في كل موسم، تتحوّل منصات عروض الأزياء الراقية في باريس إلى مسرح للأحلام، لا يقتصر فقط على الأزياء الفاخرة، بل يمتد إلى تفاصيل الجمال التي تروي قصصاً بصرية آسرة. في هذا الموسم، خطف المكياج واللمسات الجمالية الأنظار بقوة، من الدانتيل الغامض لدى جورج شقرا، إلى الدراما الراقية من جورجيو أرماني، وصولاً إلى الجمال المفاهيمي والتجريدي الذي قدّمته Iris Van Herpen وViktor & Rolf . بين البساطة الراقية والتفاصيل المبهرة، نرصد أبرز الإطلالات التي أعادت رسم ملامح الجمال بصياغات فنية تستحق التأمل.
جمال غامض وأناقة درامية من جورج شقرا
بلمسة شاعرية تلامس الغموض، قدّم جورج شقرا إطلالة جمالية آسرة جمعت بين الرقة والقوة في آنٍ واحد. غطّى وشاح من الدانتيل الأسود الفاخر نصف وجوه العارضات بعناية ويمنح الإطلالة طابعًا فينيسيًّا مترفًا، وكأنها قادمة من حفلة تنكرية أرستقراطية.
العيون كانت مركز الجاذبية، مغمورة بظلٍّ معدني فضي يعكس الضوء بخفة، ومحددة بكحل أسود درامي يمتد إلى خارج الزوايا بطريقة عيون القطة، مما أضفى على النظرة سحرًا مغناطيسيًا. أما الرموش، فبدت كثيفة وطويلة بطريقة مدروسة، وكأنها امتداد طبيعي لفخامة الدانتيل.
البشرة بدت نضرة وخالية من الشوائب، بمظهر مخملي ناعم، فيما اختيرت الشفاه لتكون حيادية بلون وردي طبيعي غير لامع، يوازن بين فخامة العينين وهدوء البشرة.
هذه الإطلالة تعيد تعريف الجمال المسرحي، وتمنحنا درسًا في كيفية التلاعب بالضوء والظل، والأنسجة والملمس، لابتكار لحظة جمال لا تُنسى.
من منصة جورجيو أرماني: أناقة سينمائية تعانق الزمن
في عرض يعكس جوهر الأناقة الإيطالية الخالدة، قدّمت دار جورجيو أرماني إطلالة جمالية تنضح بالفخامة الراقية المستوحاة من هوليوود القديمة، لكن بلمسة عصرية مُتقنة.
المكياج تمركز حول العيون، التي بدت وكأنها مرسومة بريشة فنان. الظلال الفضية المتدرّجة أضاءت الجفن العلوي وامتدت بسلاسة نحو الزوايا، ما منح النظرة بعداً درامياً لا يخلو من الرقي. الرموش الكثيفة والمدروسة عزّزت من التأثير، دون أن تطغى على النعومة العامة للوجه.
الحواجب بقيت طبيعية وممشطة لأعلى، ما أضاف للوجه بُعدًا هندسيًا رشيقًا، بينما الشفاه اختيرت بلون وردي نيود مطفأ يعكس توازنًا أنيقًا ويكمل التناغم بين الكلاسيكي والعصري.
أما الشعر، فتم سحبه إلى الخلف بإحكام تحت قبعة صغيرة سوداء برّاقة مائلة، تضج بالتفاصيل اللامعة وتستحضر أناقة نجمات الخمسينيات. القرطان الأسودان البرّاقان أضافا لمسة خفية من الفخامة دون صخب.
إطلالة أرماني هذه لا تهمس فقط بالترف، بل تنطق به... بكل هدوء وأناقة.
من عالم آخر... الجمال المفاهيمي لدى Iris Van Herpen
بإطلالة تكاد تخرج من أسطورة خيالية، قدّمت دار Iris Van Herpen رؤية جمالية تتجاوز حدود المألوف، وتعيد تعريف الجمال من منظور فنّي عميق.
المكياج جاء شفافًا، متجردًا من الزخرفة، وكأن البشرة هي لوحة نحتية حيّة. التركيز كان على منح البشرة لوناً موحّداً بأبعاد هادئة مطفية، يضفي شعوراً بالهدوء والسكينة. الشفاه ظلّت طبيعية بلون وردي شفاف يعكس الضوء بلطافة، ما أضاف لمسة من الحيوية دون أن يسرق التركيز من باقي عناصر الوجه.
أما أبرز ملامح هذا اللوك، فكانت الحواجب المُخفاة، في اختيار جريء يعزز من الطابع التجريدي، ويمنح العينين اتساعًا غريبًا لكنه ساحر. العيون بدت مفتوحة ومضيئة، بلا تحديدات حادة، مما يعكس نهج Van Herpen الذي يدمج الجسد البشري بالطبيعة والضوء والانسيابية.
الشعر مشدود للخلف بنعومة فائقة، يُظهر ملامح الوجه وكأنها منحوتة من الضوء والظل، ويتماشى بانسيابية تامة مع الأقمشة المتموجة والمتعددة الألوان التي تحاكي حركة الرياح والمياه.
