تحتفي علامة HANDS Carpets الهندية، المعروفة بإرثها العريق في مدينة بهادوهـي وبتقنيات الحياكة اليدوية الرفيعة، بإطلاق مجموعتها الجديدة Postcards بالتعاون مع الثنائي الإبداعي Doodle and The Gang الذي أسسته الشقيقتان منتلّة وأسماء سعيد. تُعرض المجموعة ضمن معرض داونتاون ديزاين دبي من 4 إلى 9 نوفمبر 2025، وتضم قطعاً فنية من السجاد والمعلقات الجدارية تُجسّد مفاهيم الذاكرة والهوية والعادات بأسلوب معاصر. في حديثنا مع الفريقين، كشفا كيف تحوّل الحوار بين الحِرفة الهندية والرؤية التصميمية العربية إلى لغة بصرية تعبّر عن العاطفة والحنين وتعيد تعريف فن السجاد كوسيلة لسرد القصص.
مقابلة مع الأختين منتالا وأسما من Doodle and The Gang :
"بوستكاردز" تبدو شخصية وعاطفية للغاية. كيف نشأت فكرة ترجمة ذكرياتكم وهويتكم الإقليمية إلى سجاد؟
جاءت فكرة بوستكاردز بشكل طبيعي جداً، وشعرت وكأنها الفصل التالي بعد مجموعتنا الأولى التي كانت شخصية جدًا وتركز على العائلة وذكريات الطفولة. لطالما رأينا التصميم كشكل من أشكال السرد، وسيلة لالتقاط ما شاهدناه وشعرنا به وشاركناه. ومع مرور الوقت، أدركنا أن الكثير من تلك الذكريات مرتبطة بأماكن محددة: صباحات القاهرة، شوارع بيروت، التطور المستمر في دبي، ليالي الرياض، والحرف التي صادفناها في الهند.
وعلى الرغم من أن هذه اللحظات شخصية للغاية، إلا أنها تعيش أيضاً في الذاكرة الجماعية للعديد من الأشخاص الذين عاشوا في هذه المدن أو مروا بها بما يكفي لتذكر دفئها. نشأت فكرة بوستكاردز من الرغبة في الحفاظ على تلك المشاعر المشتركة قبل أن تتلاشى، وتحويل الذكرى إلى شيء ملموس يمكن العيش معه ولمسه يومياً.
كل قطعة تبدو وكأنها تلتقط جزءاً من ذاكرة أو شعور. كيف اخترتم المدن الخمس — القاهرة، بيروت، دبي، الرياض وفاراناسي — كمحاور لهذه القصة؟
تمثل هذه المدن خريطتنا الشخصية والإبداعية، حيث تشير كل واحدة منها إلى فصل في قصتنا. القاهرة وبيروت تحملان ذكرياتنا المبكرة، كخلفية لطفولتنا وسنوات دراستنا. دبي هي المكان الذي نعيش فيه ونبدع اليوم، حيث تتشكل أفكارنا وتجد علامة Doodle and The Gang صوتها الحقيقي. الرياض تربطنا بالعائلة — فمنتلة تزوجت من حبها في المدرسة الثانوية، وهو نصف لبناني ونصف سعودي، ومن خلاله وعائلته تعرفنا على دفء الضيافة السعودية وسحر ليالي الشتاء الباردة. معاً، تشكل هذه المدن طيفاً عاطفياً واسعاً للشرق الأوسط، تحمل كل واحدة منها نوعاً من الحنين الذي يمكن للعديد من الأشخاص في المنطقة التعاطف معه، سواء من خلال الذاكرة، الثقافة أو الشعور. وأخيراً، فاراناسي هي المكان الذي تتجسد فيه كل هذه القصص من خلال مهارات حرفيي HANDS، الذين يحولون رسوماتنا إلى حكايات منسوجة. استوحت قطعتا Butter وMarigold من وقتنا هناك، وهما مرتبطتان بثقافة وحرفة الهند.
