خاص gheir: أقمشة جديدة لزمن جديد، والتكنولوجيا تعيد تشكيل مستقبل الموضة المستدامة | Gheir

خاص gheir: أقمشة جديدة لزمن جديد، والتكنولوجيا تعيد تشكيل مستقبل الموضة المستدامة

موضة  May 02, 2025     
×

خاص gheir: أقمشة جديدة لزمن جديد، والتكنولوجيا تعيد تشكيل مستقبل الموضة المستدامة

تعيش صناعة الموضة اليوم معضلة حقيقية يصعب تجاهلها، إذ تُعد من أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة. بين استخدام الأصباغ الكيميائية واستهلاك كميات هائلة من المياه والمواد الخام، أصبح التأثير البيئي واضحًا ومقلقًا. رغم تصاعد الأصوات الداعية إلى التغيير، واعتماد العديد من العلامات نهج "الموضة المستدامة"، إلا أن النتائج لا تزال دون المستوى المأمول. بعض الجهود تبدو شكلية، وأخرى تصطدم بعوائق تجارية. وبين الوعي البيئي والواقع الصناعي، يبقى التحدي قائمًا: كيف نصنع موضة مسؤولة، دون أن نفقد جاذبيتها أو قيمتها الجمالية؟ الجواب يحتاج إلى التزام أعمق وتغيير جذري في أسس الإنتاج والاستهلاك.

رأي خاص

في هذه المقالة الخاصة، يشاركنا روب كلارك، الرئيس التنفيذي للعمليات لشركة إبسون أوروبا رأيه حول دور التكنولوجيا في الحدّ من هدر المياه في قطاع الأزياء وكيف تساهم ابتكارات الطباعة الرقمية وإعادة التدوير أن توفر لقطاع الأزياء مستقبلاً أكثر استدامة من خلال خفض استهلاك المياه بشكل ملموس:

لا شك بأن لدى كل منا بنطال جينز يناسب مقاسه تماماً ولونه مثالي ويبدو وكأنه قد صمّم خصيصاً له. ولكننا قد نجد عند إلقاء نظرة عن كثب بأنه لم يكن مثالياً بالقدر الذي كنا نعتقده، وذلك لأن صناعة بنطال جينز واحد تحتاج إلى نحو 4,000 لتر من الماء، أي ما يكفي لملء 50 حوض استحمام.

ولطالما ازدهرت صناعة الملابس بالقرب من الممرات المائية التي وفرت للقطاع سبل التنقل اللازمة، وطاقة طواحين المياه، إلى جانب مصار المياه المطلوبة للإنتاج، ولكنها أسفرت كذلك عن تلوث وهدر كبير في المياه.

ومع مواصلة قطاع الأزياء نموه فإن التكلفة البيئية لإنتاج الملابس، وخاصة الهدر الكبير للمياه، أصبحت مسألة ملحة تحتاج إلى معالجة. ولذلك، فإن تقليل الهدر هو أمر بالغ الأهمية من أجل بناء مستقبل مستدام لقطاع الأزياء.

مشكلة من القياس الكبير XXXL

تُعرف صناعة النسيج بتأثيرها البيئي السلبي البارز، إذ تشير الوكالة الأوروبية للبيئة إلى أن هذا القطاع يعتبر ثالث أكبر مصدر لتدهور الموارد المائية واستخدام الأراضي. كما تُظهر أبحاث أجرتها شركة إبسون أن كمية المياه المستخدمة لملء خزانة ملابس متوسطة لمواطن أوروبي واحد تبلغ نحو 817,131 لتراً.

وبالمجمل، فإن عملية إنتاج الملابس مسؤولة عن 20% من المياه التي يتم تلويثها على الصعيد العالمي، وتؤدي إلى انبعاث نحو 270 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون لكل شخص في الاتحاد الأوروبي، في حين لا يُعاد تدوير سوى 1% فقط من الملابس وذلك وفقاً لتقديرات خدمة الأبحاث البرلمانية الأوروبية.

وتبدأ دورة هدر المياه في قطاع إنتاج الملابس خلال مرحلة المواد الخام، إذ تُنسج معظم الأقمشة من القطن الذي يعد المحصول الأكثر استهلاكاً للمياه مقارنةً بأي محصول آخر، حيث يتطلب إنتاج كل كيلوغرام من القطن الخام ما بين 7,000 و29,000 لتر من المياه، بينما لا تحتاج الحبوب إلا لنحو 1,000 لتر فقط لكل كيلوغرام.

