في نسخته الأخيرة، أثبت أسبوع الرياض للأزياء أن الموضة السعودية تسير بخطى واثقة نحو العالمية، دون أن تفقد روحها الشرقية وعمقها الثقافي. فبينما تتقاطع الرؤى الإبداعية للمصممين مع صيحات الموضة العالمية، حافظت التصاميم التي عُرضت على المنصّة على أصالتها المحلية، مقدّمة مشهداً متنوّعاً يجمع بين الرقيّ العصري والهوية الثقافية.
ما يميّز هذه الدورة أنّ غالبية دور الأزياء المشاركة حرصت على ترجمة ثلاثة اتجاهات رئيسية برزت بوضوح في العروض: الفخامة الهادئة (Quiet Luxury)، إطلالات اللون الواحد، والملابس المحتشمة الرفيعة التي تليق بذوق السيدة الخليجية المعاصرة، الباحثة عن أناقة راقية لا تخلو من البساطة والتميّز.
الفخامة الهادئة... رقيّ من دون مبالغة
هي الصيحة التي سيطرت على أجواء العروض، حيث اتجهت العديد من العلامات نحو تصميم قطع تفيض أناقة من خلال جودة الخامات ودقّة التفاصيل، بعيدة عن المبالغة في الزخرفة أو الشعارات. فالموضة اليوم تميل إلى الترف المتوازن، حيث يُعبّر عن الثراء من خلال القصّات المتقنة والأقمشة الفاخرة بدلاً من البريق المفرط. هذا الاتجاه عكسه بوضوح عدد من المصممين السعوديين الذين قدّموا تصاميم عملية وراقية في آنٍ واحد، تلائم حياة المرأة العصرية التي تجمع بين الأناقة والعملية.
إطلالات اللون الواحد... تناغم بصري وأناقة راقية
من جهة أخرى، جاءت إطلالات اللون الواحد لتؤكد حضورها القوي على منصّات الرياض. فقد رأيناها في مجموعات متعدّدة تدرّجت من الأبيض الكريمي إلى درجات التراب والرماد ولون البودرة، مروراً بالألوان الميتاليكية الناعمة. هذه المقاربة اللونية أضفت إحساساً بالاتساق والبساطة، مع الحفاظ على فخامة الإطلالة. فالاعتماد على تدرّج واحد من اللون يتيح للمصمم إبراز القصّة والخامة، وهو ما تجلّى بوضوح في مجموعة رزّان العزوني التي اختارت الأبيض وتدرجاته كلون أساسي، أضفى على تصاميمها لمسة من النقاء والعصرية، لا سيما مع الإكسسوارات الذهبية التي منحت الإطلالات بعداً احتفالياً راقياً.
الاحتشام العصري... توازن بين الأصالة والحداثة
أمّا الاتجاه الثالث فتمثّل في الملابس المحتشمة الرفيعة التي تليق بمختلف مناسبات السيدة الخليجية، وتجمع بين الرصانة والأنوثة. هذا التوجّه برز في مجموعات عدّة، أبرزها مجموعة دنانير التي قدّمت تصاميم نهارية تزاوج بين الكاجوال شيك وفساتين المناسبات الراقية، مع خطوط نظيفة وطول متناسق يمنح الإطلالة طابعاً أنيقاً ومتحرّراً في الوقت ذاته.
بينما اتّجهت منال إلى تقديم مجموعة مسائية غنية بالتفاصيل الناعمة، اعتمدت فيها على خامات مرهفة كالأورغانزا والحرير، وألوان ترابية أحادية تجسّد التوازن بين الهدوء والترف. أمّا فاطمة العبدالقالدر فقدّمت تصاميم أنثوية ناعمة تتقاطع بذكاء مع خطوط الموضة العالمية، محافظة على حسّها المحلي الأصيل.
الهوية السعودية... في ثوبها المعاصر
لم يكن أسبوع الرياض للأزياء مجرّد منصّة للعروض، بل مساحة حوار بين التراث والحداثة. فبينما تتسارع وتيرة العولمة في الموضة، تمكّن المصممون السعوديون من إثبات قدرتهم على ابتكار لغة بصرية جديدة تعبّر عن المرأة العربية العصرية: قوية، واثقة، ومتصالحة مع هويتها.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.