مقابلة مع كريستيل باسيلا: التصميم القابل للجمع جسر بين التراث، الإبداع، والمواهب الإقليمية | Gheir

مقابلة مع كريستيل باسيلا: التصميم القابل للجمع جسر بين التراث، الإبداع، والمواهب الإقليمية

ديزاين  Dec 07, 2025     
×

مقابلة مع كريستيل باسيلا: التصميم القابل للجمع جسر بين التراث، الإبداع، والمواهب الإقليمية

كريستيل باسيلا، المؤسسة والمديرة التنفيذية لـThe A/P Room، تفتح فصلاً جديداً في عالم التصميم القابل للجمع في الشرق الأوسط. مع إطلاق أول معرض من نوعه في دبي تحت مظلة Atelio، الفرع التصميمي لمجموعة Vivium التي أسسها إيلي خوري، تُحوّل كريستيل التصميم القابل للجمع إلى حوار حيّ بين القارات والأجيال. بعد أكثر من عقد من الخبرة في جمع أيقونات منتصف القرن وإدارة محفظة فنية تعكس شغفها بالحفاظ على التراث الثقافي، تحوّل شغفها بالتصميم الداخلي والأثاث القابل للجمع من تجربة شخصية في بيروت وباريس إلى رؤية مؤسسية. في The A/P Room، تقدم كريستيل مساحة حيث يلتقي التاريخ بالمعاصرة، ويرتقي بالمصممين الإقليميين إلى العالمية، بينما يُعيد للقطع الفنية قيمتها العاطفية والثقافية، مؤكدة على أهمية الحرفية والذاكرة والهوية في كل عمل.

تُوضع منصة The A/P Room كقناة ثقافية أكثر من كونها مجرد معرض. كيف تُعرّفين "القيمة" العاطفية أو الثقافية لقطعة التصميم القابلة للجمع، بعيداً عن ماديتها أو براعتها الحرفية؟

بالنسبة لي، تكمن قيمة قطعة التصميم القابلة للجمع في العالم الذي تحمله بين طياتها. فالمواد والحرفية ضرورية، لكنها تمثل السطح فقط. ما يهم حقاً هو الشحنة العاطفية، وحركة الصانع، والذاكرة الثقافية المضمّنة في الشكل، والطريقة التي يمكن لقطعة أن تحتفظ بها بالتاريخ الشخصي والجماعي في آن واحد.
تصبح القطعة ذات معنى حين تشعر أنها لم تكن لتوجد بأي شكل آخر. هذه الحتمية تمنحها حضوراً مميزاً، فتتحول القطعة إلى وثيقة ثقافية تتجاوز وظيفتها لتدخل إلى عالم الإحساس والذاكرة والهوية. أتذكر شعوري أمام خزانة جورج ناكاشيما قبل أكثر من عقد من الزمن؛ إنها قوة هادئة، مادة تحمل بين طياتها التاريخ والنبض. حين تمتلك القطعة هذا النوع من الحضور، تأتي قيمتها من العالم الذي تحويه ومن العالم الذي تفتحه في داخل من يلتقي بها.

بدأت رحلتك في التصميم القابل للجمع مع مساحات شخصية أبدعتها في بيروت وباريس. كيف شكّلت تلك التجارب المبكرة فلسفة The A/P Room اليوم؟

علمتني تلك المساحات المبكرة أن الأشياء ليست ثابتة، فهي تشكّل شعورنا وحركتنا وطريقة عيشنا. في بيروت وباريس، أحطت نفسي بقطع تتحدث إلى الحدس وليس إلى الصيحة، وأدركت أن الجمع هو فعل عاطفي في جوهره.
وهذا الإحساس بالحميمية مضمّن اليوم في The A/P Room . يُنسّق المعرض بحساسية مماثلة، حيث توضع القطع في حوار، ليس للعرض الاستعراضي، بل لإيجاد الجو المناسب. أردت أن أحمل شعور الاكتشاف الشخصي إلى مساحة عامة، حيث يُلتقى بالتصميم ببطء وتفكير، وبعمق عاطفي.

المنصة تسعى لوضع المصممين الشرق أوسطيين في حوار مع أسماء عالمية. برأيك، ما أبرز السرديات التي يقدمها المصممون الإقليميون للمشهد التصميمي العالمي؟

يقدم المصممون الشرق أوسطيون لغة بصرية جديدة للعالم، قائمة على التجريب المادي وحساسية عميقة للمكان. يعملون بالطين والخشب والنحاس والجبس والأصباغ الطبيعية. لا تُقلّد التقنيات التراثية، بل تُحوّل وتُعاد صياغتها.
ما يجعل المنطقة مثيرة هو هذه القوة الهادئة، النهج الخام والمحسوس والعاطفي تجاه الشكل. إنه تصميم ليس للاستعراض، بل للذاكرة والهوية. الأصوات الإقليمية تقدم للمشهد العالمي شيئاً نادراً: إحساساً بالارتباط الجذري مصحوباً بالجرأة المعاصرة، سردية جاهزة لأن يسمعها العالم.

