في كل موسم، تثبت لنا صناعة الموضة أنها لا تبتكر من العدم، بل تملك قدرة فريدة على إعادة صياغة ما كان، وتحويله إلى ما سيكون. فالكلاسيكيات لا تموت، بل تعود إلينا محمّلة برؤية جديدة تعبّر عن روح العصر. ومن بين هذه الصيحات المتجددة، برزت بقوة هذا الموسم موضة التنورة المتدرجة والمزينة بالكشكش، التي تشكّل امتداداً عصرياً لصرعة تنورة "راه راه" Rah-Rah الشهيرة في الثمانينيات. هذه القطعة التي لطالما عبّرت عن الحيوية والأنوثة، تعود اليوم بأسلوب أكثر نضوجاً وأناقة، لتحتل مركزاً متقدماً في خزانة المرأة الصيفية.
ما يميّز التنورة المتدرجة بالكشكش في نسختها المعاصرة هو شكلها الانسيابي وطابعها الأنثوي الواضح، مع لمسة بوهو راقية تمزج بين الطابع العفوي والفخامة البسيطة. هذه القطعة تتلاعب بالأطوال والأقمشة والخطوط المنسدلة بطريقة تخدم القوام وتضفي عليه طابعاً مريحاً ورشيقاً في آنٍ واحد.
تنورة Rah-Rah بتوقيع دور الأزياء العالمية
لعلّ أبرز ما سلّط الضوء على هذه الموضة هو تبنّيها من قبل دور أزياء كبرى، كل منها قدّمها بطابعه الخاص. دار Alaïa، مثلاً، اختارتها بنسخة بلون بني دافئ وبثنيات دقيقة تفيض أناقة. أما Saint Laurent، تحت إشراف أنطوني فاكاريلو، فحوّلها إلى عنصر أساسي في مجموعة Pre-Fall 2025، حيث ظهرت بألوان داكنة وقصات درامية تنبض بالجاذبية. في المقابل، آثرت Bottega Veneta منحها طابعاً مرِحاً ومضيئاً من خلال نسخة بلون برتقالي نابض بالحياة، تنسجم تماماً مع وهج الصيف وروح المغامرة.
أما على صعيد التنسيق، فهنا تتجلّى مرونة هذه القطعة. فهي قابلة للتكيّف مع مختلف الأوقات والمناسبات. في النهار، يمكن ارتداؤها مع توب قطني ضيّق أو قميص كروب من الكتان، وصندل مسطّح أو حذاء مريح لإطلالة صيفية مرهفة. ولمزيد من اللمسة البوهيمية، يمكن إضافة قبعة من القش أو حقيبة منسوجة يدوياً. أما في المساء، فتكفي إضافة ثوب حريري أو قميص بأكتاف مكشوفة، مع صندل بكعب رفيع ومجوهرات ذهبية بسيطة، لتتحوّل التنورة إلى قطعة ساحرة تنبض بالرقي والأنوثة.
جمال هذه التنورة لا يكمن فقط في شكلها اللافت، بل في قدرتها على التوازن بين الطابع العملي والإطلالة الرومانسية. فهي طويلة بما يكفي لإضفاء إيحاء كلاسيكي ساحر، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن الساقين بطريقة مدروسة تمنح المرأة الثقة والراحة خلال الأيام الحارة. كما أنها تمنح القوام طولاً إضافياً بفضل تصميمها المتردج، ما يجعلها خياراً ذكياً لصاحبات القامة المتوسطة والقصيرة أيضاً.
باختصار، التنورة المتدرجة بالكشكش هي أكثر من مجرّد قطعة رائجة هذا الصيف؛ إنها تجسيد لفكرة التجدّد عبر الرجوع إلى الجذور. وفي زمن تسعى فيه المرأة إلى التعبير عن هويتها بطرق ناعمة وغير صاخبة، تأتي هذه التنورة لتُلبّي هذا التوق بأناقة لافتة وتفاصيل محسوبة. فهل هناك أفضل من مزيج يجمع بين الحنين والحداثة؟
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.