أعمالكم غالباً ما تحمل إحساساً بالسرد. ما القصة التي كنتم تأملون أن تحكيها "بوستكاردز" لمن يشاهدها لأول مرة؟
مع بوستكاردز، أردنا سرد قصة شخصية وقريبة، تتحدث عن الذكريات، المكان والانتماء. إنها مجموعة مبنية على الحنين، على الأشياء الصغيرة التي تجعل المدينة تبدو كالوطن. هناك عنصر مرح من نوع "إذا عرفت، فأنت تعرف" في العديد من القطع — لمن يتعرف على الرموز التي استُلهمت منها، غالباً ما تثير ابتسامة أو اندفاعًا من المشاعر. وحتى إن لم تعرف، الدعوة لا تزال موجودة: للتواصل من خلال قصصك وذكرياتك الخاصة، أو ببساطة للاستمتاع بالحرفة، اللون، والتكوين الذي يحيي كل سجادة. في جوهرها، "بوستكاردز" تتحدث عن جمال الذكريات المشتركة، وكيف يمكن لشيء شخصي للغاية أن يصبح ملكًا للجميع.
التصاميم — مثل Najd، Twirl وBonjuseh ، تثير ذكريات بصرية وحسية حية. كيف تحوّلتم من هذه الذكريات إلى أنماط وألوان ملموسة؟
غالبًا ما يبدأ الأمر بالإحساس، حركة الضوء أو ذكرى لحظة معينة لا ننساها. من هناك، نبدأ بالرسم بشكل حر، البحث، تدوين الملاحظات، وحتى جمع الأشياء أو الصور التي تثير نفس المزاج. بالنسبة لـ Najd، نظرنا إلى الهندسة التقليدية النجدية مع أبوابها المزخرفة بألوان زاهية، ونعمل على تلطيفها بباقة ألوان حديثة لتعكس المدينة المتطورة. Twirl نشأت من حركة الدوار الصوفي، حركتهم وتنقلاتهم المميزة تُترجم إلى خطوط دائرية متعددة الطبقات، مع حزام أسود محفور يدوياً وطربوش أحمر أيقوني. أما Bonjuseh فاستلهمناها من ذكريات فترات الراحة المدرسية والصيفية في بيروت، مشرقة، مليئة بالحنين وقليلاً مرحة. كل تصميم هو جزء من الذاكرة، جزء تجريدي، مصفى عبر الزمن واللون.
تجمع المجموعة بين الحنين والحداثة. كيف حققتم التوازن بين الرمزية الثقافية ولغة التصميم المعاصرة؟
أردنا تكريم جذورنا دون أن نُقيد بها. الرموز عاطفية أكثر من كونها حرفية، تظهر في الإيقاع، اللون والملمس بدل الزخارف المباشرة. قمنا بإزالة الرمزية الزائدة للوصول إلى ما يشعر بأنه مألوف وخالد. النتيجة هي عمل يتحدث عن الثقافة والذاكرة بلغة معاصرة وعالمية.
ما دور التعاون بينكما خلال مرحلة التصميم؟ هل ركز كل منكما على مدن أو عناصر محددة؟
عملية التصميم لدينا غريزية ومترابطة بعمق. لا نقسم العمل حسب المدينة أو الموضوع، بل ننتقل بين الرسومات، المناقشات والتعديلات باستمرار. قد يبدأ أحدنا بذكرى، ويقوم الآخر بتشكيلها بصرياً. تجاربنا المشتركة وذكرياتنا الأساسية كأخوات تمنحنا مرجعاً عاطفياً مشتركاً، وهذا ما يسمح لنا بخلق سرد موحد رغم اختلاف صوت كل واحدة منا.
الحرفية هي جوهر المشروع. كيف كانت تجربة التعاون مع حرفيي HANDS الذين حولوا تصاميمكم إلى أعمال معقودة ومكتنزة يدويًا؟
كانت تجربة استثنائية. فهم فريق HANDS أن هذه السجاد ليست مجرد تصاميم بصرية، بل هي مناظر عاطفية، واثقوا بنا لوضع منظورنا كمصممين عرب في قلب السرد. معاً، جربنا الملمس، ارتفاعات النسج وتركيبات الخيوط لترجمة هذه المفاهيم إلى فن ملموس. أصبح التعاون حواراً بين الفن والحرفة، الذاكرة والمادة. رؤية رسوماتنا وقصصنا تتحول إلى صوف وحرير، بكل ما فيها من عمق وخصوصية، كانت تجربة رائعة ومؤثرة للغاية.
