في كل موسم، تصبح باريس القلب النابض لعالم المجوهرات الراقية، حيث تتزامن عروض أبرز دور المجوهرات مع أسبوع الأزياء الراقية، لتجتذب النخبة من عشاق الفخامة من كبار الشخصيات، المحررين العالميين، والمؤثرين في عالم المجوهرات. هذا الشهر، غصّت العاصمة الفرنسية بعروض مبهرة من علامات راسخة وأسماء صاعدة، في موسم سيطر عليه طيف فن الآرت ديكو وجماليات الطبيعة.
أبرز الابتكارات من نصيب شانيل وديور
تُعد ساحة فاندوم النقطة المحورية لهذا الحدث، حيث تتخذ أبرز الدور مثل كارتييه، فان كليف أند آربلز، وشوميه مقارّها، إلى جانب علامات الموضة الكبرى مثل شانيل، ديور، ولويس فويتون. وقد افتتحت دار شانيل الموسم بعرض خاص في مقرّها المطلّ على الساحة، قدّمت فيه آخر مجموعة من توقيع المصمم الراحل باتريس لوغيرو، تحت عنوان "Reach For the Stars" . تضمنت المجموعة قطعا تَستحضر رموزاً عزيزة على قلب كوكو شانيل، مثل النجوم، الأجنحة، والأسد – رمز القوة والشجاعة.
تميّزت المجموعة بابتكارات تُجسّد الخفة والبريق، بينها قلادات قابلة للتحوّل، وتيجان بأسلوب ثلاثينات القرن الماضي تُرتدى على الجبين، في حين تم تجسيد الأسد بشكل تجريدي عبر أحجار القمر والماس الأصفر، ما أضفى بعداً فنياً متجدداً على الرموز التقليدية للدار.
أما دار ديور، فقدّمت رؤيتها الشعرية في مجموعة "Diorexquis" من تصميم فيكتوار دو كاستيلان، التي تواصل منذ أكثر من عشرين عاماً تقديم مجوهرات تحاكي الحلم. استوحت المصممة هذه المجموعة من عوالم القصص الخيالية والمناظر الطبيعية المورقة، مع باقات زهور متقنة وشخصيات مستوحاة من حفلات التنكّر التي كانت دار ديور تصمم لها أزياء في بداياتها.
تجلّت المهارة الحرفية العالية في تفاصيل الأحجار المشغولة بتقنية "الدوبليه" التي تمزج بين الأوبال والأحجار الصلبة مثل العقيق أو عرق اللؤلؤ، ما يخلق تأثيرات لونية بديعة تذكّر بانعكاسات السماء أو سطح الماء. كذلك استُخدمت تقنية "بليك آجور" التقليدية في تنفيذ زخارف تبدو كأنها نوافذ زجاجية ملوّنة تنثر النور عبر الزهور المرصعة.
من نيويورك، حضرت دار ديفيد يورمان بتصاميم مستوحاة من المدرسة الحداثية، حملت لمسات آرت ديكو بطابع عصري. وقدّمت الدار أساور وأقراطاً تجسّد روح الدقة في التفاصيل، مع لمسة نحتية تُحاكي الإرث الفني لمؤسّسيها، النحّات ديفيد يورمان وزوجته الفنانة سيبيل.
الطبيعة، كعادتها، شكّلت مصدر إلهام غني لدار Serendipity التي أسستها المصممة كريستين تشين، وقدّمت فيها مجموعة بعنوان "Jardin du Rêve" (حديقة الأحلام)، استعرضتها داخل أروقة متحف غويميه للفنون الآسيوية. استوحت تصاميمها من حدائق مونيه، مستخدمة الياقوت والتنزانايت والألماس في مشغولات تنساب بخفة، تماماً كما تتفتّح الزهور في صباح ربيعي. برزت قطع بتصميم أوراق الجنكة الذهبية، التي تعكس مزجاً شاعرياً بين الشرق والغرب في رمزية الطبيعة وقوتها.
واختُتم المشهد مع الاسم الصاعد Sahag Arslanian، القادم من عائلة عريقة في عالم الألماس. قدّم مجموعته الأولى في نادي السيارات الفرنسي، مستعرضاً رؤية تصميمية تتمحور حول المرونة، حيث تتكامل المجوهرات مع الجسد بانسيابية لافتة. اعتمد على أشكال هندسية كالدائرة والطائرة الورقية، مستخدماً الذهب الأبيض والأصفر في حوار بصري يوازن بين الحدة والنعومة، والضوء والظل.
تألقت باريس مجدداً كعاصمة الذوق والابتكار، حيث تتلاقى الحرفية الرفيعة مع الخيال، وتتحوّل المجوهرات إلى قصائد تروى من خلال الضوء والحجر والتاريخ.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.