ريشة تتحدى الزمن: سيندي تشاو تُحوّل المجوهرات إلى فن نابض بالحياة | Gheir

ريشة تتحدى الزمن: سيندي تشاو تُحوّل المجوهرات إلى فن نابض بالحياة

مجوهرات  Nov 04, 2025     
اشترك في قناتنا على يوتيوب
×

ريشة تتحدى الزمن: سيندي تشاو تُحوّل المجوهرات إلى فن نابض بالحياة

في عالم تتسارع فيه الصيحات وتبهت فيه اللمعات سريعاً، تظل هناك مجوهرات تولد لتبقى، مثل عمل فني يتجاوز الزمن ويستقر في الذاكرة. هنا تتجلى عبقرية سيندي تشاو Cindy Chao، التي لا تكتفي بصياغة أحجار ثمينة، بل تنحت لحظة عابرة من الهواء وتحوّلها إلى تحفة نابضة بالحياة. أعمالها ليست مجرد زينة، بل تأمل بصري وشعور خالص بالخفة والحضور. شخصيًا، لطالما رأيت أن المجوهرات الحقيقية هي تلك التي لا تخضع لزمن أو موضة، بل ترتقي بالذائقة وتترك أثراً، تماماً كلوحة رُسمت بشغف وفلسفة. ومع إبداعات تشاو، نلامس هذا الجوهر: مجوهرات تتنفس، تُضيء، وتُعيد تعريف معنى الفخامة بوصفها حالة روح لا رفاهية عابرة.


تكمن عبقرية الفنانة سيندي تشاو في التقاط لحظات التناغم بين الطبيعة والروح، وتعمل على غرس مشاعرها وروحها في كل إبداعاتها. بعد أكثر من عقدين من الاستكشاف، وصلت تشاو إلى مستوى من الإتقان الفني يمكّنها من التعبير بسهولة عن رؤيتها الإبداعية من خلال الأشكال، الألوان، الانحناءات، الطبقات، الضوء والظلال. اليوم، تتسم إبداعاتها بالرشاقة والثقة، مقدمة لغة فنية عميقة تحوّل التعقيد إلى بساطة.
وعند استرجاع مسيرتها، تصف سيندي تشاو حالتها الذهنية الحالية بأنها "خفيفة ذات حركة انسيابية سهلة، تمامًا كالريشة". ففي سنواتها الأولى، كان دافعها الأساسي أن يُرى ويُقدّر عملها، قائلة، "كنت أضيف وأضيف حتى يتمكن الناس من رؤية كل مواهبي دفعة واحدة"، الامر الذي خلق تعقيدًا بصريًا غنيًا ومباشرًا. ومع مرور الوقت، تطورت فلسفتها الفنية لتصل إلى جوهر إبداعاتها، عاكسة إدراكها الفني الناضج، والمعزز بالثقة التي اكتسبتها، وتطور نظرتها الى لحياة.

هذا وتعود بدايات مجموعة الريش (Feather Collection) الى العام 2016، عندما دُعيت الدار للمشاركة في Biennale des Antiquaires في باريس. تم استلهام هذه المجموعة من فترة Belle Époque، الحقبة الذهبية للثقافة الأوروبية في مطلع القرن العشرين، حين كان الريش، خصوصًا من الطيور البرية والغريبة، جزءًا أساسيًا من أزياء وديكور النساء الباريسيات. من هذا الإلهام وُلد بروش Black Label Masterpiece XVI Phoenix Feather، أول ابتكار ضمن مجموعة تطورت لتصبح لاحقًا رمزًا مميزًا للدار.

حقق هذا العمل نجاحًا دوليًا عندما عُرض في مزاد كريستيز في هونغ كونغ، محققًا 1.21 مليون دولار أمريكي، مؤكّدًا الأهمية العالمية لحرفية فن الصياغة لدى سيندي تشاو.

منذ ذلك الحين، ارتقت الريشة في أعمال تشاو، حيث أُعيد تفسيرها كبروش وأقراط، مع نحت كل ريشة بعناية فائقة، حيث ينساب كل خيط وكأنه يتحرك بفعل تيارات خفية من الهواء. ضمن هذه القطع، تلتقط تشاو حركة الهواء، التلاعب بالضوء ومرور الوقت، لتصبح الريشة واحدة من أكثر رموز سندي تشاو (CINDY CHAO) أيقونية.

