في زمن تسوده ثقافة العافية والبحث الدائم عن مصادر الجمال من الداخل، برز مشروب "الماتشا" الأخضر الساطع كأيقونة صحية لا غنى عنها في أكواب المشاهير ومطابخ عشاق الحياة النظيفة. إنه مسحوق الشاي الأخضر الياباني الذي تجاوز حدود طقوس الشاي التقليدية ليصبح مكوناً أساسياً في كل ما هو "إنستغرامي" وجذّاب – من اللاتيه المخملي إلى الكعك، وحتى المافن والبودينغ.
لكن، وسط هذا الجنون العالمي بالماتشا، يطرح السؤال نفسه: هل هو حقاً مشروب خارق للصحة؟ أم مجرد نجم جديد على الساحة الغذائية تغذّيه صور غوينيث بالترو على وسائل التواصل؟
لون لافت... وفوائد واعدة
يرجع سر جاذبية الماتشا أولاً إلى لونه الأخضر الزمردي النابض بالحياة ،– نتيجة زراعة أوراقه في الظل لتعزيز إنتاج الكلوروفيل قبل الحصاد. لكن جماله لا يتوقف عند المظهر، فالماتشا يحتوي على جرعة مركّزة من مضادات الأكسدة، تحديداً الـEGCG، بمعدل يفوق الشاي الأخضر العادي بثلاث مرات. كما أنه يزوّد الجسم بالكافيين بطريقة أكثر توازناً بفضل الحمض الأميني L-theanine الذي يمنح طاقة مستدامة دون التوتر المرافق للقهوة.
في قلب الثقافة اليابانية... وعلى طاولة نوبو
للماتشا تاريخ عريق يعود إلى القرن الثالث عشر في اليابان، حيث كان يُستخدم في طقوس الشاي الروحية. واليوم، ينتقل من الكأس إلى الطبق، ويتألق في وصفات أشهر الطهاة حول العالم. في مطعم "نوبو" الشهير بنيويورك، يقدّم الشيف نوبو ماتسوهيسا تيراميسو الماتشا كتحية معاصرة للتقاليد. أما هيتسون بلومنتال في "ذا فات داك" في بريطانيا، فيستخدمه كمطهّر حسي للنكهة في تجربة طعامه المتفردة.
وفي سيدني، يأخذ الشيف الياباني تشيس كوجيما الأمور إلى مستوى آخر، حيث يمزج الماشا بالملح ويقدمه مع التمبورا، أو يستخدمه في نودلز السوبا الخضراء، بينما يعترف بعشقه العميق للآيس كريم الماتشا، خصوصاً حين يُقدّم مع الشوكولاتة.
أي نوع يناسبك؟
للمهتمين بتجربة الماتشا كمشروب نقي، يُنصح باختيار "الماتشا من الدرجة الاحتفالية" ceremonial grade – النقي والمستورد مباشرة من اليابان. لونه أخضر ساطع، وسعره أغلى، لكنه يستحق التجربة لمن يبحث عن الجودة.
أما في الطهي، فيمكن استخدام "الماتشا من الدرجة المخصصة للطهو" ingredient grade، بلونه الأخضر الزيتوني وسعره المقبول، ما يجعله مثالياً للكوكيز، اللاتيه، وحتى السموثيز الخضراء التي اجتاحت الـتيك توك.
نكهة الماتشا... ليست للجميع
نكهة الماتشا لست بالضرورة محبوبة من الجميع. فهي ترابية، عشبية، وربما حتى مرة بعض الشيء. لكنها نكهة تتعلم أن تُحبها، خصوصاً عندما تُقدّم بشكل متوازن مع الشوكولاتة الداكنة، أو الحليب النباتي، أو المكونات اليابانية الأصيلة مثل الفاصوليا الحمراء.
هل هناك بديل قادم؟
قد يكون هناك نجم جديد في الأفق: "الهوجيتشا" – نوع محمص من الشاي الياباني بلون كهرماني ونكهات جوزية وكاراميلية، بدأ يظهر في الآيس كريم والمعجنات. لكن، كما تقول خبيرة الشاي ريني كرير، لا مجال للمقارنة. الماتشا يبقى جوهرة ثقافية وتاريخية ثمينة، بينما الهوجيتشا شاي يومي بسيط.
خلاصة القول سواء أكنتِ تبحثين عن دفعة من الطاقة، أو عن مكوّن يعزّز إشراقتك من الداخل، أو حتى مجرد لحظة تأمل على طراز ياباني أنيق، – الماتشا يستحق أن يُمنح مكانة في روتينك اليومي. ولكن تذكّري: لا شيء يضاهي الجودة، فاختاري ماتشا حقيقي من مصدر موثوق، واحتسيه بوعي، وذوق، وربما بلمسة شوكولاتة داكنة!
هل جرّبت الماتشا؟ وأين تفضلينه: في فنجانك أم في حلوى ما بعد الغداء؟
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.