في زمن باتت فيه الموضة سريعة، متكررة، ومرتبطة بالاستهلاك اللحظي، تأتي منصة WAYVE لتطرح مفهوماً جديداً للفخامة، مفهومًا يجمع بين الأناقة والوعي، بين التفرد والمسؤولية. أسستها ماري أبي شاهين، رائدة أعمال شغوفة بالموضة ذات معنى، لتكون أول منصة في الإمارات تسلط الضوء على علامات فاخرة ناشئة، تنتهج ممارسات أخلاقية وتقدّم تصاميم غير تقليدية تحمل قصصاً وثقافات خلف كل قطعة.
في هذا الحوار، تكشف ماري عن دوافع إطلاق WAYVE، رؤيتها لمستقبل الموضة في المنطقة، وتفاصيل رحلتها في بناء مجتمع من المصممين والعملاء الذين يجتمعون حول قيم الشفافية، الحرفية، والتميّز الحقيقي.
ماري، ما الذي ألهمكِ لإطلاق WAYVE، أول منصة في الإمارات مخصصة للموضة الفاخرة الأخلاقية وغير التقليدية؟
لطالما كنتُ أعرف أنني أريد أن أبني مشروعاً يحمل معنى ويحدث فرقاً، لكن لم أكن أعلم ما هو تحديداً. جائت فكرة WAYVE من تجربة شخصية عشتها خلال دراستي للماجستير في "شراء وترويج الأزياء" في لندن. في تلك المدينة، وسط عاصمة من عواصم الموضة، شاهدت عن قرب وتيرة الصناعة، إبداعها، وأيضاً ما يرافقها من إسراف واستهلاك مفرط. بدأت ألاحظ الثغرات، خصوصاً ما يتعلق بالاستدامة والشفافية، والتأثير الطويل الأمد لخياراتنا الاستهلاكية. أثناء فترة الجائحة، بدأت بعض العلامات تتجه نحو ممارسات أكثر أخلاقية، لكنني شعرت أن النقاش لا يزال محدوداً، خاصة حين أنظر إلى منطقتنا. لم يكن هناك وعي كافي بأخلاقيات ما نرتديه. غالباً ما تُختزل الموضة المستدامة بقطع بسيطة وتقليدية. وأنا أردت تغيير هذه النظرة. من هنا وُلدت WAYVE : منصة تحتفي بالموضة المستدامة ذات الطابع الأيقوني والروح المتفرّدة، وتدعو المنطقة لإعادة تخيّل الفخامة من منظور أكثر وعي ومسؤولية.
كيف تختارين المصممين والعلامات التي تعرضينها عبر WAYVE؟ وما هي المعايير التي تعتمدينها في الاستدامة والأثر الاجتماعي؟
الانتقاء هو جوهر المنصة. نركّز على العلامات التي تدمج بين الحِرفة العالية، الذوق الفني الفريد، والالتزام الصادق بالممارسات المسؤولة. نعتمد معايير دقيقة تشمل الشفافية، تتبّع سلاسل التوريد، وأخلاقيات الإنتاج. نبحث عن علامات تعرف تماماً كيف وأين تُصنع منتجاتها، من يصنعها، تحت أي ظروف، وبأي مواد. نُفضّل العلامات التي تستخدم أقمشة نباتية أو معاد تدويرها، وتتبنّى أساليب إنتاج منخفضة التأثير، وتصنع كميات محدودة بشكل مدروس. ولا يقل أهمية عن ذلك، الأثر الاجتماعي: من أجور عادلة، إلى دعم المجتمعات المحلية والحفاظ على الحرف اليدوية. الكثير من المصممين الذين نعرضهم يعملون مباشرة مع حرفيين، وهذا يتماشى تمامًا مع رسالة WAYVE .