الآن، واحتفاءً بالذكرى العشرين لتأسيس الدار، تواصل سيندي تشاو (Cindy Chao) إعادة ابتكار نمط الريشة بأشكال أكثر تطوراً، مضيفة حياةً متجددة على هذا الإرث من الخفة. تتميز أحدث بروشات الريش (Feather Brooches) لديها التفاف انسيابي مذهل 180 درجة، في تجسيد رائع لريشة تتطاير في الهواء وتتحرك برفق مع نسيم عابر. تبدو كل ريشة بسحر حركتها وكأن الحياة قد لامستها. مستخدمة أصعب المواد في العالم، مثل الألماس والتيتانيوم، تروي تشاو قصة شاعرية عن الخفة والأبعاد البصرية.

الحرفية البارعة: صياغة أصعب المواد لابتكار خفة ونعومة استثنائية

كما هو الحال مع جميع إبداعاتها، بدأت سيندي تشاو المرحلة الأولى لإحياء بروش الريش (Feather Brooch) بنحت نموذج شمعي. وعلى مدار عام ونصف، عملت بدقة على تحسين شكل الريشة، مستكشفة بدقة الزوايا وتنوع التفافها الانسيابي، حتى استكملت نموذجًا شمعيًا بالحجم الكامل، أُرسل بعد ذلك إلى ورشتها في أوروبا.

أُعجب الحرفيون الأوروبيون، الذين يعملون مع سيندي منذ أكثر من 15 عامًا، بالهيكل الحلزوني للبروش، إذ تجاوزت الانحناءات حدود ما هو ممكن هيكليًا. أثناء مرحلة العمل على التيتانيوم، تطلبت القطعة خبرة واسعة من الحرفيين، فالتيتانيوم، كونه أحد أصعب المعادن في العالم، يتمتع بمرونة منخفضة. يستلزم تحقيق هذا الشكل المعقد تخطيطًا دقيقًا منذ البداية، مع حساب سمك كل قسم لضمان السلامة الهيكلية لترصيع الماس، والحفاظ على خفة الريشة الرقيقة.

تستحضر منحنيات البروش المتموجة وتقلباته الدرامية الانسيابية الرائعة لرقصة رشيقة، وكأنها قد التُقطت في فضاء ثلاثي الأبعاد. يمثل البروش طفرة فن ترصيع الأحجار الكريمة على كلا الوجهين، حيث صُنع بعناية فائقة من الماس المقطوع بنمط cushion-cut والأحجار الكريمة المرتبة بتناغم على كلا الجانبين. تم تحديد موضع كل حجر بعناية فائقة، لإتمام التلاعب الدقيق بين الضوء والظلال في تناغم مذهل مع البنية، الامر الذي يحقق توازنًا بصريًا مثاليًا ويبرز أدق التفاصيل المعقدة.

الإتقان وتخطي كل الحدود

بعد الانتهاء من هذه القطعة الاستثنائية، قال أحد الحرفيين الأوروبيين: "حتى بعد أربعين عامًا من الخبرة في صناعة المجوهرات، ما زلت مندهشًا من إبداع سيندي وأشعر بالتحدي. يُعدّ بروش الريش هذا من أكثر القطع تعقيدًا وصعوبةً التي أنجزتها معها حتى اليوم." وراء هذه الكلمات الطريفة يكمن احترام عميق لإصرارها المستمر على الابتكار، والاعتراف بالتحديات والانتصارات المرتبطة بابتكار عمل فني استثنائي بهذا القدر من الدقة.
يجسد بروش الريش (The Feather Brooch) استخدامًا متقنًا للتيتانيوم، دافعًا الإبداع والحرفية على حد سواء الى أقصى الحدود. كما قال أحد الحرفيين في مقابلة: "لقد مضى ما يقارب الـ 20 عامًا ونحن وسيندي نستكشف إمكانيات الأبعاد الثلاثية في صياغة المجوهرات. لقد تطورنا معًا على مدار هذه السنوات." إن هذا الدمج الرائد بين الابتكار في المواد والرؤية الفنية يرفع من القيمة الجمالية والمفهومية للبروش، ويؤكد على خبرة سيندي تشاو (Cindy Chao) الفريدة في الجماليات الهيكلية والدقة الفنية، ليشكل شهادة حية على قدرتها في تحويل الأفكار الرؤيوية إلى أعمال فنية ساحرة.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

المجوهرات