تصفين المساحات كدعوات لتجربة فن الجمع. ما الاستجابة العاطفية التي تأملين أن يشعر بها الزوار عند لقاء بيئة مُنسّقة في The A/P Room؟

آمل أن يشعر الزوار بالفضول والاعتراف. The A/P Room مصممة للنظر البطيء، لملاحظة ملمس المادة، انحناء الشكل، الصمت بين القطع. الأهم أن يتحرك شيء داخلياً، اتصال بالتراث، أو استرجاع ذاكرة، أو لحظة سكون. أريد أن يشعر الزوار بالحميمية وليس بالهيمنة، ليختبروا التصميم ليس كديكور، بل كشيء إنساني عميق.

المعرض الأول في NOMAD أبوظبي جمع بين أسماء دولية أسطورية وأصوات إقليمية ناشئة. ما التوتر أو الانسجام الذي كنتِ ترغبين في تسليط الضوء عليه من خلال هذا الجمع؟

الهدف كان كشف الصدى لا الاختلاف. بوضع العظماء العالميين مع الأصوات الإقليمية، أردت أن أظهر أنهم جزء من نفس استمرارية الاستكشاف المادي والتعبير العاطفي. بدلاً من خلق التباين، أبرز المعرض الانسجام: الغريزة المشتركة نحو الشكل العضوي، التوازن بين الاحتواء والتعبير، والحوار بين التاريخ الثقافي. هذا النهج يؤكد أن المصممين الشرق أوسطيين ليسوا على هامش النقاش العالمي، بل يشكّلونه.

في منطقة تشهد تحولات ثقافية واقتصادية سريعة، كيف ترين مساهمة التصميم القابل للجمع في بناء الهوية واستمرارية الثقافة؟

التصميم القابل للجمع يقدم وسيلة للتعبير عن الهوية من خلال الأشياء، من خلال الملمس، الحرفية، والحميمية. فالهندسة المعمارية غالباً ما تتحدث على نطاق ضخم، أما التصميم فيتحدث على مستوى اليد البشرية. مع بناء مؤسسات جديدة وإعادة تعريف السرد الثقافي، يصبح التصميم القابل للجمع وسيلة لتثبيت الذاكرة، للتعبير عن التراث بأشكال معاصرة، ولخلق إرث مستقبلي. إنه يقدم الاستمرارية في زمن التغيير، طريقة لحفظ الثقافة مع تخيل المستقبل.

مع استعداد The A/P Room لافتتاح مساحاته الدائمة في دبي وأبوظبي، ما نماذج التفاعل الجديدة التي تتصورينها للزوار الذين يلتقون بالتصميم القابل للجمع لأول مرة؟

للعديد من الناس في المنطقة، لا تزال لغة التصميم القابل للجمع جديدة، لذا فإن دور مساحاتنا المادية هو خلق بيئة يتكوّن فيها الفهم بشكل طبيعي، من خلال الجو وليس التعليمات.
The A/P Room سيعمل أقل كمعرض تقليدي وأكثر كسلسلة من البيئات المُنسّقة. توضع القطع كجزء من سردية، كأنها شخصيات داخل قصة. الهدف هو إبطاء الزوار، ليشعروا بوزن المادة، نعومة الانحناء، والحضور العاطفي للشكل. بهذه الطريقة، يُصبح الفهم حاضراً من خلال التجربة، ويترسخ الفضول أولاً، ومنه يأتي الإدراك. نموذجنا للتفاعل يقوم على الصدى العاطفي أولاً، والتعلم من خلال الانغماس، ومساحة مفتوحة ومرحبة حيث يشعر التصميم بالإنسانية والارتباط العميق بالمكان.

نظرةً إلى المستقبل، ما رؤيتك الطويلة المدى لتشكيل منظومة التصميم القابل للجمع في الشرق الأوسط، وما الإرث الذي تأملين تركه للمصممين والمجمعين والمؤسسات الثقافية؟

أرجو أن تصبح The A/P Room مرساة ثقافية للمنطقة، مكاناً يدعم المصممين، ويشكّل المجمعين، ويعمّق فهمنا للتصميم كجزء من الهوية الثقافية. أريد أن يشعر المصممون الإقليميون بأن بإمكانهم بناء مسيرة عالمية دون مغادرة بلادهم، وأن تبدأ المؤسسات بجمع أعمالهم بجدية وفخر. ستعمل The A/P Room على تغيير طريقة تقدير التصميم هنا، ليُنظر إلى القطع ليس كديكور، بل كوثائق ثقافية – حاملة للذاكرة، والحرفية، والسرد. إذا استطعنا إلهام المؤسسات لجمع الأعمال الإقليمية بجدية، وتشجيع المجمعين على البحث عن قطع متكاملة عاطفياً ومادياً، ومنح المصممين منصة للتطور والتجريب، فنحن بذلك نشكّل مستقبلاً يجمع بين الجذور والجرأة.
في النهاية، أملي أن يكون إرثنا الارتقاء: رفع أصوات المنطقة، رفع مستوى الحوار، ورفع دور التصميم في كيفية تعريف الشرق الأوسط لنفسه، بثقة وعمق وإحساس بالاستمرارية يربط بين الماضي والمستقبل.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الديزاين