هذه الإطلالة ليست مجرد لوك، بل بيان فني يعكس جمالًا مستقبليًا، يدمج الإنسان بالعنصر... والمادة بالخيال.
أناقة حالمة في عرض Julie de Libran
جمال آسر ينبض برومانسية عتيقة ولمسة شاعرية حديثة. البشرة تميّزت بإشراقة طبيعية تشبه الخزف، مع حمرة خدود وردية ناعمة تُضفي لمسة من الدفء كما لو أنها قبلة شتوية على الوجنتين. الشفاه بدت طبيعية بلون وردي-توتي خافت، يوحي بالنعومة والأنوثة.
العينان حافظتا على بساطة أنيقة، مع ظلال هادئة ورموش طبيعية ولمسات لؤلؤية خفيفة تتلألأ خلف شبكة التول السوداء التي تغطي الوجه. هذه الشبكة المزيّنة بنقاط سوداء صغيرة أضافت سحرًا غامضًا ونكهة درامية، وثُبتت عند منتصف الرأس بمشبك مرصّع بالأحجار اللامعة، لتصبح قطعة فنية بحد ذاتها.
وأكمل الإطلالة زيّ أسود فاخر مزدان بالريش وبروش كريستالي عند الياقة، ما أضفى فخامة درامية وأسلوبًا غوثيك راقيا. هذا اللوك يعكس توازناً مدهشاً بين الحنين والرقيّ العصري، في تحية ساحرة للأنوثة الكلاسيكية المغلّفة بالغموض.
جمال نقي في عرض Rahul Mishra
هذا اللوك يُجسد صفاء الجمال الطبيعي والبساطة الراقية. البشرة بدت وكأنها مغمورة بالضوء، بتوهج زجاجي ومظهر نديّ يوحي بالنضارة والعناية الفائقة. الإشراقة العالية على الجبهة، عظام الوجنتين، والأنف تعكس الضوء بنعومة، وكأن البشرة تتنفس.
المكياج شبه معدوم، وكأن الهدف إبراز الجمال الحقيقي للمرأة من دون أي رتوش. الشفاه بلون نيود طبيعي، والعينان خاليتان من الظلال أو الخطوط، مع لمسة خفيفة من الماسكارا تُبرز الرموش دون مبالغة. الحواجب ممشطة بنعومة لتُحافظ على شكلها الطبيعي.
الشعر المبلل والممسوح إلى الخلف يكمّل هذه الإطلالة، ويُضفي عليها طابعًا عصريًا، يشبه المحار اللؤلؤي الخارج للتو من أعماق البحر. لوك يدمج بين الجرأة في البساطة ورفاهية التفاصيل غير المرئية، رسالة قوية أن الجمال الحقيقي لا يحتاج إلى تزويق.
دراما فنية من Viktor & Rolf
لوك مسرحي آسر يحمل توقيع دار Viktor & Rolf، حيث يتحوّل المكياج إلى عمل فني يعكس التمرد والجمال المفاهيمي. البشرة خالية من العيوب بتأثير شبه ناعم كالخزف، مع حواجب مُزالة بالكامل لإبراز النظرة بشكل أكثر حدة وتركيزًا.
العيون تألقت بتدرجات فضية معدنية، تمتد بأسلوب هندسي حاد على الجفن العلوي والسفلي، وتُحيط بالعين بدقة عالية. الآيلاينر الأسود الممدود على الزوايا الخارجية عزّز النظرة الدرامية، بينما التمويه التدريجي بين الظلال الفاتحة والداكنة أضفى بعدًا ثلاثي الأبعاد.
الشفاه جاءت بتباين صادم وجريء: أحمر كلاسيكي لامع ومحدد بدقة، يضفي جرأة فاخرة توازن بين الأناقة والوحشية الناعمة. تسريحة الشعر المبلل المصفف إلى الخلف تعزز من الطابع النحتي للوك، بينما القطعة الرأسية الزرقاء فوق الرأس تُضيف لمسة سريالية مستوحاة من الفن المفاهيمي.
هذا اللوك هو احتفال بالجمال الغريب والمسرحي.. إبداع بصري لا يُنسى، يُجسد روح دار Viktor & Rolf .
تخرّجت من الجامعة اللبنانية، حائزة على شهادتين في الأدب الإنجليزي والصحافة، عالم الجمال يستهويني الى حدٍ كبير. منذ 6 سنوات، أتولْى تحرير صفحة الجمال في موقعي nawa3em.com وgheir.com. أهتمّ في تفاصيل كلّ ما يجري في هذا العالم الواسع من إصدارات حديثة في المكياج والعطور ومستحضرات العناية بالبشرة وأيضاً النظر عن قرب لخيارات نجمات العالم. كما أهتمّ أيضاً في إجراء مقابلات للتعرّف الى التكنولوجيا المبتكرة وأحدث الصيحات وتنفيذ برامج وجلسات تصوير.