وُلد مورياس في مدينة سيڤيل الإسبانية، وحطّ رحاله في جنيڤ وهو في العاشرة من العمر، وذهنه مليء بالذكريات العطرية من الحديقة المسيّجة حيث أمضى طفولته، برائحة عطر والده، وبالشوكولاتة التي كان يحبّها. باختصار، حمل معه معجمًا كاملًا من العطور.
بالنسبة إليه، ابتكار العطور يستحضر إلى باله رؤى عديدة، وكأنّ العطر المرتقب اختار أن يروي له حكايته عبر الصور. ابتكر ألبرتو مورياس عطرَي Santal Odeyar و Bois Nomades وكأنّهما شخصيّتان في رواية واحدة. لذا تعرفي أكثر على ألبرتو وعلى عطريه الجديدين في هذه المقابلة:
كما لكل امرأة عطر، فلكل عطر امرأة – حدّثنا عن امرأة “Bois Nomades” وامرأة "Santal Odeyar" من شوبارد
استوحيتُ عطر "Santal Odeyar" من فكرة إعادة تكوين حدائق حكايات ألف ليلة وليلة في عطر، فتخيلت امرأة عصرية خالدة، مفعمة بالحياة والحيوية والأمل، ولها هالة سحرية جذابة.
أما عطر "Bois Nomades" فله تأثير أعمق بفضل عبير التوابل والأخشاب العطرة فيه – فتخيلت امرأة جذابة تهوى الليل، لها شخصية قوية تزيدها جاذبية وسحرًا لا يقاوما.
ما الفارق بين مكونات كل عطر منهما؟
كلا العطرين لهما عبير خشبي، وإن كان بينهما فارقًا من هذه الناحية أيضًا. فعطر "Santal Odeyar" هو احتفاء بالأجواء والحدائق الشرق أوسطية الغناء، كأنها الواحة الخضراء الغنية بمتنوع أشكال الزهور والفاكهة، كالمانغو، زهر البرتقال، الياسمين والورد. ويأتي عطر خشب الصندل ليجمع هذه العطور في باقة غنية، تمنح تأثيرًا كريمي غنيًا ومريحًا.
وبالنسبة لعطر "Bois Nomades" فيعطي شعورًا أعمق بالدفء والسحر. فهو ذو عطر عنبري خشبي عميق، يحمل عبيرًا من العود، والطباق، والقرفة. فهو عطر حريف وأرضي أكثر من كونه زهري.
ما المشاعر التي يحرّكها كل عطر فينا؟
كلاهما يحملانك في رحلة بين بلاد الشرق الأوسط. فكل منهما يحمل وجهًا مختلفًا عن الآخر يعبّر عن هذه المنطقة الثرية والفريدة من العالم. فعطر "Santal Odeyar" هو المكافئ الشمسي للألوان الحيوية، البهجة، والتنوع الكبير التي نلقاها خلال رحلاتنا في البلاد العربية. فهو يصور لحظة سلام في جنة عدن شرقية إذ تلف الأشجار، الزهور، المياه، الحيوانات والبشر في عباءة من توازن الطبيعة.
وأما عطر " Bois Nomades" فيغوص بك في رحلة أكثر غموضًا وسحرًا. فمثلما صور أشهر فناني القرن التاسع عشر من أمثال ماتيس وفلوبير هذه المنطقة الساحرة، يجسد العطر أيضًا منطقة الشرق الأوسط الحالمة الغامضة وكأنه ينقلك في المنطقة عبر قرون اشتهرت بالشخصيات القوية الساحرة المشهورة بالغواية، من أمثال سالومى، سالامبو، وشهرزاد.
أوضحتَ أن العطرين يحملان عبيرًا خشبيًا عميقًا، ما السر وراء اختيارك لهذه العطور تحديدًا؟
في دار شوبارد، تقود صديقتي العزيزة كارولين شوفيل قسم العطور – ولابتكار هذه العطور، أحضرت لي بعضاً من مقتنياتها الشخصية الثمينة والعزيزة عليها، وكان من بينها قطعة قماش، عطر قديم، ورسمة يدوية. أعتبر هذه العطور تعاون وثيق بيننا. فمقتنياتها الشخصية كانت نقطة الانطلاق بالنسبة لي، فنحن لم نخض اجتماعًا رسميًا، وانما تحاورنا وتناقشنا. ولطالما أثارت شخصيتها الحيوية وقوتها الأصيلة المتجذرة بها إعجابي.
تفضل كارولين العطور ذات العبير الخشبي. فهي تعبر عن الجانب العميق من شخصيتها الذي لا يتبدى مع أول لقاء معها. فالعطور الخشبية، مع تأثيرها العطري الممتد، يعطي إشارة إلى صاحبتها بأنها تبدو امرأة ناعمة وقوية، لكن ليس من السهل التأثير عليها ولا يمكن اعتبارها هشة. وبطبيعة الحال، استلهمت هذا من تخيلاتي عن شخصيتها.
