منذ بداياته، أثبت رامي قاضي أنه ليس مجرد مصمّم أزياء، بل راوي حكايات بصريّة تنسجها الأقمشة وتترجمها الخياطة الراقية. اليوم، وبعد سنوات من التميّز والابتكار، يكرّس نفسه كأحد أبرز الأسماء في عالم الكوتور العربي، بمجموعات تحمل توقيعه الفنية الفريد، وتُعيد تعريف الجمال والأنوثة من خلال عدسة الفن والهندسة والحرفية.
في تشكيلته الجديدة لموسم خريف وشتاء 2025–2026، والتي تحمل عنوان L’éventail (المروحة اليدوية)، يقدّم رامي قاضي سلسلة مفاهيمية عميقة من 41 فستان راقي، مستلهمة من شكل المروحة اليدوية ورمزيتها التاريخية والثقافية، ليحوّل هذا الإكسسوار الكلاسيكي إلى محور سردي وفني ينبض بالمعاني والتفاصيل المبهرة.
حركة صامتة… ورسائل مرئية
تدور المجموعة حول ثنائية بارعة: المروحة ككائن نحتّي من جهة، وكأداة ثقافية استخدمتها النساء تاريخياً للتواصل الصامت والتعبير المسرحي من جهة أخرى. لكن في قراءة رامي قاضي، تتحوّل المروحة إلى رمز للتحرّر، ولوسيلة تعبير فنية تعكس الجمال والهوية.
تُحاكي بنية الفساتين آلية عمل المروحة، فتظهر الطيّات العمودية كأنها شفرات مطويّة، وتُبرز الخصرات المشدودة بالكورسيه والمقوّاة بدعائم معدنية الإحساس بالانضباط والتوتّر الهندسي. أما القصّات العلية مثل الياقات الهالتر والفساتين من دون أكمام، فترتكز على إبراز التوازن الجسدي ووقفة المرأة وثقتها. وفي المقابل، تُدخل التنانير الواسعة والمفتوحة بتقنية الـGodet وذيول السمكة، لمسات من الانسيابية، لتُحدث تفاعلاً بين الثبات والحركة، وكأنّ الفستان يُفتح ويتنفّس كما تفعل المروحة نفسها.
زخرفة الآرت ديكو... وحديثٌ مع العصر
من ناحية التفاصيل، تعكس التطريزات والزخارف في المجموعة بصمة من فنّ الآرت ديكو، من خلال الخيوط المعدنية المتناظرة، والتصاميم الإشعاعية، والأنماط الدقيقة التي تعكس روح عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وتُحاكي في الوقت نفسه تناظر المروحة اليدوية.
أما لوحة الألوان، فتنتقل بين التوهّج والهدوء، من ألوان مشرقة مثل الكوبالت والذهبي، إلى درجات ناعمة كالأزرق الباهت، وزهري الكريستال، وتدرجات الزيت. ولا تخلو من الغنى مع تدرجات كالخمري العميق، والأحمر الداكن، و"أزرق الليالي"، إلى جانب ألوان أرضية مثل الساج والرمادي الصخري، تُطبع أحياناً بانتقالات أومبري أو لمسات معدنية لامعة تعزز من الإحساس بالبُعد والحركة.
قطع بارزة... ورسائل خفيّة
من أبرز التصاميم، فستاناً مذهلاً يجمع بين لوحات ذهبية وكوبالتية تُلف بشكل حلزوني، في مشهد احتفالي يستحضر الطقوس القديمة، وآخر بلون أزرق زيتي مع كورسيه فضي وياقة مزمومة بتفاصيل تُحاكي قلب المروحة. كذلك، برز فستان شنفاف من الأزرق الباهت مطرّز بريشات ناعمة وخيوط لامعة تعكس خفة الهواء، وفستان بمخمل بورغندي وتنورة زهرية مطرزة بخطوط مستقيمة وتفاصيل دقيقة تستحضر أناقة عصر الفلابرز.
لكل فستان، صُمّمت مروحة يدويّة ترافقه كامتداد بصري للفكرة، مصنوعة من قاعدة معدنية ومزينة بتفاصيل تنسجم مع روح الإطلالة، لتُكرّس فكرة التحوّل الشخصي والهوية المعكوسة عبر التصميم.
في قلب أثينا... حيث تتقاطع الكلاسيكية بالحداثة
اختار رامي قاضي قاعة زابيون التاريخية في أثينا لتصوير لوك بوك المجموعة، في موقع يعكس بعمارته النيوكلاسيكية توازناً بين الرصانة والانفتاح. وقد شكّلت الأعمدة والتماثل المعماري خلفية مثالية لرؤية المصمّم، حيث تتقاطع البُنى الرسمية الصارمة مع حريّة التعبير الأنثوي، ويتحوّل الفضاء إلى مسرح لحضور ناعم لا يقلّ قوة.
حركة مستمرّة... وهوية تتحرّر
من خلال L’éventail، لا يقدّم رامي قاضي مجرد مجموعة أزياء، بل بياناً بصرياً يحتفي بالحِرفية العالية، وبالرمزية العميقة، ويعكس رحلة تحوّل شخصية وجمالية في آن. مجموعة تُمجّد الحركة، لا فقط كحركة قماش، بل كحركة فكر، وصوت، وهوية تُعلن عن نفسها بثقة، ونعومة، وجرأة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.