مقابلة مع مصممة الأزياء هويدا بريدي حول الاحتفاء بالجذور، تكريم الحرفية ومفهوم الفخامة | Gheir

مقابلة مع مصممة الأزياء هويدا بريدي حول الاحتفاء بالجذور، تكريم الحرفية ومفهوم الفخامة

موضة  Jun 11, 2025     
×

مقابلة مع مصممة الأزياء هويدا بريدي حول الاحتفاء بالجذور، تكريم الحرفية ومفهوم الفخامة

تعرّفنا هذه المقابلة الخاصة على آخر مجموعات مصممة الأزياء السورية هويدا بريدي التي تحرص من من خلال تصميماتها، على إحياء أساليب يمتد عمرها لقرون عديدة، وذلك من خلال تحويل الفن التقليدي إلى فخامة معاصرة. وتكمن روح الفن الدمشقي في قلب كل قطعة من مجموعتها، حيث يلتقي التراث والابتكار، حيث تزدان الأقمشة الفاخرة الآن بالتوهج الباهر لعرق اللؤلؤ الذي كان يُدمج بدقة متناهية في الفسيفساء السورية، ويعكس روعة الحرفية الفنية الخالدة في المنطقة. وفي الوقت نفسه، حرصت هويدا على إعادة ابتكار الزجاج الملون المضيء الموجود في المنازل التاريخية وأماكن العبادة في دمشق بطريقة راقية، وذلك من خلال توظيفها مادة مرنة تجسد بريقها في الحركة، لتخلق نوعاً من التناغم بين التباينات الزاهية والزخارف الخالدة.

ولا تقتصر الإبداعات الفنية لهويدا بريدي على المنسوجات، بل تشمل أيضاً فن دباغة الجلود السورية، إحدى أقدم الحرف اليدوية في البلاد. وعمدت إلى نحت جلد الثعبان الغريب لتتوصل إلى أشكال درامية، إلى جانب تزيينه بتفاصيل نحتية تحملنا إلى المنحوتات الحجرية القديمة في سوريا، لتضفي على المجموعة تصاميم مذهلة ثلاثية الأبعاد.

تابعي معنا تفاصيل المقابلة:

مجموعتكِ الجديدة تحتفي بالحرفية السورية بأسلوب راقٍ. ما الذي ألهمكِ لابتكار هذه التشكيلة، وكيف نجحتِ في تحويل الفنون التقليدية إلى فخامة معاصرة؟

استلهمت هذه التشكيلة من طفولتي في دمشق، ومن جمال التفاصيل التي كانت تحيط بنا دون أن نلتفت إليها — من الأثاث العتيق المطعّم بعرق اللؤلؤ إلى النوافذ الملوّنة في البيوت القديمة. أردت أن أُعيد تقديم هذه اللمسات العريقة بروح جديدة تحترم الجذور، وتترجمها إلى تصاميم أنيقة يمكن لامرأة عصرية أن ترتديها في أي مدينة حول العالم.

دمجتِ عرق اللؤلؤ والزجاج الملوّن في تصاميمكِ بطريقة غير تقليدية. كيف كانت رحلتك في إعادة ابتكار هذه العناصر بلمسة حديثة؟

كانت رحلة مليئة بالتجريب والاكتشاف. لم أتعامل مع هذه المواد على أنها تقليدية فقط، بل كوسائل لرواية قصة بصرية. حوّلت زخارف عرق اللؤلؤ إلى تطريزات دقيقة، والزجاج الملوّن إلى طبعات أو تفاصيل شفافة تُضفي بُعداً ضوئياً على القطعة. أردت أن يشعر من يراها بشيء مألوف، لكن مفاجئ في آنٍ واحد.

استخدام الأحجار الكريمة في الأزياء فكرة جريئة. كيف توازنين بين فخامة المجوهرات ورقة الأقمشة لضمان الانسجام؟

التوازن يأتي من فهم لغة كل عنصر. فالأحجار تحمل ثِقلاً بصرياً وطاقة قوية، في حين تنساب الأقمشة بنعومة ورقة. أحرص على توظيف الأحجار بعناية، كلمسة دقيقة تُكمل القصة البصرية دون أن تطغى عليها. الفخامة، بالنسبة لي، تكمن في الانسجام لا في المبالغة.

العمل على إحياء تقنيات قديمة لا يخلو من التحديات. ما هو التحدي الأكبر الذي واجهتِه خلال تطوير هذه المجموعة، وكيف تغلّبتِ عليه؟

أكبر تحدي كان العثور على الحرفيين القادرين على تنفيذ هذه التقنيات بدقة وجودة عالية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي مرّ بها كثيرون منهم. لكن إيماني العميق بموهبتهم، وإصراري على العمل معهم عن قرب، خلق بيئة داعمة جعلت من التحدي فرصة حقيقية لإحياء روابط إنسانية وفنية ثمينة.

في عصر السرعة والموضة المستدامة، كيف ترين مستقبل الحرفية اليدوية في عالم الأزياء الفاخرة؟

أؤمن أن الحرفية اليدوية ليست نقيضاً للاستدامة، بل هي أحد وجوهها الأصيلة. في عالم يسير بوتيرة متسارعة، تصبح القطع المصنوعة بإتقان ووقت أعمال فنية حقيقية تدوم. أعتقد أن مفهوم الفخامة سيتطوّر ليشمل العمق، والقصص، والمهارة خلف كل تصميم.

مجموعتكِ ليست مجرّد أزياء، بل تحكي قصصاً غنية بالتراث والثقافة. كيف تأملين أن يتفاعل الجمهور العالمي مع هذه التصاميم؟

أتمنى أن يشعر الجمهور بصدق القصة، حتى وإن لم يعرف تفاصيلها. أن يرى جمال التفاصيل ويشعر بإحساس النوستالجيا، أو انتماء، أو إعجاب بالحرفية. الثقافة، حين تُقدَّم بروح صادقة وبتصميم معاصر، تصبح لغة عالمية يفهمها الجميع.

ما الرسالة التي تودّين إيصالها من خلال هذه المجموعة، خصوصًا في ظل التحديات التي مرّ بها الحرفيون السوريون؟

رسالتي هي التقدير، التمكين والاعتراف. هؤلاء الحرفيون ليسوا مجرد منفّذين، بل فنانون يحملون تراثاً غنياً. أردت أن أقول إن هذا الجمال لا يزال حياً، وإننا كصنّاع موضة نستطيع أن نكون جسراً يصل بين الماضي والمستقبل، بين الإنسان والحرفة.

مع تركيزكِ على الجذور السورية، هل تفكرين في استكشاف حضارات وثقافات أخرى في مجموعاتكِ المستقبلية؟

بكل تأكيد. أؤمن أن لكل حضارة قصة تستحق أن تُروى. بدأت من جذوري لأنها الأقرب إلى قلبي، ولأنني أفهمها وأشعر بها بعمق. لكنني أتطلع إلى استكشاف ثقافات متوسطية وآسيوية أخرى، مع الحفاظ دائماً على هويتي البصرية التي تمزج بين الشرق والغرب.

ما النصيحة التي تقدمينها للمصممين الشباب الساعين إلى دمج التراث بالحاضر؟

ابدأوا بالبحث، بالاستماع، وبالاحترام. التراث ليس قيداً بل مصدر إلهام. المفتاح هو إعادة تقديمه من زاوية شخصية ومبدعة، لا الاكتفاء بالنسخ أو التكرار. استلهموا الجوهر، وقدّموه بلغة اليوم — فهكذا فقط نحافظ على الروح ونمنحها حياة جديدة.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الموضة