بالإضافة إلى ذلك تتطلب عملية التصنيع كميات هائلة من المياه، إذ يجب تبييض القطن، صبغه، طباعته وغسله بشكل متكرر، وعليه، يحتاج كل كيلوغرام من القطن المصبوغ إلى ما يصل إلى 150 لتراً من الماء، كما أن غسل الملابس، -لا سيما الجينز،- من أجل ضمان الشكل الذي ينشده المستهلكون، يزيد من حجم هذا الهدر.

فما الذي يمكن لقطاع النسيج فعله؟ لعل الخطوة الأولى في هذا السياق هي تبني مفهوم "الابتكار نحو الصفر" (Innovation to Zero) الذي يقوم على فكرة قدرة التكنولوجيا على تقديم منتج أقرب ما يكون إلى الكمال من حيث الشكل والأداء وعلاقته الإيجابية بالبيئة.

ويصبح السؤال المطروح هنا: ما هي التكنولوجيا المتوفرة التي يمكنها أن تقلّل من الهدر الكبير الناتج عن الأساليب التناظرية التقليدية في إنتاج الملابس؟

تكنولوجيا قادرة على إحداث فرق

تُعد مراحل معالجة الأقمشة قبل وبعد الطباعة من المراحل التي يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تُحدث فيها تأثيراً كبيراً في تقليل استهلاك المياه. على سبيل المثال، تُمكّن بعض الطابعات الرقمية الحديثة مثل طابعة Epson Monna Lisa ML-13000 عبر استخدامها للحبر الصبغي من تبسيط كامل العملية، ما يقلل من استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 97% مقارنة بأساليب الطباعة التقليدية المعتمدة على الأصباغ.

كما تتيح الطباعة الرقمية على المنسوجات إمكانية الإنتاج حسب الطلب، ما يُلغي الهدر غير الضروري لكل من المياه والأنسجة، والناتج عن العمليات التناظرية التي لا تدعم الطباعة بكميات صغيرة ما يؤدي في أغلب الأحيان إلى الإفراط في الإنتاج.

ونظراً لصغر حجم الطابعات الرقمية، فإنه يمكن وضعها قرب مواقع الاستخدام ما يسهم في تقصير سلاسل التوريد، ويُبقي الإنتاج قريباً من مناطق الاستهلاك، ويقلل الحاجة إلى النقل، ويُسرّع إيصال الملابس إلى خزانات المستهلكين وهي لا تزال في أوج شعبيتها وبالكميات الدقيقة المطلوبة فقط.

طرق أخرى لخفض الهدر

تُعد حلول الطباعة الرقمية التي تقدمها إبسون من التقنيات التي تساعد قطاع النسيج على تبني فكرة "الابتكار نحو الصفر". وتعتبر تكنولوجيا الألياف الجافة (Dry Fiber Technology) من إبسون من التقنيات الأخرى المخصصة للمنسوجات. ويتم العمل حالياً على تطوير نموذج أولي لتفكيك الملابس المستعملة والبقايا الناتجة من مصانع النسيج إلى ألياف أساسية، ثم تحويلها إلى أقمشة غير منسوجة جديدة. وقد تسهم هذه التكنولوجيا في حال استخدامها على نطاق واسع في إيجاد حلول لاثنين من أبرز تحديات القطاع: كميات المياه الهائلة المطلوبة للإنتاج، وانخفاض معدلات إعادة تدوير الملابس في الوقت الحالي.

وقام مصمم الأزياء الياباني يوما ناكازاتو بهدف تسليط الضوء على إمكانيات هذه التقنية، بخوض تحدٍ شخصي لاستخدام هذا النوع من القماش غير المنسوج في أحدث أعماله للأزياء الفاخرة، حيث عمل على إنتاج القماش باستخدام ملابس مستعملة مصدرها أفريقيا، ثم قام بطباعة تصاميمه المتميزة على القماش وتم عرضها في أسبوع الأزياء الفاخرة في باريس. وأتاحت تكنولوجيا الألياف الجافة لناكازاتو اعتماد عملية إنتاج ذات أثر بيئي منخفض، وتستفيد من تدوير المواد، وتوفر في الوقت ذاته ملابس مخصصة عالية الجودة.

ومن الواضح أن هناك فرصاً حقيقية يمكن لقطاع الملابس الاستفادة منها لتقليل هدر المياه بشكل كبير إذا ما تم اعتماد مفهوم "الابتكار نحو الصفر" والاستفادة من التكنولوجيا المتاحة لتحقيق ذلك.

ولذلك، عندما تعثرين في المرة القادمة على بنطال الجينز المثالي، فكّري في الجهود الكبيرة التي تم بذلها لإنتاجه، وتفحَّصي طريقة تصنيعه لتتأكدي ما إذا كان مثالياً لك بالفعل.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الموضة