في موسم خريف وشتاء 2025-2026، قررت H&M Studio أن تروي حكاية غير متوقعة، تنسج خيوطها بين برودة ستوكهولم الصارمة وحيوية ساو باولو الصاخبة. خطوة جريئة تزامنت مع افتتاح أول متجر للعلامة في البرازيل، لتصبح المجموعة انعكاساً صريحاً لهذا اللقاء الثقافي: حيث يتواجه الصلب واللين، الرمادي والزهري، القسوة العمرانية ورقة الزهور.
حوار بين عالمين
آني-صوفي يوهانسون وفريقها استوحوا من مدينة الباطون البرازيلي التي لا تنام، حيث اختلاط الثقافات والجرأة الأنثوية الطاغية. في المقابل، حملوا معهم من ستوكهولم هدوءها البارد وخطوطها الواضحة. النتيجة كانت مجموعة قائمة على ثنائيات حادة: معاطف صوفية جافة بثنيات ثابتة، سترات بكتف مربع وياقات قائمة، وبزّات رسمية مشذبة بدقة عسكرية. وفي الجهة الأخرى، نجد قمصاناً بلمسات لانجري، بلوفر زهري بكشكش، ومجوهرات تزينها الزهور. كأنها رقصة بين طرفين، حيث لا يغلب أحدهما الآخر تماماً.
بين الصرامة والنعومة
ما يلفت في هذه المجموعة هو قدرتها على اختبار حدود الهوية. الألوان الرمادية المهيمنة ترسم "ملمس الباطون" الذي يذكّرنا ببرودة العمارة الوحشية، بينما النقشات الزهرية وإطلالة "ورق الجدران العتيق" تعيدنا إلى عالم أكثر دفئاً وحميمية. هذا التباين يُشعر المتفرج وكأنه أمام لوحتين مختلفتين عُلّقتا جنباً إلى جنب، أحياناً تتحدثان معاً بانسجام وأحياناً تتنافران.
لحظات قوة… وتعثر
برغم أن المفهوم يحمل وعداً بالإبداع، إلا أن التنفيذ لم ينجُ من بعض التعثر. هناك لحظات لامعة، مثل الفستان المعطف مزدوج الصدر أو الكنزة الزهرية بالكشكش، التي جسّدت فعلاً التلاقي بين الأنوثة والصرامة. لكن في المقابل، هناك قطع رمادية قاسية لم تنجح في الاندماج مع الطابع الأنثوي، وكأنها بقيت عالقة في عالم آخر. النتيجة أحياناً تبدو كقصتين متوازيتين أكثر من كونها فصلاً واحداً متماسكاً.
خطوة نحو العالمية
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن H&M Studio قدّمت هنا تجربة مختلفة تُعلن عن نيتها كسر الحدود المحلية. ساو باولو، بكل جرأتها "فائقة الأنوثة"، دفعت الدار لتتجاوز حدود الأسلوب الاسكندنافي الجاف وتدخل في حوار مع ثقافة نابضة بالحياة. قد لا يكون الحوار متكافئاً دائماً، لكنه خطوة جريئة تليق بعلامة تتوسع في آفاق جديدة.
شخصياً، وجدتُ أن أجمل ما في هذه المجموعة هو الجرأة في خوض مغامرة ثقافية بهذا الحجم. ربما لم يكتمل الانصهار بين الصرامة السويدية والدفء البرازيلي، لكن تلك المحاولات غير المكتملة تحمل جاذبية بحد ذاتها. ففي زمن أصبحت فيه المجموعات الموسمية تتشابه بشكل مقلق، من المنعش أن نرى علامة تجارية جماهيرية مثل H&M تستحضر هذا الصراع الجمالي وتحوّله إلى عرض أزياء. قد لا يكون مثالياً، لكنه بلا شك مشوّق.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.