على هامش حفل إعادة افتتاح بوتيك
معوض بحلّته الجديدة في دبي مول، التقينا بباسكال معوض الشريك المؤسس للدار في حديث حمل الكثير من الشفافية والرؤى حول حاضر الدار ومستقبلها. تحدّث عن الإلهام الذي يقف خلف التصميم الجديد للبوتيك، حيث يستعيد جذور الدار المتوسطية من خلال ألوان الزيتون، الأقواس الرفيعة، والتفاصيل الدافئة التي تجسّد عمق الإرث العائلي. كما تطرّق إلى معادلة التوازن بين التقاليد والحداثة، مؤكداً أن الحرفية المتوارثة منذ أكثر من 135 عاماً لا تتعارض مع الابتكار، بل تتجدّد عبره. وشرح كيف أصبحت شجرة الزيتون رمزاً للثبات والجذور والمعنى. وتناول أيضاً التزام الدار بالاستدامة، وطريقة تكييف تجربة معوض عالمياً مع الحفاظ على الهوية الجوهرية للعلامة، إضافة إلى رؤيته لدور التكنولوجيا في تعزيز تجارب الفخامة دون المساس بجوهرها الإنساني.
أعيد تصميم بوتيك دبي مول مؤخراً. ما الإلهام الذي يقف خلف هذا المفهوم الجديد، وكيف يعكس إرث معوض المتوسطي؟
في معوض، نعتبر كل بوتيك امتداداً لإرث الدار، والبوتيك الجديد في دبي مول هو من أكثر مشاريعنا التي تجسّد هذا الارتباط المتوسطي بعمق. أثناء تطوير المفهوم الجديد، حرصنا على أن تعكس ركائز التصميم جذورنا، ولكن من خلال رؤية عصرية تليق بروح دبي العالمية. استلهمنا عناصر معمارية ورمزية من الجماليات المتوسطية، فاختارت فرق التصميم لوحة لونية ولغة بصرية مستوحاة من هذا العالم، أبرزها اللون الأخضر الزيتوني ونقشة شجرة الزيتون. كما اعتمدنا الأقواس كعنصر تصميمي رئيسي، باعتبارها من سمات العمارة المتوسطية. وقد ترافق ذلك مع درجات التيراكوتا الدافئة، اللمسات الذهبية، والثريات التي باتت من هوية معوض. البوتيك الجديد ليس مجرد مساحة للبيع، بل هو ملاذ يجمع الماضي بالحاضر. إنه يجسّد استمرارية إرث العائلة، ويقدم في الوقت نفسه رؤية حديثة لما تمثله الدار اليوم، ويدعو الزائر إلى اكتشاف عالم معوض من خلال عدسة تشكّلت عبر التاريخ والحرفية والجمال.
تتمتع معوض بإرث يتجاوز القرن. كيف تحافظون على التوازن بين التقليد والحداثة في ابتكاراتكم؟
في معوض، لا ننظر إلى التقليد باعتباره مفهوماً ثابتاً، بل أساساً حياً يوجه خطواتنا نحو المستقبل. إرثنا الممتد لأكثر من 135 عاماً هو مرجع غني للحرفية والفلسفة الجمالية، لكنه لا يقيّدنا، بل يثري تطورنا المستمر. اليوم، يزداد هذا التوازن قوة بفضل اعتمادنا على سلسلة تصنيع متكاملة داخل الدار. فمن انتقاء الأحجار الاستثنائية إلى القص والتصميم والصياغة النهائية، نضمن الحفاظ على أصالة الحرفية كما نفتح المجال للابتكار المدروس. هذه السيطرة الكاملة تمكّننا من دمج التقنيات الحديثة من نمذجة دقيقة إلى طرق متقدمة في ترصيع الأحجار، دون المساس بروح العمل اليدوي. قد تختلف ملامح قطعة صممناها قبل قرن عن قطعة حديثة، لكنها تشتركان في جوهر واحد: شغف مطلق بالجمال والدقة والتعبير العاطفي. هذا الانسجام بين الماضي وتطوراته هو، برأيي، تعريف الرفاهية الحقيقية.
شجرة الزيتون رمز محوري في البوتيك الجديد. ماذا تمثّل لك شخصياً، وكيف ترتبط بفلسفة معوض؟
تحمل شجرة الزيتون معنى عميقاً بالنسبة لي وللدار. إنها تذكير هادئ بجذوري المتوسطية، جذور أعتز بها رغم أنني لم أكبر في لبنان. صمود الشجرة وجمالها الدائم يعكسان روح عائلتنا، التي ازدهرت عبر خمسة أجيال. في البوتيك، تظهر نقشة الزيتون بشكل متناغم ضمن الهوية البصرية، لتصبح جسراً بين ماضينا ومستقبلنا. وكما تنمو شجرة الزيتون ببطء وبحكمة، نؤمن أن الرفاهية الحقيقية تولد من الصبر والنية الصادقة والاهتمام بالتفاصيل. إنها فلسفتنا: الجمال يُصنع ولا يُستعجل.
