في السنوات الأخيرة، شهد عالم الموضة تحولاً لافتًا؛ إذ باتت النجمات يلجأن إلى الأزياء الأرشيفية والقطع الـ Vintage بوصفها خيارًا جماليًا وثقافيًا يتجاوز حدود الإطلالة العادية. هذا التوجه لا يعكس ذوقًا رفيعًا فحسب، بل يعبّر أيضًا عن رغبة واعية في الخروج من دائرة الإعلانات المدفوعة والحضور التجاري المكثف الذي يسيطر على صناعة الأزياء المعاصرة.
خيار أنيق يحمل رسالة
ارتداء قطعة أرشيفية يعني أن النجمة لا ترتبط بحملة تسويقية ولا تُلزَم بتمثيل دار معينة. هنا، تستعيد الإطلالة دورها الأساسي: أن تكون امتدادًا لهوية النجمة وسرديتها الشخصية، بعيدًا عن الخطاب الدعائي. وهكذا ينتقل الضوء من المنصات التجارية إلى عالميّ الستايلست، وتجار القطع النادرة، وهواة اقتناء الأزياء التاريخية.
ويبرز في هذا السياق دور أسماء مثل لو روتش (Law Roach)، الذي بات معروفًا بقدرته على تحويل الأزياء الأرشيفية إلى حكايات بصرية متكاملة. فاختياره لقطعة نادرة ليس مجرد قرار جمالي، بل بناء لرواية تُكمّل صورة النجم وتمنحه طبقة إضافية من التفرد. القطع الأرشيفية، بفرادتها وندرتها، تمنح الشهرة إحساسًا بالتميّز في وقت أصبحت فيه الموضة الفاخرة أكثر تجاريّة وموحّدة من أي وقت مضى.
تاريخ من الإبداع
ولأن القطعة الأرشيفية تحمل تاريخًا من الإبداع، فإن ارتداءها يضفي على الإطلالة عمقًا ثقافيًا وارتباطًا حقيقيًا بذاكرة الموضة. قطعة من التسعينيات أو الثمانينيات ليست مجرد فستان؛ إنها أثر من زمن سابق، تحمل روح مصمّم ورؤية عصر، وتُعيد المجد إلى لحظة جمالية ما زالت مؤثرة حتى اليوم.
ومع ازدياد الهوس بالمحتوى السريع والإطلالات المتشابهة، تبدو العودة إلى الأرشيف خطوة واعية نحو التأمل والاختيار. إنها دعوة للبطء، للانتقاء، وللقرب من الموضة بوصفها فنًا لا استهلاكًا. وربما لهذا السبب تحديدًا، تبدو الإطلالات vintage أقرب إلى القلب—لأنها تحمل روحًا، لا مجرد خطوط وتصميمات.
زيندايا: إحياء التاريخ بخطوة محسوبة
تُعد زيندايا من أكثر النجمات تأثيرًا في هذا الاتجاه، بفضل تعاونها الطويل مع الستايلست الأيقوني لو روتش. فقد ظهرت مرارًا في قطع أرشيفية نادرة، مثل فستان «فيرساتشي» البنفسجي من عرض 2000، أو فستان «فالنتينو» القديم الذي استعاد لحظة كلاسيكية من جماليات السينما الإيطالية.
هذه الاختيارات ليست مجرد موضة، بل روايات بصرية تربط الحاضر بذكريات من عقود سابقة.
بيلا حديد: أناقة من الماضي تعود للنبض
أما بيلا حديد، فكانت واحدة من أكثر الأصوات المؤثرة في إعادة الاعتبار للموضة الأرشيفية. إطلالاتها المتكررة بـ Vintage من «جون غاليانو» و«تيري موغلر» أحيت أعمال مصممين طالما شكّلوا ذاكرة التسعينيات وبداية الألفية.
ارتداء هذه القطع النادرة يرسّخ الصورة التي تبنيها بيلا لنفسها: امرأة تمتلك حسًا تاريخيًا بالموضة، وجرأة لا تخشى تكرار أو تشابه الإطلالات المعاصرة.
في النهاية، اختيار المشاهير للموضة الأرشيفية ليس نزوة عابرة، بل تحوّل في فلسفة الأناقة. إنه إعلان صريح عن رغبة في استعادة الفردية، واحترام تاريخ التصميم، وتقديم إطلالة تُحكى لا تُباع.
نورا ناجي، صحفية وروائية مصرية، من مواليد طنطا سنة 1987. تخرجت في كلية الفنون الجميلة، أعمل في الصحافة الإلكترونية منذ عام 2011، قارئة متعمْقة في علم الفلك والأبراج وتفسيرات الأحلام من المراجع المتعددة، مديرة تحرير موقع نواعم منذ عام 2015، مهتمة بكل ما يتعلق بحياة المرأة، وتقديم محتوى مفيد وممتع يلبي اهتماماتها وأشرف على منصات التواصل الاجتماعي.