في لحظة محورية تعيد رسم ملامح مستقبل بالنسياغا، أعلنت مجموعة Kering عن تعيين المصمم الإيطالي بيرباولو بيتشولي مديراً إبداعياً جديداً للدار، في خطوة أثارت موجة من الحماس والترقب داخل الأوساط الإبداعية وعالم الموضة بأسره. وقد اختارت الدار الإسبانية أن تبدأ هذه المرحلة الجديدة، من خلال حذف كل المنشورات السابقة على صفحتها الرسمية على إنستغرام، والانطلاق من جديد بنشر صورة لبيتشولي مع إعلان تعيينه مديراً إبداعياً جديداً.
بيتشولي، الذي ودّع دار فالنتينو في عام 2024 بعد أكثر من عقدين من الإبداع، يدخل بالنسياغا حاملاً معه لغة تصميمية ناعمة، شاعرية، وإنسانية في جوهرها — لغة ترتكز على الحرفية الرفيعة وتُجسّد الجمال بكل معانيه، بعيداً عن الاستفزاز والجدل الذي وسم عهد ديمنا، المدير الإبداعي السابق لبالنسياغا، الذي وعلى الرغم من كل النجاحات التي حققها للدار، إلا أن مسيرته تخللتها بعض زلات القدم، ولاسيما عندما أطلق حملة إعلانية اتُهم فيها بانه يروّج للإساءة الجسدية للأطفال. وعلى الرغم من أن المصمم المبدع أصدر بياناً اعتذر فيه عن تلك الحملة، إلا أنها ستبقى بمثابة نقطة مظلمة في تاريخه في صناعة الموضة.
بين اللمسة الدرامية لديمنا ورومانسية بيتشيولي
كثيرون يتوقعون أن تشهد تصاميم بالنسياغا تغييراً جذرياً بقيادة بيرباولو بيتشولي. فالمصمم المخضرم عُرف دائماً بلمساته الرومانسية ومحاكاته لأنوثة السيدة. في حين أن ديمنا كان يعتمد على الدراما، التي لم تقتصر فقط على التصاميم، وإنما امتدت أيضاً لتطال عروض الأزياء التي كانت تُصنّف كعروض مسرحية في الكثير من الأحيان.
ففي السنوات الماضية، عاشت بالنسياغا بين النقيضين: من نجاح تجاري ضخم وتأثير ثقافي واسع تحت قيادة ديمنا، إلى تراجع في الزخم والسمعة بعد أزمة حملة 2022. واليوم، يبدو أن Kering تتجه لإعادة صياغة هوية دارها الأيقونية عبر استدعاء مصمم يؤمن بالهدوء كقوة، وبالرقة كوسيلة للتأثير العميق.
بيرباولو بيتشولي ليس مجدر مصمم موهوب — بل شاعر بصريّ، أعاد تعريف الرومانسية في الموضة، وكرّس مسيرته لتمكين الجمال في تنوعه وتعدده. أزياؤه في فالنتينو كانت بمثابة رسائل حب للمرأة وللإنسان، مزيج من البساطة والتعقيد، من الفخامة والحميمية.
ومع هذا التعيين، تُفتح صفحة جديدة لدار بالنسياغا. التوقعات عالية، والحماس ملموس بين النقّاد، المشترين، والمجتمع الإبداعي ككل. فعودة التركيز على الكوتور، على الخياطة الدقيقة والتفاصيل الباذخة، تعني أن الدار على وشك أن تستعيد جذورها، وأن تتحول من جديد إلى مرجع للتميّز الفني لا فقط للضجيج الإعلامي.
الأنظار تتجه إلى أكتوبر القادم، إذ سيُكشف الستار عن أول مجموعة لبيتشولي في باريس. وحتى ذلك الحين، تبقى هذه الخطوة بمثابة تصحيح لمسار، واستعادة لهوية بالنسياغا الأصلية كواحدة من أعرق دور الأزياء في التاريخ.
إنه عصر جديد يبدأ — عصر الجمال الهادئ، الموهبة الناضجة، والرؤية التي تعيد الثقة إلى جمهور الموضة في كل مكان.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.