في حفلٍ مؤثّر أقيم في مركز ساكاي للفنون الأدائية ضمن فعاليات أسبوع "إكسبو 2025 أوساكا - كانساي"، كرّمت دار كارتييه تسع رائدات أعمال استثنائيات، احتفاءً بإنجازاتهنّ التي تجاوزت حدود الابتكار لتلامس المجتمعات والبيئة بعمق وتأثير ملموس.
أسبوع الجوائز، الذي جاء تحت شعار "قوى من أجل الخير"، عكس رؤية كارتييه الراسخة بأن تمكين المرأة هو استثمار مباشر في مستقبل الإنسانية. فالمبادرة التي انطلقت عام 2006، لا تقتصر على تمويل المشاريع النسائية، بل تبني منظومة دعم شاملة تُعنى بتطوير المهارات القيادية، والتوجيه المهني، وإتاحة فرص التعليم التنفيذي في INSEAD . حتى اليوم، دعمت المبادرة أكثر من 330 زميلة من 66 دولة، وقدّمت ما يزيد عن 12 مليون دولار لدعم مشاريعهنّ الطموحة.
ثلاث فئات، قضايا كبرى، وتأثير عابر للحدود
شهد هذا العام تكريم تسع فائزات سابقيات، وُزعن على ثلاث فئات تعبّر عن أبرز تحديات عالمنا اليوم: حماية الكوكب، تحسين الحياة، وخلق الفرص. فئات ترتبط بشكل وثيق بأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وتهدف إلى إعادة رسم خريطة التأثير الاجتماعي والبيئي برؤية نسائية واعية.
في فئة حماية الكوكب، تميزت ترايسي أورورك من إيرلندا بمبادرتها "Vivid Edge" التي توفر حلول كفاءة الطاقة للشركات، ما ساهم في تقليص أكثر من 36 ألف طن من انبعاثات الكربون. إلى جانبها، برزت كريسي ويسلينغ من المملكة المتحدة بتحويل خراطيم الإطفاء القديمة إلى منتجات فاخرة، بينما قدّمت كريستين كاغيتسو من الهند نموذجاً بيئياً واجتماعياً مبتكراً لصناعة الفوط الصحية القابلة للتحلل، عزز صحة النساء في المناطق الريفية وخفف التلوث البلاستيكي.
أما فئة تحسين الحياة، فقد سلطت الضوء على قصص رياديات قدّمن حلولاً ملموسة تمس حياة الآلاف. كايتلين دولكارت من كينيا أسست منصة طوارئ رقمية تُسرّع الاستجابة الإسعافية، و ناميتا بانكا من الهند عمِلت على توفير مرافق صحية مستدامة عبر "بيوتويلت"، بينما قدّمت إيفيت إيشيموي من رواندا حلاً ذكياً لمياه الشرب من خلال صرّافات مياه تعمل بالطاقة الشمسية، وصلت إلى أكثر من نصف مليون شخص.
وفي فئة خلق الفرص، أضاءت الجائزة على رائدات يرسمن ملامح مستقبل أكثر شمولاً. من الأردن، قادت رُمى قيلي مبادرة "Little Thinking Minds" التي تعالج أزمة ضعف القراءة باللغة العربية لدى الأطفال عبر منصات رقمية تفاعلية. ومن أرمينيا، قدّمت مريم توروسيان تطبيقاً ذكياً لدعم ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، في حين أسست جاكي ستينسون في الهند شبكة توزيع مبتكرة لمنتجات حياتية مستدامة تُباع عبر محالّ ريفية محلية.
ليلة من الفن، الحوار، ورسائل الأمل
لم تكن الليلة مجرد حفل تكريم، بل سردية نابضة بالحياة عن التغيير. بدأ الحفل بعرض موسيقي راقٍ خصص خصيصاً للمبادرة، تلته كلمة مؤثرة لرئيسة كارتييه اليابان جون مياتشي، ثم نقاش صادق بين مديرة برنامج المبادرة وينغي سين والمذيعة البريطانية المعروفة ساندي توكسفيغ حول تطور القيادة النسائية في ريادة الأعمال.
تخلل الحفل أيضاً عروض تقديمية من الرائدات أنفسهن، وأفلام قصيرة وثّقت شهادات من مجتمعاتهن، ورسائل شخصية مؤثرة بعنوان "رسالة إلى ذواتنا الأصغر سناً"، نُسجت من الشكوك والطموحات والانتصارات الصغيرة التي صنعت فرقاً.
وفي كلمته الختامية، أكد سيريل فينييرون، رئيس قسم الثقافة والعمل الخيري في كارتييه، التزام الدار بدعم النساء على المدى الطويل، معتبراً أن رائدات الأعمال هنّ شريكات في صياغة حلول عالمية حقيقية.
أكثر من جائزة: منصة للنمو والدعم المستدام
لم تكتفِ الفائزات بجوائز مالية بلغت 100 ألف دولار لكل منهنّ، بل انخرطن في زمالة مصممة خصيصاً لتعزيز قدراتهن في قياس التأثير، توسيع نطاق أعمالهن، وتطوير القيادة الاستراتيجية، بالشراكة مع نخبة من المؤسسات العالمية.
وعلى مدار أسبوع كامل، اجتمع أكثر من 180 من صناع التغيير — بين زميلات سابقات، أعضاء لجان تحكيم، طلاب، وخبراء — في مساحة مخصصة للتأمل والتفاعل والنمو الجماعي، تخللتها جلسات ملهمة وورش عمل ساهمت في خلق روابط تتجاوز حدود الجغرافيا والتخصص.
حين تثمر الريادة بُعداً إنسانياً
ما ميّز جائزة كارتييه للنساء 2025 لم يكن فقط في عدد المشاريع أو حجم التأثير، بل في تلك اللحظة التي تتحوّل فيها الريادة من حلم شخصي إلى قوة جماعية، قادرة على تغيير وجه العالم. لقد أثبتت النساء المُكرّمات أن الريادة ليست رفاهية، بل أداة للمقاومة والبناء، وأن كل فكرة تحمل في طياتها فرصة لإعادة رسم الواقع.
في زمن يكثر فيه الحديث عن التغيير، تقدم كارتييه عبر مبادرتها نموذجاً فعلياً — متجدداً، إنسانياً، وشاملاً — لما يمكن أن تكون عليه قوة الجمال حين تُقترن بالرؤية، والتمكين، والعمل الملتزم.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.