لطالما كانت الحرفية قلب دار معوض. كيف تضمنون استمرار هذه الحرفية في ظل تطور عالم الرفاهية اليوم؟
الحرفية هي روح دارنا وإرث نحميه بكل إخلاص. كثير من حرفيينا أمضوا عقوداً يعملون معنا، ونستثمر بقوة في نقل معارفهم إلى الجيل الجديد. وفي الوقت نفسه، لا نرى أن الحرفية والتكنولوجيا متناقضتان. ندمج الأدوات الحديثة مثل الليزر وأنظمة النمذجة الدقيقة فقط عندما تضيف قيمة لما يمكن أن تنجزها اليد والعين البشرية. التكنولوجيا قد تمنح الدقة، لكن الفن يبقى إنسانياً. عملاؤنا اليوم يبحثون عن الابتكار، لكنهم أيضاً يريدون الأصالة والمعنى. ونحن نعمل لنوفّق بين الاثنين بأعلى مستوى ممكن.
تستوحى العديد من مجموعاتكم من إرث العائلة وحكمتها المتوارثة. كيف يؤثر تاريخكم العائلي في رؤية الدار الإبداعية؟
تاريخ عائلتي جزء لا يتجزأ من هوية الدار الإبداعية. نشأت بين نقاشات تدور حول الجمال والمسؤولية والإتقان، وهذه البيئة شكلت فهمي لمعنى الحفاظ على إرث عالمي. كل جيل أضاف بصمته الخاصة: من الروح الريادية للجيل الأول إلى الذائقة الفنية لجدي، والرؤية العالمية لوالدي. عندما نصمّم، ندرك أن القطعة ستصبح جزءاً من قصة تمتد إلى المستقبل، تتجاوز المصمم وحتى المالك. مجوهراتنا ليست لحظة، بل امتداد لزمن طويل. وهذه الفكرة توجه كل خطوة نتخذها.
أصبحت الاستدامة ممارسة أساسية في قطاع الرفاهية. كيف تطبق معوض هذه المبادئ؟
نؤمن بأن الرفاهية الحقيقية يجب أن تكون مسؤولة. نبدأ من مصادر توريد موثوقة، تقوم على الشفافية والمعايير الأخلاقية والبيئية. لكن الاستدامة تتجاوز المواد، فهي أيضاً في الفكرة: نصمم قطعا لتعيش طويلاً وتنتقل عبر الأجيال، لا ليتم استبدالها سريعاً. كما نعمل باستمرار على تطوير عملياتنا لتكون أكثر فعالية واستدامة، من ورش تعتمد استهلاكاً أقل للطاقة إلى إدارة واعية للمواد.
مع توسع معوض عالمياً من دبي إلى بانكوك، كيف تُكيّفون التجربة مع الثقافات المختلفة مع الحفاظ على هوية الدار؟
كل بوتيك هو انعكاس خاص لعالم معوض، مصمم بما يليق بثقافة المكان، مع الحفاظ على جوهر الدار. في دبي اعتمدنا على روح المدينة العالمية وأضفنا إليها لمستنا المتوسطية، وفي بانكوك استلهمنا تقدير الثقافة التايلاندية للحرفية والرمزية. ورغم اختلاف التصاميم، تبقى ركائزنا ثابتة: الخصوصية، الحرفية الرفيعة، والإحساس بالاكتشاف. كما نستثمر في تدريب فرقنا حول العالم لضمان تقديم التجربة نفسها في كل مدينة.
تشتهر معوض بقطع خالدة. كيف تعرّفون الابتكار في دار متجذرة في الإرث؟
الابتكار بالنسبة لنا ليس سعياً وراء الجديد بقدر ما هو توسيع لحدود الجمال. قد يظهر في تقنيات مبتكرة، أو في إعادة صياغة كلاسيكيات عبر رؤية معاصرة. لكن كل ابتكار يجب أن يصمد أمام اختبار الزمن. نسأل أنفسنا دائماً: هل سيبقى هذا التصميم مؤثراً بعد عقود؟ إذا كان الجواب نعم، فهو يستحق أن يكون جزءاً من مجموعتنا.
كيف ترون مستقبل التجارب الرقمية مثل المتاجر الافتراضية أو تعاونات NFT في عالم معوض؟
التجارب الرقمية تمنحنا طرقاً جديدة للتواصل مع جمهورنا، ونحن نتبناها بوعي. لكننا ندرك أن بريق الماس الحقيقي وملمس القطعة لا يمكن أن يُستبدل. نرى التكنولوجيا مكملة لتجربتنا لا بديلاً عنها. وبأي وسيلة نختارها، هدفنا يبقى دائماً خلق لحظات من الجمال والدهشة والاتصال الحقيقي مع عالم معوض.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.