في عالمٍ لا يزال في كثير من جوانبه مهووساً بالشباب الخارجي، تظهر نساء نادرات يثبتن أن التقدّم في العمر لا يعني التراجع أو الانزواء، بل يمكن أن يكون فصلاً جديداً مفعماً بالإلهام والتجدد. من بين هؤلاء، تتصدر جون كولينز القائمة، بكل ثقة وأناقة وذكاء.
بعمر 92 عاماً، لا تزال كولينز مثالاً حياً للمرأة التي لا ترضى بأن تُحصر في خانة عمرية محددة، بل تعيد تعريف معاني النضج والإشراق، وتكسر الصورة النمطية عن النساء بعد الستين. هي لا تعيش على أمجاد الماضي، بل تعيش في قلب الحاضر وبعيون تتطلّع دوماً نحو المستقبل.
الحياة بشغف... حتى آخر لحظة
مَن يتابع حياة جون كولينز يدرك أنها لا تعرف التقاعد، بل تستمر في العمل وتقديم المشاريع الفنية بكل حيوية. مؤخراً، أنهت تصوير فيلم تؤدي فيه دور واليس سيمبسون، لم تكتف فيه بالتمثيل بل شاركت أيضاً في الإنتاج — وكأنها تقول لكل من حولها: " لا يزال لدي الكثير لأقدّمه".
هذه الحيوية ليست مجرد حافز مهني، بل هي انعكاس لعقليتها الفريدة. تقول لكل مَن يعرفها إنها "تعيش اللحظة"، لا تتحدث عن الماضي كثيراً، ولا تحصر نفسها في سرد الذكريات، بل تبحث عن التجارب الجديدة وتسعى لها وكأن الزمن لا يمسّها.
العمر موقف... لا رقم
في ثقافة تعتبر التقدّم في السن عبئاً، خاصة على النساء، تحرص كولينز على تقديم نموذج مختلف، حيث تؤمن بأن القوة الحقيقية في التقدّم في السن تكمن في العقلية. فهي لا ترى بأن العمر يحدّ من الفرص، بل تراه رصيداً من الخبرة والمرونة والحكمة.
فكثير من النساء في الخمسينيات والستينيات من العمر، كما تروي بعضهن، يشعرن اليوم بأنهن في أوج عطائهن، يعتنين بأنفسهن، يحافظن على صحتهن، ويمتلكن شغفاً بالحياة لا يقل عن أي مرحلة سابقة. لكن المفارقة أن ما يُقابلنه في الدوائر الاجتماعية أو في محيط العمل لا يعكس دائماً ذلك. فكثير من الرجال في أعمارهن يظهرون أكبر سناً، ويبدون وكأنهم تخلّوا عن أنفسهم. ربما لأن بعضهم فقد الشغف أو لأنه لم يتعلّم كيف يعتني بنفسه بعيداً عن وجود شريك يُذكّره بقيمته. لكن ما يُثبت يوماً بعد يوم هو أن النساء، بفضل وعيهن المتزايد واهتمامهن بتطوير الذات، يُظهرن تفوقًا ليس فقط في الشكل، بل أيضًا في الروح والعقل.
قد يكون العمر مجرد رقم، لكن طريقة تفكيرنا فيه هي ما تصنع الفرق. وعندما ننظر إلى أمثلة ملهمة مثل جون كولينز، ندرك أن الجمال الحقيقي لا يذبل، بل ينضج. وأن الشغف لا عمر له. وأن أفضل سنواتنا قد تكون تلك التي لم نعشها بعد.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.