كيف تتحول المجوهرات إلى فلسفة قابلة للارتداء في مقابلة خاصة مع الفنانة Banafsheh Hemmati | Gheir

كيف تتحول المجوهرات إلى فلسفة قابلة للارتداء في مقابلة خاصة مع الفنانة Banafsheh Hemmati

مجوهرات  Sep 13, 2025     
اشترك في قناتنا على يوتيوب
×

كيف تتحول المجوهرات إلى فلسفة قابلة للارتداء في مقابلة خاصة مع الفنانة Banafsheh Hemmati

بنفشه همّتي

تشكّل المصممة والفنانة الإيرانية بنفشه همّتي Banafsheh Hemmati حالة استثنائية في المشهد الفني المعاصر، حيث تلتقي الفلسفة مع الفن والتصميم في أعمالها التي تمتد بين النحت والمجوهرات الفنية. همّتي، الحاصلة على ماجستير في التصميم الصناعي ودكتوراه في فلسفة الفن، كرّست مسيرتها لإعادة تفسير الهندسة الإسلامية، مستلهمةً زخارف العمارة التاريخية ومحوّلة إياها إلى لغة بصرية معاصرة تتجاوز صرامة الخطوط والأشكال لتفتح آفاقًا جديدة من الإمكانات الجمالية والفكرية.

قدّمت أعمالها في إيران والولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا وماليزيا وتركيا والإمارات، وحازت في 2017 جائزة فلورنسا الدولية للفن والتصميم، كما انضمّت إلى معارض مرموقة مثل Venice Design Week وحديقة النحت في مركز دبي المالي العالمي، الذي اقتنى إحدى منحوتاتها ضمن مجموعته الدائمة.

اليوم، تكشف همّتي عن أول معرض فردي لها في دبي بعنوان "هندسة الجسد"، حيث تدخل المجوهرات والمنحوتات في حوار حي، يستكشف العلاقة بين الجسد والفضاء والهندسة، ويدعو الجمهور إلى اختبار لغة جديدة تصل بين الشرق والغرب.

تعرفي أكثر على بنفشه وعلى فنها في هذه المقابلة:

تحملين ماجستير في التصميم الصناعي ودكتوراه في فلسفة الفن. كيف ساهم هذان المساران في تشكيل مقاربتك الإبداعية؟

مقاربتي للتصميم تقوم على فكرة الاستدامة الشكلية، أي إعادة التفكير في الشكل كبنية طويلة الأمد تحمل معنى. في صميم عملي تكمن إعادة تفسير الهندسة الإسلامية من منظور فلسفي عميق. عبر التاريخ، كان التصميم دائماً مرتبطاً بالروح الفكرية لعصره، من عبارة أفلاطون الشهيرة على باب الأكاديمية: "لا يدخل هنا من لا يعرف الهندسة"، وصولاً إلى المنظور الخطي في عصر النهضة. بالنسبة لي، الشكل يولد من الفكر، ولذلك تلعب الفلسفة دوراً أساسياً في العملية الإبداعية. حتى قبل دراستها أكاديمياً، كنت أقرأ الفلسفة بشكل مستقل، ثم شعرت بالحاجة إلى مسار أكاديمي منظّم لأن فهمها يتطلب إرشاداً دقيقاً. غالباً ما يبدأ عملي بالقراءة والكتابة، حيث تكون أولى الرسومات نصية قبل أن تتحول تدريجاً إلى صياغة بصرية.

