أكثر ما لاحظناه هذا العام في مهرجان كان السينمائي 2025، لم يكن مجرد فساتين مبهرجة أو مجوهرات ضخمة، بل ذاك التوجه اللافت نحو الجمال الهادئ—المكياج الطبيعي، الشعر البسيط، والملامح الواثقة من نفسها دون تصنّع. مشهد جعلنا نتساءل: هل نشهد عودة فعلية إلى البساطة؟ وهل يكون هذا التوجّه هو الصيحة الأبرز القادمة في صناعة الجمال، بعد أن أثقلتها الوفرة الهائلة في العلامات التجارية، تلاحق الصيحات، والإقبال المستمر على اللوكات الدراماتيكية والمبالغة في الابتكار؟
- وسط هذا المشهد، سطع نجم أنجيلينا جولي بإطلالة كانت أقرب إلى لوحة زيتية هادئة. اعتمدت مكياجاً ناعماً يرتكز على إشراقة البشرة، عيون محددة بلطف، لمسة هايلايتر خفيفة، وشفتين بدرجة نيود وردية تنسجم مع رقي إطلالتها. شعرها المنسدل بانسيابية وأقراطها المتدلية أضافا بُعداً من الأناقة الصامتة، لا ضجيج فيها ولا استعراض.
- نتالي بورتمان بدورها جسّدت مدرسة "الأقل هو الأكثر". تسريحة شعر مشدودة إلى الخلف، مكياج عيون دافئ وشفاه بلون طبيعي، كلها عناصر أسهمت في إبراز ملامحها بلا تكلّف، وكأنها تقول للعالم إن الجمال لا يحتاج إلى إضاءة صاخبة ليُرى.
- أما روزي هانتنغتون وايتلي، فقدّمت درساً في الجاذبية المحتشمة. اعتمدت مكياج سموكي خفيف بظلال خوخية، مع تسريحة شعر ملساء ومشدودة أظهرت بنية وجهها بأناقة واضحة. حضورها كان مثالاً على التوازن بين اللمسة العصرية والهدوء الذي يترك أثراً.
- هذا التوجّه لم يكن مقتصراً على هؤلاء النجمات فحسب. فقد ظهرت جنيفير لورانس بإطلالة سوداء كلاسيكية، اختارت معها كعكة أنيقة ومكياجاً بالكاد يُرى. والنتيجة؟ إشراق طبيعي لا يمكن تجاهله، ورسالة واضحة: الجمال الصادق لا يحتاج إلى تغطية.
- إيما ستون، من جهتها، تبنّت أسلوب الـNo-Makeup Makeup بأسلوبها المعتاد، مع بشرة نضرة، لمسة خفيفة من البلاشر، ماسكارا بالكاد تلاحظ، وشفاه بدرجة وردية شفافة، لتبدو وكأنها استيقظت على هذا النقاء بكل عفوية.
- حتى الإطلالات الكلاسيكية لم تغيب، بل جاءت بأسلوب هادئ مدروس. فقد أطلّت زوي دوتش بتسريحة شعر مموجة تذكّر بنجمات الأربعينات، ومكياج مستوحى من الريترو: آيلاينر ناعم، بشرة مخملية، وشفاه حمراء مرسومة بإتقان، لكنها لم تبدُ متكلّفة، بل مُتعمّدة في إبراز هويتها الجمالية.
ربما يمكننا القول إن نجمات مهرجان كان هذا العام قرّرن أن يصغين إلى ذواتهن قبل أن يتبعن تيارات الموضة. فاختَرْن الجمال كوسيلة للتعبير لا للتمويه، كأداة للثقة لا للإبهار اللحظي. وهذا ما يجعلنا نتأمل: هل نحن أمام بداية صفحة جديدة في عالم الجمال؟ صفحة تعيد الاعتبار لما هو طبيعي، حقيقي، وصادق؟ يبدو أن الجواب بدأ يكتبه السجّاد الأحمر نفسه—بهدوء، وأناقة، وثقة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.