الكل اليوم يتحدث عن راما دوجي، هذه الشابة التي ملت الدنيا وشغلت الصحافة العالمية بين ليلة وضحاها، وظهرت إلى جانب زوجها في خطاب الفوز، وهي ترتدي بلوةز من تصميم شاب فلسطيني، لتفرض على الفور موقفها الخاص من هذه القضية المحقة.
ففي زمنٍ تتقاطع فيه السياسة بالفن، وتصبح فيه الصورة أداة مقاومة، تبرز راما دوجي كصوتٍ فني يعيد تعريف معنى الالتزام الإبداعي في وجه القضايا الإنسانية. الشابة السورية-الأميركية التي وُلدت في هيوستن عام 1997 ونشأت في دبي، لا تكتفي بأن تكون زوجة أول عمدة مسلم في تاريخ نيويورك، زهران ممداني، بل تسير بخطوات واثقة نحو بناء هوية مستقلة في عالم الفن الحديث، حيث يتنفس الجمال السياسة، ويصبح الرسم بياناً شخصياً.
منذ تخرّجها في جامعة فرجينيا كومنولث عام 2019، ثم حصولها على درجة الماجستير من مدرسة الفنون البصرية في نيويورك العام الماضي، استطاعت راما أن تضع بصمتها على صفحات مجلات عالمية مثل The New Yorker وVogue وThe Washington Post، إلى جانب تعاونها مع علامات مرموقة مثل آبل وسبوتيفاي وتيت مودرن. ورغم هذا النجاح السريع، لا تسعيى راما وراء الأضواء بقدر ما تستخدمها لتسليط الضوء على ما هو أعمق: الإنسان، والعدالة، والذاكرة الجمعية.
في أعمالها، لا تُجمل راما الواقع بقدر ما تُفككه. بأسلوب بصري يجمع بين الحس الحرفي والرمزية العاطفية، تعبّر عن قضايا مثل الحرب على غزة والهجرة القسرية. أحد أعمالها الأخيرة – رسوم متحركة لفتاة فلسطينية تحمل وعاءً فارغاً كرمز للتجويع المتعمّد – شكّل بياناً صارخاً ضد اللامبالاة، ورسالة بأن الفن لا يمكن فصله عن الضمير الانسناني. تقول في أحد منشوراتها: "الفن بطبيعته سياسي، في طريقة صنعه وتمويله ومشاركته". هذه الجملة تختصر فلسفتها الإبداعية: أن الفن ليس ملاذاً من الواقع، بل ساحة نضال ناعمة.
راما، التي تتحدث بصمت أكثر مما تخطب، تمثل جيلاً جديداً من الفنانين العرب في المهجر: أولئك الذين يختارون أن يكونوا جسراً بين الثقافات، لا ظلّاً لأي منها. وبينما ينشغل البعض بتعريفها كـ"زوجة السياسي"، يصرّ ممداني نفسه على التأكيد بأنها "فنانة تستحق أن تُعرف بشروطها الخاصة". في زمنٍ يعلو فيه صوت السياسة على صوت الفن، تختار راما أن تجعلهما نغمة واحدة — نغمةً تنحاز للإنسان قبل كل شيء، وتذكّر بأن الجمال، حين يكون صادقاً، يصبح موقفاً أخلاقياً.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.