ما الذي جذبك إلى الهندسة الإسلامية، وكيف بدأت إعادة تفسيرها بلغتك الخاصة؟

البداية كانت مع العمارة. إحدى مجموعاتي الأولى حملت اسم "العمارة"، وجاءت بعد رحلة بين مدن إيرانية مختلفة حيث التقطت صوراً للمباني التاريخية. كنت أرغب في أن يتمكن الناس من ارتداء هذه المعالم كقطع صغيرة وشخصية، كأنهم يحملون معهم أجزاءً من التاريخ. مع الوقت، تعمّق اهتمامي عبر دراسة الفلسفة الإسلامية وعلم الكونيات، ثم امتد لاحقاً إلى الفكر الفلسفي الحديث والمعاصر. هذا المسار قادني تدريجياً إلى إعادة تفسير الهندسة الإسلامية، التي أصبحت اليوم جوهر ممارستي الإبداعية. كما أن أطروحتي للدكتوراه تناولت دور الهندسة عبر العصور الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة، وكيف تعكس الاستخدامات المعاصرة للهندسة البنى الفلسفية لكل مرحلة.

هل ترين الهندسة كلغة بصرية فقط، أم أنها تحمل أبعاداً روحية وعاطفية أيضاً؟

الهندسة بالنسبة لي أبعد بكثير من كونها لغة بصرية، إنها مرتبطة بالمعنى والعاطفة والفكر. أراها جسراً قوياً بين الشرق والغرب، وأساساً لاكتشاف لغة بصرية جديدة تنبثق من البحث الفلسفي والتجربة الحياتية. هدفي هو ابتكار أشكال متجذرة في سياقات تاريخية وروحية، لكنها قادرة في الوقت نفسه على مخاطبة المشاهد المعاصر على المستويين العاطفي والفكري.

كفنانة إيرانية تقدّمين أول معرض فردي لك في دبي، كيف ينعكس مسارك الشخصي في "هندسة الجسد"؟

بدايتي في دبي تعود إلى ثلاث أو أربع سنوات، عبر مشاركتي في أسبوع دبي للتصميم ثم في نسختين متتاليتين من حديقة النحت في مركز دبي المالي العالمي. ومن هنا جاءت فرصة المعرض الفردي. "هندسة الجسد" يضم 27 عملًا بين مجوهرات ومنحوتات، جميعها مستندة إلى ثلاثة أشكال أساسية من الهندسة الإسلامية. ما يميّز هذا المعرض أنه يكشف ليس فقط عن الأعمال النهائية، بل أيضاً عن البُنى والهياكل الهندسية التي شكلت أساسها. دبي بالنسبة لي مكان مثالي لهذا المشروع، لأنها مدينة متعددة الثقافات، حيث يلتقي الشرق بالغرب في حوار حي وملموس.

عرضت أعمالك في مدن عدة مثل فينيسيا وفلورنسا وبالتيمور. كيف أثّر هذا الانتشار الثقافي على صوتك الفني؟

كان لذلك تأثير عميق ومتعدد الطبقات. التفاعل مع جماهير مختلفة ورؤية قراءاتهم المتنوعة لأعمالي جعلني أعي كيف يمكن للغة البصرية أن تُعاد صياغتها من منظور ثقافي مختلف. هذه التجربة منحتني ثقة أكبر في تطوير صوتي الشخصي، ودفعتني إلى ابتكار أعمال متجذرة في سياقات تاريخية وثقافية لكنها قادرة على أن تلامس جمهوراً عالمياً.

تُوصف مجوهراتك بأنها "منحوتات صغيرة". كيف تترجمين أفكار المنحوتة الكبيرة إلى قطعة قابلة للارتداء؟

بالنسبة لي، لا توجد حدود واضحة بين النحت الكبير وتصميم المجوهرات. المنطق نفسه يقود الاثنين، سواء وُضع العمل في الفضاء العام أو على الجسد. أحياناً تبدأ الفكرة كمجوهرات وتتحول إلى منحوتة، وأحياناً العكس. لكن عند الانتقال إلى المجوهرات، أضع في الاعتبار عناصر مثل الوزن، ملامسة الجلد، حركة القطعة على الجسد، وعلاقتها بالمستخدم. هذه التفاصيل تسمح للغة النحت أن تبقى حاضرة، مع مراعاة مقاييس الجسد.

