أسابيع الموضة تكرّس فكرة الجمال البسيط بعيداً عن صيحات تيك توك الصاخبة
بينما يواصل "تيك توك" فرض إيقاعه على عالم الجمال عبر مكياج مكثّف ومشبع بالألوان، تفضّل منصات عروض الأزياء لربيع وصيف 2026 السير عكس هذا التيار. فالمكياج الذي قدّمته أبرز الدور العالمية بدا متحرراً من الصيحات الرقمية، مرتكزاً على ما قلّ ودلّ، لكنه في الوقت نفسه جريء ومدروس بعناية. لم يكن الهدف إعادة إنتاج "إطلالات مثالية"، بل طرح أسلوب فني يعكس شخصية المرأة بلمسة غير تقليدية، تكاد تكون أشبه بعمل تشكيلي حي على الوجه.
في عرض Roksanda، تجلّت قوة الشفاه المحددة باللون الأحمر القاني، حيث اتخذت مكانها كعنصر مركزي في الإطلالة. هذه الشفاه بدت كأنها مرسومة بخطوط هندسية دقيقة، عاكسةً قوة الشخصية وحضورها المسرحي. بعيداً عن الألوان الوردية أو النيود التي تملأ إطلالات المشاهير على المنصات الرقمية، أعاد هذا العرض الاعتبار للأحمر الداكن كرمز كلاسيكي خالد، مع إعادة تفسيره بلمسة عصرية تعكس ثقة وجرأة.
أما في عرض Leonard Paris، فقد جاءت الظلال الحمراء حول العينين لتكسر القاعدة المألوفة في رسم المكياج. اللون الأحمر، الذي غالباً ما يُحصر في الشفاه، انتقل هنا إلى محيط العينين ليشكل هالة لافتة تحيط بالنظرات. هذه الصيحة تحمل بعداً فنياً واضحاً، إذ تمزج بين الجرأة والنعومة، وبين الحدة والانسيابية، لتمنح العينين طابعاً شاعرياً غير مألوف. النتيجة كانت إطلالة تستحضر قوة التعبير البصري وتحوّل الوجه إلى لوحة فنية نابضة.
أما عرض Sportmax، فقد قدّم قراءة أكثر تحررا لفكرة الشفاه الحمراء، عبر صيحة الشفاه "الملطخة". اللون بدا مقصوداً في عدم كماله، وكأنه أُزيل جزئياً أو ترك ليتلاشى ببطء. هذا الاختيار لم يكن عشوائيا، بل مقاربة تعكس التمرّد على مفهوم المكياج المثالي، لتبرز الشفاه في حالتها الطبيعية الممزوجة بالفن والفوضى الجميلة. إنها صيحة تترجم روح الجيل الجديد الباحث عن الصدق في الجمال، بعيداً عن الصور المصقولة والمفلترة.
في المقابل، اختارت Toga أن تراهن على الألوان المشرقة من خلال الظلال الصفراء حول العينين. اللون الأصفر، المعروف بقدرته على بث الطاقة والإشراقة، أحاط بالعينين كإطار ضوئي مفعم بالحيوية. هذه الصيحة جاءت لتعكس روح الموسم الصيفي بكل ما يحمله من تفاؤل وحرية، مؤكدةً أن الجرأة يمكن أن تكون بسيطة وذكية في آن واحد.
عند جمع هذه الإطلالات معاً، نكتشف أن صيحات مكياج ربيع وصيف 2026 ليست دعوة للعودة إلى البساطة وحسب، بل لإعادة تعريف الجرأة نفسها. فبدلاً من الإغراق في التفاصيل كما نرى على منصات التواصل، اختارت دور الأزياء أن تختزل الرسالة في لمسة واحدة قوية – شفاه محددة، لون صارخ حول العينين، أو لمعة جريئة – لتترك أثراً لا يُمحى. إنها رسالة مفادها أن الجمال في موسمه القادم لن يكون نسخة عن التيك توك، بل لوحة فنية تُرسم بذكاء على وجه المرأة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.