غوتشي بقيادة دمنا: بداية جديدة قوية بين السينما والموضة | Gheir

غوتشي بقيادة دمنا: بداية جديدة قوية بين السينما والموضة

موضة  Sep 24, 2025     
اشترك في قناتنا على يوتيوب

في مساء مليء بالتشويق ضمن أسبوع ميلانو للموضة، اختار دمنا، المدير الإبداعي الجديد لدار غوتشي، أن تكون إطلالته الأولى خارج المألوف. فبدلاً من العرض التقليدي على منصة الأزياء، قدّم فيلمه الأول مع الدار بعنوان The Tiger، بالتعاون مع المخرج الأميركي سبايك جونز والمخرجة الهولندية هالينا راين، وبطولة النجمة ديمي مور. المكان كان مبنى La Borsa، البورصة القديمة في قلب ميلانو، حيث تحوّل المدخل إلى سجادة سوداء تستقبل العارضين كنجوم سينمائيين وسط عدسات المصورين وحشود الصحافة.

الفيلم جاء بمثابة إعلان عن "المرحلة صفر" من حقبة دمنا في غوتشي. ليس عرضاً كاملاً ولا بداية رسمية لموسم أزياء جديد، بل أقرب إلى لوحة سينمائية تستعرض شخصيات "عائلة غوتشي" الجديدة. كان هناك حس من الحميمية والسرد البصري، وكأن دمنا أراد أن يقول: الأزياء هنا ليست مجرد ملابس، بل سيناريو متكامل من الشخصيات والقصص.

اختيار السينما كأداة أولى ليس مفاجئاً إذا ما فكرنا بأسلوب دمنا السردي، فهو مصمم اعتاد أن يربط الموضة بعالم الفن الشعبي والسياسة والمسرح. لكن اللافت هو أنه هنا بدا أكثر هدوءاً، وكأنه يختبر المزج بين الإرث الإيطالي العريق لدار غوتشي ولغته الإبداعية التي تميّزت بالحدة والسخرية في بالينسياغا. يمكن القول إن الفيلم كان بمنزلة إعلان نوايا: إعادة إحياء هوية غوتشي عبر منصة أكثر شمولية من مجرد منصة عرض، منصة قادرة على إثارة العاطفة وصنع لحظة ثقافية.

القسم الثاني: "La Famiglia" – المجموعة والحملة الإعلانية

بالتوازي مع الفيلم، نشر غوتشي على إنستغرام مجموعة من 37 إطلالة حملت اسم La Famiglia، التُقطت بعدسة المصورة الشهيرة كاثرين أوباي، والتي وصفها دمنا قبل العرض بأنها "رمبرانت عصرنا". المجموعة التي أطلقت فجأة بعد مسح كامل محتوى حساب الدار، جاءت بمثابة صدمة إيجابية لعالم الموضة. فقد حملت طابعاً سردياً واضحاً، حيث قُدّم كل عارض كجزء من عائلة خيالية تضم شخصيات ذات ألقاب لافتة مثل "Bastardo"، "La Bomba"، "La V.I.C."، و"Androgino" . هذه الشخصيات لم تكن مجرد مسميات، بل استعارات لهوية غوتشي المتعددة، تماماً كما فعل توم فورد في التسعينيات أو أليساندرو ميكيلي بروح البوهيميا الغريبة.

على مستوى التصميم، بدت المجموعة كأنها إعادة قراءة دقيقة للأرشيف. هناك لمسات من توم فورد من حيث الجرأة والإغراء، وصدى لرومانسية ميكيلي الحالمة، وحتى بعض من عشق فريدا جيانيني للزهور. لكن دمنا أضاف لمسته الخاصة: وضوح في الخطوط، إحساس بالبورجوازية، ولعب ذكي بالأحجام والقصات يعكس خبرته في بالينسياغا. ومن أبرز القطع التي أثارت الانتباه: إعادة تقديم حقيبة Gucci Bamboo 1947 بلمسة جديدة، واللوفر الكلاسيكي الذي بدا مرشحاً ليكون أيقونة مبيعات الموسم.
أما الحملة، فهي بحد ذاتها خطوة إستراتيجية. اختيار نشر المجموعة على إنستغرام – بعد "محو الذاكرة الرقمية" للحساب – ليس مجرد تسويق بل هو إعادة ضبط للهوية البصرية للدار. وكأن دمنا يضع فاصلاً واضحاً بين الماضي والمستقبل: "هذه هي غوتشي الجديدة". كما أن حصر بيع المجموعة في عشر مدن رئيسية حول العالم يعكس نية واضحة بخلق عنصر الندرة والتميز، وهو ما تحتاجه الدار في مرحلة التراجع المالي الحاد.

بداية ديبلوماسية أم ثورة؟

كنا جميعاً نترقب دمنا في غوتشي بخليط من الفضول والقلق: هل سيتمكن من ترك بصمته دون أن يُغرق الدار في سوداوية بالينسياغا؟ La Famiglia وThe Tiger يقدمان إجابة أولية: نعم، لكنه اختار بداية أكثر دبلوماسية. هذه ليست ثورة، بل تمهيد مدروس. هناك وفاء للأرشيف، استدعاء للذاكرة الجماعية لعشاق الدار، وفي الوقت نفسه ترك مساحات صغيرة ليزرع فيها رموزه الخاصة.
بالنسبة لي، أرى أن هذه الخطوة كانت ذكية للغاية. غوتشي لا تحتاج إلى صدمة جديدة، بل إلى طمأنة جمهورها والمستثمرين بأنها قادرة على العودة إلى قلب المنافسة. دمنا لم يطلق بعد "صوته الكامل"، لكنه بلا شك مهّد الأرضية لمرحلة مثيرة. والأهم أنه ذكّرنا بأن غوتشي ليست مجرد علامة تجارية، بل حركة ثقافية تعيد اختراع نفسها في كل حقبة.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الموضة