تصفون "بوستكاردز" بأنها "رسالة حب". ما المشاعر أو الانطباعات التي أردتم نقلها من خلال هذا الاستعارة؟
الحب، في حالتنا، يُعبّر عنه من خلال التذكر، بملاحظة التفاصيل اليومية وتقديرها. بوستكاردز هي رسالة حب للمدن التي نشأنا فيها، للأشخاص الذين ملأوا حياتنا، وللحرفيين الذين يواصلون هذه التقاليد. إنها عن الامتنان، الحنين، وجمال الاتصال، كيف يمكن للتصميم أن يجسر الزمن والمسافة والذاكرة.
كيف ترون بوستكاردز في سياق النقاشات الحالية حول الهوية الثقافية والتصميم في الشرق الأوسط وخارجه؟
الشرق الأوسط يعيش يقظة إبداعية، والمصممون يروون قصصهم الخاصة، مستندين إلى الأصالة بدل الصور النمطية. بوستكاردز هي مساهمتنا في هذا الحوار. تحتفل بالمنطقة ليس من خلال البذخ، بل من خلال الحميمية، الطقوس اليومية والمشاعر التي تحدد هويتنا. وفي السياق العالمي، تذكرنا بأن التصميم ليس مجرد جماليات، بل هو عن الهوية، الانتماء، والذكريات التي توحدنا جميعاً.
أجرينا أيضاً حواراً سريعاً مع مديرة Hands براناي باتوديا وهذه تفاصيله:
ما الذي جذب Hands Carpets للتعاون مع Doodle and the Gang؟ وكيف انسجم هذا التعاون مع إرث العلامة في الحرفية والسرد الفني؟
نعرف أسماء ومنتلة منذ عدة سنوات، وكنا دائمًا معجبين بنهجهما التصميمي المميز. لغتهما الإبداعية شابة وتعبيرية وجذورها عاطفية، وهي صفات تتكامل بطبيعتها مع إرث HANDS القائم على الدقة والحرفية العالية.
بالنسبة لنا، التعاون هو وسيلة لخلق رؤى جديدة مع البقاء أوفياء لقيمنا. ما قدمته Doodle and the Gang هو حس من العفوية وعمق سردي اندمجا بانسجام تام مع خبرتنا التقنية. النتيجة كانت مجموعة من الأعمال التي تكرّم التقاليد لكنها في الوقت نفسه تبدو عصرية ومتجددة، وتتناسب تمامًا مع مساحات اليوم الداخلية.
تجمع مجموعة "بوستكاردز" بين الإرث الحرفي والعاطفة المعاصرة. من وجهة نظركم، ما الذي يجعل هذا التعاون مميزًا في المسيرة الإبداعية لـ Hands؟
تتميز "بوستكاردز" لأنها تحقق توازنًا رائعًا بين حرية الإبداع ونزاهة التصميم. كل سجادة فيها مستوحاة من مدينة ومن حالتها المزاجية، لكنها صُممت بعناية لتلائم أسلوب الحياة العصري — فهي ناعمة، أنيقة، ومتعددة الاستخدامات. ما يجعل هذا التعاون فريدًا هو الحوار الذي يجمع بين الفن والوظيفة: فالمجموعة تُدخل السرد العاطفي إلى المساحات الداخلية من دون أن تطغى عليها. إنها تذكير بأن الحرفية يمكن أن تتطور مع الزمن، من دون أن تفقد أصالتها أو غايتها الحقيقية.
مع إطلاق "بوستكاردز" في معرض داونتاون دبي دبي، ما الرسالة أو التجربة التي تأملون أن يأخذها الزوار حول مستقبل التصميم الحِرفي؟
مستقبل التصميم الحِرفي يكمن في تحقيق التوازن بين الابتكار والتقاليد، وبين التكنولوجيا واللمسة الإنسانية.
في داونتاون ديزاين، نرغب أن يختبر الزوار كيف يمكن للسجادة المصنوعة يدويًا أن تُحوّل أي مساحة — ليس فقط بصريًا، بل عاطفيًا أيضًا. فالأمر يتعلق بالراحة، والملمس، والإحساس بالترابط. التصميم الحِرفي يتمتع بجودة خالدة تضيف عمقًا ودفئًا إلى المساحات المعاصرة. أملنا أن يرى الناس هذه القطع ليس كمجرد عناصر تصميم، بل كعناصر أساسية تخلق بيئات تعبّر عن الشخصية، متجذّرة، ومليئة بالحياة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.