ما الذي يميز هذين العطرين عن أي عطور ذات عبير خشبي ابتكرتها من قبل؟
أشعر أنني محظوظ لعملي مع شوبارد. هذه الدار الفاخرة منحتني الحرية لأبتكر. هذا بالإضافة للعمل عن قرب مع كارولين، والذي أضاف لي رؤية ثانية عن هذه الابتكارات، مما حفزني لتحدي إمكاناتي وحدودي السابقة.
اخترنا العمل بعبير مستوحى من الشرق الأوسط وتجربة خامات عالية الجودة مستوردة، وهذا ملأني بأفكار جديدة واحتمالات متنوعة. أشعر أن هذه العطور تحمل شيئًا جديدًا وفريدًا بحق، كأنها تهدينا الرابط بين التأثيرات الشرقية والغربية.
باعتبارها دار مجوهرات عالمية، فإن شوبادر تهتم بالاستدامة كليًا – فما هي إضافتك لهذا المفهوم من ناحية المكونات المستخدمة؟
صناعة العطور صارت أكثر وعيًا هذه الأيام، وصرنا أكثر وعيًا والتزامًا بتأثير عملية تصنيع العطور على البيئة. فلم يعد بالمقدور التعامي عن تأثير الصناعة على البيئة فيما يخص استجلاب الموارد، وظروف المعيشة الخاصة بالمزارعين، ومشكلة النفايات، وهذا تطور جيد.
وفيما يخص العطور الجديدة، قمنا بانتقاء مكونات طبيعية من بين الأنقى والأفضل في العالم، مثل عود آسافي، وهو من أفضل وأثمن أنواع العود في العالم. "فيرمنيك" تعاونت على مدار سنوات مع شريك يتبع أفضل إمكانيات مستدامة في عمليات استخراج عناصر خشب الآغار باستخدام أساليب تقليدية أصيلة. وبالنسبة لأخشاب السيدار، رغبنا في استخدام سيدار مغربي، وهو نوعية أخشاب ثمينة تعتبر ثروة قومية، وتتحكم فيه الحكومة نفسها. فقمنا باتباع أسلوب إعادة التدوير لاستخراج خلاصة خشب السيدار من نشارة أخشابه المستخدمة في تصنيع الأثاث، مما أتاح لنا فرصة استثنائية لابتكار شيء فخم وبديع من بقايا مهملة، وهي الفكرة التي أحببتها جدًا شخصيًا.
حدثنا أكثر عن علاقتك بدار شوبارد، وما هي أوجه التشابه بين فلسفتها والقيم التي تتبعها شخصيًا؟
أنا وكارولين يجمعنا شغف دائم بالجمال وبالعمل الجاد المخلص. كلانا عمل في دور فاخرة لعقود وشهدنا على تغيرات كثيرة على مدار السنوات. نقدّر كثيرًا التكنولوجيا الحديثة التي تحسّن من جودة الفنون التي نقدمها مع تقليل أي تأثيرات ضارة على البيئة. وأزيدك أيضًا، أننا نكن عميق التقدير لإبداعات بعضنا البعض، وهذا جعل التعاون بيينا أكثر بهجة وسلاسة.
برأيك، ما هي الطريقة المثلى للاستمتاع بالعطر؟
يمكنك الاستمتاع بالعطر كيفما رغبت، -لا توجد قواعد فعلية هنا. ولكن لو رغبت في أن يكون تأثير عطرك أقوى وأطول، ستظل قاعدة تطبيقه على نقاط النبض في الجسم، مثل الرقبة والرسغ، هي الأهم. شخصيًا أحب نثر العطر على ملابسي أيضًا.
هل لديك طقوس خاصة باستخدام العطر؟
كرسام ينظر إلى لوحته؛ أحب أن أتعطر بعطور ابتكرتها. إما لأعيد اكتشاف عطور صممتها منذ سنوات خلت، وتذكرني بفترة سابقة من حياتي، أو لأجرب العطر الذي أعمل عليه حاليًا. أحب التعطر صباحًا، لأتابع تأثير العطر على مدار اليوم لأحلل كيف يتطور تأثيره، وبعدها في اليوم التالي أتشمم ملابسي لأتبين إن كان العطر قد استمر تأثيره خلال الليل، وكيف تغير تأثيره بعد يوم كامل.
من ملاحظتك الشخصية، ما هو أكبر خطأ يقع فيه الناس عند التعطر؟
لا أظن أن هناك تصرف خاطئ عند اعتماد أي عطر! ما يهم هو أن تضعي العطر الذي تحبينه، في الوقت وبالطريقة التي ترغبينها. لكني أعتبر إهداء عطر لشخص لست على معرفة وثيقة به، تصرف خاطئ. فالعطور لمسة شخصية جدًا، وحتى أكثر العطور مبيعًا قد لا يلقى قبولًا لدى بعض الأشخاص – لذا أنصح دومًا بالانتباه عند انتقاء عطر ما كهدية.