء الصدمة أو المبالغة، بل فضّل تطوراً هادئاً ضمن رموز داره الخاصة. القصّات جاءت أكثر رقة، التفاصيل أكثر دقّة، والرسالة أكثر ثقة بنفسها. كأن المصمّمم يقول: في عالم مليء بالفوضى، قد يكون الجواب أبسط مما نعتقد— أن نعيد اكتشاف الرقة، وأن نمنح أنفسنا لحظات من الجمال المطمئن.

خاتمة: الأمل كصيغة للموضة

في النهاية، ترك عرض برابال غورونغ شعوراً يشبه معانقة ناعمة: ليس صاخباً، بل دافئاً، مطمئناً، ومفعماً بالجمال. قد تكون بعض الخيوط الرمزية فضفاضة، لكن الحضور لم يتوقف عند التفاصيل، بل انغمس في الجو العام—جو من الأمل المضيء.
لقد قدّم غورونغ درساً في أن الموضة ليست فقط مرآة للزمن، بل أيضاً أداة لمقاومة قسوته. وفي ربيع وصيف 2026، لم نخرج من العرض بمجرد صور جميلة، بل بشعور صادق بأن الموضة تستطيع، ولو للحظات، أن تكون جناحين يحملاننا بعيداً نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

اسابيع الموضة