في اليوم الوطني الإماراتي، تبدو الساحة الإبداعية في أبهى صورها، إذ تتقدّم خمس مصممات إماراتيات برؤى تعبّر عن عمق الهوية وجمال التراث، وتعيد قراءة الماضي بأسلوب يعكس روح المرأة الإماراتية اليوم؛ امرأة تجمع بين القوة والرقي، وتحمل الجمال كامتداد طبيعي لجذورها. وفي هذه المناسبة، تتحوّل أعمالهن إلى مساحة تعبّر فيها كل مصممة عن معنى الانتماء، كلٌّ من خلال عالمها الخاص، سواء في العناية بالشعر أو تصميم المجوهرات أو الأزياء.
علياء المرزوقي… تراث ينعكس في طقوس الجمال اليومية
تؤمن علياء المرزوقي، مؤسسة علامة OLAH للعناية بالشعر، بأن التراث الإماراتي ليس مجرد خلفية ثقافية، بل هو القلب النابض لكل منتج تقدمه. بالنسبة لها، تبدأ القصة من الطقوس التي توارثتها النساء في البيوت الإماراتية، حيث تمتزج الروائح الطبيعية بالحب والرعاية، وحيث تصبح العناية بالشعر رمزاً للقوة والأنوثة والجذور.
تقول إن اليوم الوطني يمنحها فرصة لمضاعفة هذا الحضور، فهو ليس مناسبة للاحتفال فقط، بل لحظة تأمل في الجمال الذي ورثته عن الأمهات والجدّات. لهذا، تعكس منتجات OLAH نقاء المكونات وبساطة الروتينات القديمة التي أعادت صياغتها بطريقة عصرية. في نظرها، يمكن للجمال أن يكون أداة لرفع الهوية، خاصة في عالم سريع العولمة، إذ تصبح كل عبوة تحمل عناصر تراثية بمثابة رسالة تقول إن جمال الإمارات أصيل، وإن طقوس العناية ليست مجرد “منتج”، بل قصة مرتبطة بالأرض والذاكرة والمرأة.
فاطمة البناي… مجوهرات تحافظ على الروح وتعيد رسم الشكل
أما فاطمة البناي، مؤسسة Baguette Design، فتقترب من التراث بطريقة شاعرية ودقيقة، حيث تستحضر الأشكال التقليدية في المجوهرات الإماراتية وتعيد صياغتها بروح حديثة. أعادت تعريف "بو شوش"، أحد أهم رموز المجوهرات الشعبية، وصاغته في مجموعتها Heritage بأسلوب يحافظ على جوهره الأصلي بينما يقدّمه في قالب معاصر يناسب ذائقة اليوم.
بالنسبة لها، الاحتفاء باليوم الوطني يتجسّد في القدرة على ارتداء قطعة تنتمي إلى الجذور دون أن تكون "تراثية" في شكلها التقليدي. إنها قطعة يمكن أن تلبس مع عباءة أو قميص أبيض، تحمل اللغة القديمة لكن بنبرة حديثة.
وترى البناي أن المجوهرات قادرة على التعبير عن الهوية بطريقة غير مباشرة؛ قطعة صغيرة خلفها حكاية، تلامس الرقبة أو المعصم وتذكّر المرأة بانتمائها بلا مبالغة ولا رمزية ثقيلة. إنها دعوة للتصالح مع الماضي ووضعه على الجلد، بخفة وأناقة.
فاطمة الهاشمي… أزياء تنسج رابطاً بين الحاضر والماضي
المصممة فاطمة الهاشمي، مؤسسة علامة HASHIMI، تستعيد التراث الإماراتي بطريقة أكثر تجريدية. فهو بالنسبة لها ليس مجرد عناصر تصميم، بل إحساس كامل بالهيبة والهدوء والرصانة التي لطالما ميّزت المرأة الإماراتية.
تنعكس هذه الروح في القصات الانسيابية، في التوازن بين الألوان والعناصر، وفي رغبتها الدائمة في أن تحمل كل قطعة "هوية" دون أن تكون صاخبة. وفي اليوم الوطني، تبرز هذه العلاقة أكثر، إذ تحرص على إدخال لمسات مستوحاة من التراث، سواء عبر أقمشة مختارة بعناية أو تفاصيل دقيقة تستحضر جمال الماضي دون أن تقيده.
تؤمن الهاشمي بأن الموضة لغة عالمية تستطيع نقل القصص عبر الشكل والملمس، وأن الحفاظ على التراث من خلال الأزياء هو طريقة لمشاركته مع العالم، وتأكيد مكانته في المشهد الدولي من دون تفسير أو شرح، فالقطعة تتكلم وحدها.
حصة العبدالله… الطبيعة والتراث في صياغة واحدة
من خلال علامة Twig Fine Jewelry، تقدّم حصة العبدالله مقاربة مختلفة تجمع بين الطبيعة التي كبرت وسطها والرموز التي تشكّل ذاكرة مجتمعها. تصاميمها تميل إلى البساطة العضوية، وكأن القطعة خرجت من تربة الإمارات ومن قصص طفولتها. مع ذلك، تحافظ على أناقة معاصرة تمنح كل قطعة حضوراً عالمياً. وفي مجموعاتها المخصصة لليوم الوطني، تبرز ألوان العلم الإماراتي في أحجار مختارة بعناية: الألماس، الياقوت، الملاكيت، والأونيكس. إنها ليست مجرد ألوان، بل رموز محمّلة بمعاني من القوة، الجمال، والروح الوطنية.
وتقول إن المجوهرات يمكن أن تكون تذكاراً يومياً يربط صاحبته بوطنها، قطعة صغيرة تحمل ذاكرة كبيرة.
مريم وفاطمة… احتفاء بأنوثة الإمارات وروحها
وفي عالم Khayal Fine Jewelry، تقدّم مريم وفاطمة رؤية ترتكز على المرأة الإماراتية ذاتها: حضورها، قوتها، ورقتها. فتصاميمهما مستوحاة من النساء اللواتي شكّلن ذاكرتهما — الجدّات والأمهات والأخوات — سواء في طريقة الحركة أو الذوق أو علاقة المرأة الإماراتية مع الفخامة الهادئة. في اليوم الوطني، تسعيان إلى تقديم قطع تمنح المرأة إحساساً مضاعفاً بالانتماء. إنها مجوهرات تحمل صورة الوطن، ولكن بطريقة ناعمة، تجعل المرأة تشعر أن القطعة صمّمت لها وحدها، وأنها تروي قصتها الشخصية مع الإمارات.
من خلال هذه الرؤى المتنوعة، تؤكد المصممات أن الجمال في الإمارات ليس مجرد صناعة، بل هو جزء من هوية متجددة: هوية تنظر إلى الأمس بحب، وإلى اليوم بفخر، وإلى الغد بثقة. وفي كل تصميم، تظهر الإمارات كقصة حية… تُروى بالحجر، بالقماش، وبطقوس الجمال التي تعيش معنا وتكبر معنا.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.