عندما نتحدث اليوم عن دار شوبارد للساعات والمجوهرات، تحضرنا على الفور صور بيلا حديد التي تُعتبر اليوم سفيرة الدار العالمية وصورتها في عالم النجوم. يرتبط اسم شوبارد أيضاً بـHappy Hearts، هذه المجوهرات المستوحاة من شكل القلب والتي ترمز إلى الحب والسعادة، كما ترتبط أيضاً بمناسبات السجادة الحمراء العالمية، إذ عوّدتنا الدار أن تكمّل إطلالات النجمات في مهرجانات السينما العالمية، بأرقى المجوهرات وأكثرها فخامةً. لكن قبل هذا كله، ثمة تاريخ عريق يقف وراء الصورة البرّاقة والمتقنة التي تمتاز بها منتجات شوبارد اليوم. فمن الصعب الحديث عن عالم الساعات الراقية من دون الوقوف أمام إرث شوبارد العريق. فهي ليست مجرد دار سويسرية تأسست عام 1860، بل رحلة ممتدة من الحرفية الدقيقة، والإبداع المتجدد، والروح العائلية التي صانت جوهر الفن وأعادته إلى معناه الأصيل: الجمال الذي يُحكى ويُتوارث.
البدايات... حين انطلقت الحكاية من شواهد الوقت
بدأت القصة مع لويس أوليس شوبارد، الشاب الذي آمن بأن الساعة ليست أداة لقياس الزمن فحسب، بل قطعة تعبّر عن شخصية مرتديها. وفي زمن كانت الدقة معياراً نادراً، استطاع أن يبني سمعة لامعة في سويسرا، ليضع حجر الأساس لدار ستصبح لاحقاً رمزاً عالمياً لرفاهية الوقت.
لكن اللحظة الفاصلة جاءت حين التقت الحرفية السويسرية بروح الذهب الألمانية عبر عائلة شوفل، العائلة التي أسست مصنع Eszeha عام 1904 في بفورتسهايم، مدينة الذهب وصناعة الساعات. كان كارل شوفل الأول عبقريًا في تحويل الساعة إلى جوهرة، وفي رؤية متقدمة جداً لزمانه، فابتكر في 1912 مشبكاً يحوّل ساعة الجيب إلى ساعة معصم، قبل أن تصبح موضة عالمية. من تلك اللحظة وُلد معنى جديد لعبارة: الفن يسبق الزمن.
عصر الذهب والبلاتين... وبصمة آرت ديكو
شهدت عشرينيات القرن الماضي حقبة فنية ذهبية لدار Eszeha إذ تجلت تأثيرات حقبة الآرت ديكو في تصاميمها: هندسية، جريئة، مرصّعة بالألماس ومصاغة من البلاتين. كانت القطع حينها أقرب لقطع فنية معمارية مصغرة، وفي الوقت نفسه حاضنة لحركة ميكانيكية دقيقة. هذه الثنائية صنعت هوية العلامة... التوازن بين الفخامة التقنية والفن الخالص.
انتقال الإرث إلى شوبارد... وتأسيس أسطورة
عام 1963، دخلت قصة شوبارد فصلًا جديداً حين استحوذ كارل شوفل الثالث على الدار السويسرية، جامعاً بين تاريخين، ومعلِناً ولادة سلالة جديدة من السعات-المجوهرات. ومع رؤية زوجته كارين ولمسة عائلته، تحولت شوبارد سريعاً إلى مرجع عالمي، لتفوز بخمس عشرة جائزة "الوردة الذهبية" في بادن بادن، وتتصدر المشهد الدعائي بعبارة باتت توقيعًا خالدًا: "أسياد الساعة-المجوهر".
حينها لم تكن شوبارد مجرد علامة، بل حالة فنية. رسخت فكرة أن الألماس لا يليق أن يكون زينة ثابتة، بل لغة تتنفس وتتوهج مع كل حركة معصم.
السبعينيات والثمانينيات... زمن الجرأة والتجريب
في السبعينيات، تفتحت روح شوبارد على ألوان وأحجار جديدة، وابتكرت أقراص ساعات من أحجار كريمة، وأسوارة ذهبية بنسيج لحاء الشجر وشبكات ميلانيزية فاخرة. لم تكن مواكِبة للموضة، بل صانعة لها. تلك الفترة شهدت أيضاً انطلاق مجموعات مثل Belle Epoque بصياغة عصرية، ما أعاد الرموز الكلاسيكية إلى نبض جديد.
مرحلة التألق الأعظم... عرائس الألماس
بلغت الحكاية ذروتها في التسعينيات عندما قدمت الدار تحفتها "Chopardissimo" عام 1997: ساعة تحتاج 2000 ساعة عمل وتزينها 874 ماسة. ثم ولدت مجموعة L’Heure du Diamant عام 2012، لتثبت أن هناك فئة مختلفة من الفخامة... ساعات هي في حقيقتها قصائد ألماسية تروي قصة عنفوان الفن.
ولأن الإبداع الحقيقي لا يفصل بين الجمال والأخلاق، اتخذت شوبارد موقفاً شجاعاً عام 2018 بإعلان استخدامها الذهب الأخلاقي بالكامل، لتصبح أول دار فاخرة تعيد تعريف الفخامة كمسؤولية.
اليوم... إرث يتحرك نحو المستقبل
عام 2024، كشفت شوبارد عن الحركة 10.01-C المصغرة، أدق وأرفع حركة داخلية مخصصة لمجموعة L’Heure du Diamant . وفي 2025، جاءت لحظة أخرى حاسمة: تقديم أول ساعة من المجموعة بميناء طور القمر، مع حملة ساحرة ببطولة بيلا حديد، ومعرض متنقل يحتفي بتاريخ المجموعة في جنيف ودبي وباريس وغيرها، بين قطع تراثية وأخرى معاصرة.
في الختام... دار تُجيد لغة الضوء والزمن
ربما سر شوبارد الحقيقي أنها لا تسعى لمجاراة الزمن، بل لصياغته. كل ساعة لديها ليست مجرد مؤشر وقت، بل شخصية، قصة، وقطعة فنية تحمل روحاً. وفي زمن يتغير بسرعة، تبقى العلامات الخالدة تلك التي تحفظ أصل الفن وتعيد تقديمه بعيون الحاضر.
شوبارد اليوم ليست مجرد دار فاخرة... بل مدرسة في الجمال، شهادة على عبقرية الإنسان حين يمسك الزمن لا ليقيسه، بل ليجمّله.
كلمات مفتاحيّة:
اكسسوارات،
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.