يستحضر فندق "بايريشرهوف" Bayerischer Hof مشاعر الحنين في قلوب أكثرية الألمان، وخصوصاً سكان العاصمة البافارية ميونيخ الذين لا يزالون يعتزون بهذا الصرح التاريخي الذي يواصل إستقبال رواده منذ أكثر من 180 عاماً. تأسس هذا الفندق الفاخر بناءً على طلب من ملك بافاريا لودفيع الأول في وقت كانت فيه بافاريا مملكة مستقلة عن ألمانيا بين عامي 1806-1918. وفي عام 1839، أطلق جوزيف أنطون فون مافيه حلم الملك البافاري إلى واقع، حيث تم تشييد "بايريشرهوف" ليُفتتح رسمياً عام 1841 كملاذ فاخر للطبقة الأرستقراطية التي كانت تتردد إلى المدينة.
بحلول عام 1897، إنتقلت ملكية الفندق إلى عائلة فولكهارت الألمانية، التي لا تزال تحتفظ بإدارته وتواصل السعي للحفاظ على سمعته الرفيعة وجاذبيته المتجددة على مدار أكثر من 155 عاماً. مع مرور الوقت، أصبح "بايريشرهوف" أكثر من مجرّد فندق، فقد تحول إلى رمز حي للتاريخ البافاري العريق، وأصبح معلماً من معالم الفخامة والضيافة الرفيعة. واليوم، يواصل الفندق تألقه بفضل الرؤية الثاقبة لعائلة فولكهارت، التي نجحت في دمج الوفاء العميق للتقاليد مع لمسات الحداثة، مما جعل من "بايريشرهوف" وجهة لا تُنسى لكل من يبحث عن تجربة فاخرة لا مثيل لها.
روح التجديد تغمر المكان!
مع مطلع عام 1992، تسلّمت إينغريت فولكهارت دفة إدارة فندق "بايريشرهوف"، حاملة معها رؤية طموحة تمزج بين الوفاء للتقاليد وروح التجديد المستمر. وعلى مدار سنوات قيادتها الملهمة، استثمرت ما يزيد عن 200 مليون يورو في مشاريع تطوير شاملة، هدفت من خلالها إلى صون هوية الفندق الأصيلة، وفي الوقت ذاته، تجديد مرافقه بما يليق بعراقة المكان وتوقعات ضيوفه الرفيعي الذوق. جميع هذه المشاريع حملت توقيع المصمم البلجيكي الشهير أكسل فيرفورت، المعروف بحسه الفني العالي وقدرته على بث الأناقة والسكينة في أدق التفاصيل. تحت إشرافه، تحوّلت العديد من أركان الفندق إلى تحف معمارية تنبض بالحياة، من بينها مطاعم "غاردن"، "أتولييه"،وصالة "باليه هول" الآسرة، بالإضافة إلى الجناحين الجنوبي والشمالي اللذين يضمان 28 غرفة مفعمة بالأناقة والراحة. ولا يمكن إغفال جناح "بنتهاوس غاردن" الفاخر، الذي يمتد على مساحة 350 متراً مربعاً، مجسداً أعلى درجات الفخامة العصرية. كما شملت أعمال التجديد مطعم "باليه كيلر"، وصالات المناسبات في قصر "مونتجيلاس" التاريخي، الذي يُعد امتداداً طبيعياً للفندق ومصدراً إضافياً لسحره الأرستقراطي. أما بهو الفندق أو Atrium، فقد شهد بدوره تحولاً يليق بجماله المعماري، حيث ازدانت قبته الزجاجية الفسيحة بتدفق نور الشمس، ليغمر المكان بإشراق طبيعي يُشعر الزائر بالهدوء، السكينة، وطاقة إيجابية تنبع من كل ركن.
واحة من الهدوء في الطابق السابع!
إنه الجناح البانورامي رقم سبعة Panorama Suite 7، التحفة التاسعة التي يوقعها فيرفورت داخل الفندق. ويأتي هذا الجناح ليجسد مفهوماً فريداً للترف، حيث يلتقي الفن بالتاريخ، وتنساب الراحة المطلقة بتناغم مع تفاصيل مدروسة بدقة. يتكوّن الجناح من غرفة نوم أنيقة، غرفة ملابس فسيحة، وصالة استقبال رحبة تتضمن باراً ومطبخاً متكاملاً. وتتناثر في أرجائه قطع فنية مميزة، أبرزها طاولة طعام مصنوعة من خشب الدردار الفرنسي تعود للقرن الثامن عشر، ومقعد خشبي فاخر من القيقب الإيطالي من القرن التاسع عشر. أما اللمسات الشرقية، فتتجلى في المصابيح اليابانية، والمزهريات المصنوعة يدوياً في ورشة فيرفورت في بلجيكا، ما يضفي على المكان طابعاً عالمياً فريداً.
تُكمل "اللوجيا" - الشرفة الأنيقة - هذه التجربة الساحرة، حيث يمكن للضيوف قضاء لحظات هادئة تحت سماء ميونيخ المتلألئة. ويمكن توسيع الجناح ليضم ما يصل إلى ثلاث غرف نوم، بمساحة إجمالية تصل إلى 170 متراً مربعاً، ما يجعله مكاناً مثالياً للعائلات أو الضيوف المميزين القادمين من العالم العربي، ولا سيما من منطقة الخليج. هنا، يترجم فيرفورت رؤيته للأناقة الهادئة في أبهى صورها – مزج متقن بين عبق الماضي، وروح الرفاهية العصرية، ضمن مساحة تفيض بالجمال والسكينة اللامحدودة.
* هذا التقرير من إعداد جان بيار حبيب، لندن