ما الدور الذي يلعبه الجسد في تصميم مجوهراتك؟

الجسد بالنسبة لي ليس مجرد منصة للزينة، بل شريك فاعل في عملية التصميم. أسعى إلى تجاوز الوظيفة التقليدية للمجوهرات كزينة مرتبطة غالباً بجسد المرأة. في "هندسة الجسد"، القطع تتحول إلى بيانات متحركة تحمل معنى قبل أن تزيّن. أدرس كيف تتحرك القطعة على الجسد، كيف تُرى من زوايا مختلفة، وكيف تغيّر من إدراك المشاهد. بهذه الطريقة يصبح الجسد جزءاً من التجربة الفكرية والجمالية معاً.

متى تصبح المجوهرات فناً حقيقياً في نظرك؟

تصبح فناً حين تتجاوز حدود الزينة وتطرح فكرة أو سؤالاً. ليست المادة أو التقنية وحدهما ما يحدد القيمة الفنية، بل النية المفاهيمية وراء العمل. بالنسبة لي، المجوهرات وسيلة للتفكير، أداة تتفاعل مع الجسد والعقل في آن واحد. حين تتمكن القطعة من إثارة الفكر وتحريك العاطفة، فهي لم تعد إكسسواراً، بل عمل فني قائم بذاته.

كيف ترغبين أن تشعر النساء عند ارتداء قطعك؟

أتمنى أن يعشن تجربة تتجاوز الجماليات السطحية. أريد لهن أن يشعرن بالقوة والحضور والثقة. في عالم يزداد تركيزه على إبراز الجسد، أردت أن أقدّم تجربة بديلة، حيث تصبح المجوهرات وسيلة للتعبير الفكري والذاتي. كثير من النساء اللواتي يخترن أعمالي يبحثن عن معنى وشكل وبيان شخصي أكثر من مجرد زينة يومية.

أعمالك جزء من المجموعات الدائمة في دبي وعُرضت في فضاءات عامة. ماذا يعني لك هذا الاعتراف؟

هذا الاعتراف منحني ثقة ومسؤولية في آن واحد. عندما يُعرض العمل في فضاء عام، يصبح جزءاً من التجربة الحضرية والذاكرة الجماعية، وهذا يفرض التزاماً عميقاً. وفي الوقت نفسه، أعطاني دافعاً للاستمرار في تطوير لغتي الخاصة المبنية على الاستدامة والهندسة والمعنى.

كفنانة إيرانية متعدّدة التخصصات، كيف ترين مساهمتك في المشهدين المحلي والعالمي؟

أحد محاور عملي الأساسية هو استخدام الهندسة كأداة للتصميم المستدام. من خلال إعادة تفسير الهندسة الإسلامية، أبحث عن حلول مبتكرة في البناء وصناعة الشكل والاستدامة. إقليمياً، أطمح إلى مشاركة هذه المنهجية مع المصممين والفنانين في الشرق الأوسط، والمساهمة في تطوير مشروعات تحمل جذوراً ثقافية لكنها منفتحة على المستقبل. عالمياً، أسعى إلى تقديم لغة هندسية معاصرة مستمدة من التراث الإسلامي، تحمل جماليات الشكل وعمق الفلسفة في آن واحد، لبناء جسر جديد بين الشرق والغرب.

مع الزخم الفني في المنطقة، لماذا اخترت هذا التوقيت لإطلاق "هندسة الجسد"؟

المشهد الفني في الخليج يشهد نمواً استثنائياً، سواء في دبي أو أبوظبي، حيث أصبحت المنصات الثقافية فضاءات للحوار بين الشرق والغرب. ومع بروز مؤسسات مثل أسبوع دبي للتصميم ومنطقة دبي للتصميم، بدأنا نشهد مقاربة استراتيجية للفن والتصميم معاً. في هذا السياق، شعرت أن الوقت مثالي لتقديم مشروع يركز على الشكل والمعنى معاً، ويضع الهندسة في قلب الحوار الفني والفلسفي الراهن.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

المجوهرات