مع رحيل الأسطورة الإيطالية جورجيو أرماني عن عمر يناهز 91 عاماً، تتجه الأنظار الآن إلى وصيته التي كشفت عن تفاصيل تقسيم ثروته الضخمة البالغة 9.6 مليار دولار وخططه لمستقبل دار الأزياء التي حملت اسمه على مدى خمسة عقود. الوصية، التي تم الإعلان عنها مؤخراً، لا تكشف فقط عن حجم الإرث بل تحدد أيضاً إطاراً زمنياً وخيارات استراتيجية حول بيع أو طرح الشركة للاكتتاب العام، مع الحفاظ على استقلالية الدار ووجود العائلة في قلب القرار.
توزيع الملكية بين الورثة والمستشارين
قبل وفاته، كان أرماني يمتلك 99.9% من شركته، في حين كانت 0.1% تحت إشراف مؤسسة أرماني التي أسسها عام 2016 لضمان استمرارية توجيه الإدارة المستقبلية. نصّت الوصية على أن يبيع الورثة 15% من أسهم الشركة خلال 18 شهراً، مع تحديدي ثلاثة مشترين محتملين: LVMH الفرنسية، عملاق التجميل L’Oréal، وشركة النظارات EssilorLuxottica. كما منحت الوصية مديره الطويل الأمد، بانتاليوني ديل أوركو، الحق في اختيار مشتر آخر من مجموعات الأزياء الفاخرة ذات الحجم المشابه.
حتى ذلك الوقت، ستظل السيطرة في أيدي العائلة والمستشارين، إذ سيحصل ديل أوركو على 30% من الأسهم، فيما توزع النسبة المتبقية البالغة 60% بين شقيقة أرماني روزانا أرماني وابنها أندريا كاميرانا وابنتي شقيقه الراحل، سيلفانا وروبرتا أرماني، مع احتفاظ ديل أوركو والمؤسسسة بـ70% من حقوق التصويت.
خطة البيع المرحلية وخطوات الاستحواذ
وفق الوصية، بعد عملية البيع الأولى، سيتم نقل 15% إضافية إلى المؤسسة، مع حق الورثة في الحصول على صافي أرباح الصفقة والجزء الناتج عن بيع 30% آخر خلال خمس سنوات، مع حد أقصى لأرباحهم يعادل 45% من قيمة الشركة. ديل أوركو سيحصل على 32% من تلك العائدات، فيما توزع النسبة الباقية بالتساوي بين الورثة الآخرين. ويُشدد على أن حصة المؤسسة لا يمكن أن تقل عن 30.1% على الإطلاق، مما يضمن استمرار توجيه الدار وفق رؤى مؤسسيها.
أدوار الورثة في الشركة
ديل أوركو، الذي التحق بالدار منذ عام 1977، يقود قسم الملابس الرجالية ويشغل منصب المدير العام، كما لعب دوراً علنياً منذ 2021 في عروض ميلانو. أما سيلفانا أرماني، فترأس خط الأزياء النسائية وتعتبر خليفة عمها في مجال التصميم والحفاظ على أسلوبه، فيما تتولى روبرتا أرماني إدارة العلاقات العامة والشراكات العالمية مع نجوم هوليوود. أندريا كاميرانا عضو مجلس الإدارة، بينما شقيقة أرماني روزانا لا تشغل دوراً تنفيذياً، لكنها جزء من ملكية الشركة.
التركيز على العلاقة مع الشركاء التجاريين
تحدد الوصية ثلاثة مشترين محتملين، لكن العلاقات الطويلة بين أرماني وL’Oréal وEssilorLuxottica قد تمنحهم الأفضلية. فقد امتدت شراكة التجميل مع L’Oréal حتى 2050، بينما تعاونت شركة النظارات منذ 1988 مع أرماني، ما يجعلهما أكثر دافعاً للاستحواذ مقارنةً بـLVMH التي تُعرف بتوسعها في قطاع الأزياء والسلع الجلدية.
إرث أرماني خارج الدار
لم يقتصر إرث أرماني على الشركة فقط، بل شمل مجموعة من العقارات الفاخرة في ميلانو وسانت تروبيه وسانت موريتز ونيويورك وغيرها، بالإضافة إلى يخت فاخر وطائرة. وقد نصت الوصية على تفاصيل دقيقة حول تقسيم الأصول، بما في ذلك من يحق له الإقامة في المنازل المختلفة وكيفية توزيع المقتنيات الفنية الفريدة مثل لوحات ماتيس ووارهول.
الورثة الجدد ومكانتهم المالية
بفضل الوصية، أصبح جميع الورثة من أصحاب المليارات، مع ديل أوركو كأغنى الورثة بقيمة تقدر بـ2.3 مليار دولار، تليه سيلفانا أرماني بمليار و100 مليون دولار، فيما تصل ثروة روبرتا وأندريا وروزانا إلى نحو مليار دولار لكل منهم.
تحديات وفرص المستقبل
على الرغم من النتائج المالية المتراجعة في 2024، لا يزال اسم أرماني قوياً في عالم الموضة، ما يجعله هدفاً جذاباً للشركات الكبرى. يبقى السؤال مفتوحاً حول قيمة حصص البيع ومصير الدار دون مؤسسها، إلا أن الاستراتيجية الموضوعة تضمن استمرار الدار في يد من يعرفونها جيداً، مع إعطاء خيار بيع أو طرح عام مدروس.
جورجيو أرماني لم يترك تفاصيل حياته الاقتصادية للصدفة، بل رسم خارطة طريق دقيقة لمستقبل شركته وعائلته، محافظةً على إرثه الفني والتجاري، بينما يفتح المجال أمام شراكات استراتيجية قد تعيد تعريف موقع الدار على خارطة الفخامة العالمية.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.