ما الذي يميز WAYVE عن غيرها من منصات الموضة الفاخرة في المنطقة؟
نحن نركز على القطع المتفرّدة والمختلفة. WAYVE لا تقدم موضة فاخرة تقليدية، بل موضة تجمع بين الجمل والأخلاق. في سوق مزدحم حيث كثيرون يمتلكون نفس القطعة المصممة، نحن نوفر مساحة جديدة للتميز، حيث يمكن للناس اكتشاف علامات ناشئة لم تصل بعد إلى الانتشار الواسع. نحن لا نبيع فقط ملابس، بل نروّج لفكر جديد. WAYVE هي أول منصة في المنطقة تدمج الاستدامة مع الأزياء الملفتة.
ما دور السرد القصصي والهوية الثقافية في اختيار المجموعات التي تقدمينها؟
الموضة ليست مجرد قماش أو تصميم، بل وسيلة للتعبير عن الذات، عن القصص، الهوية والنوايا. حين أختار مجموعة ما، لا أنظر فقط إلى الجمالية، بل من صنعها؟ وما القصة أو الإرث الذي تحمله؟ كثير من المصممين الذين نتعامل معهم مستوحون من تراثهم الثقافي، أو يسعون لحفظ الحِرف التقليدية بأسلوب معاصر. سواء أكان ذلك عبر أقمشة منسوجة يدوياً أم قصات مستوحاة من الهويّات المهاجرة، كل قطعة تحمل روحاً، وتجعل تجربة الموضة أكثر عمقاً وارتباطاً بالإنسان.
كيف ترين تأثير الموضة الأخلاقية على عادات المستهلك في الشرق الأوسط؟
أعتقد أن للموضة الأخلاقية القدرة على تغيير طريقة التسوق كلياً في منطقتنا، خصوصاً إذا تم تقديمها بالأسلوب الصحيح. الجيل الجديد يبحث عن التميز والمعنى، لا عن تقليد ما هو سائد. يريدون قطعاً تحكي قصة، تعكس قيمهم، وتكون فريدة. وهذا تماماً ما نحاول تقديمه. ندعو الجميع للانتقال من الكمية إلى النوعية، من الشراء العشوائي إلى الاستثمار الواعي في قطع تعبّر عنهم بصدق.
كيف توازنين بين الترويج للفخامة والالتزام بمبادئ الاستهلاك الواعي؟
الفخامة والاستهلاك الواعي ليسا متناقضين، بل يمكن أن يكمّلا بعضهما. الفخامة الحقيقية تُصنع ببطء، بجودة عالية، وتدوم طويلاً. القطع الفاخرة تُصنع بإتقان، بتفاصيل دقيقة، ولا تُنتج بكميات ضخمة. وهذه الخصائص وحدها تُشجع على تقليل الاستهلاك، لأنها تدفعنا للتقدير والاحتفاظ، بدل التخلّص السريع.
ما دور التكنولوجيا في رسالة WAYVE؟
التقنيات الرقمية تساعدنا على بناء مجتمع يؤمن بقيم WAYVE، من خلال المحتوى والتفاعل عبر المنصت، وتقديم تجارب مخصصة تشجع على التسوق بوعي. كما تساهم في إدارة المخزون، تقليل الهدر وتحسين سلاسل التوريد بما يخدم أهداف الاستدامة. ومن الابتكارات المثيرة حالياً: تجربة الملابس افتراضياً لتقليل المرتجعات، أو تصميم قطع رقمية لأفاتارات شخصية. المستقبل يحمل الكثير، وسيكون من المثير أن نرى كيف سيتفاعل المستهلكون في منطقتنا مع هذا التطور.
كيف ترين مستقبل WAYVE خلال السنوات الخمس المقبلة؟
أطمح أن تصبح WAYVE منصة رائدة في مجال الموضة المستدامة والأخلاقية في الشرق الأوسط. نريد توسيع مجتمعنا، جذب المزيد من المستهلكين الواعيين والمصممين المبدعين. سنوسّع عروضنا لتشمل المجوهرات، الإكسسوارات وحتى ديكور المنزل، دون أن نتنازل عن معايير الشفافية، الجودة والأخلاق. والأهم، نطمح لإحداث تغيير ثقافي حقيقي في فهم الفخامة وربطها بالمسؤولية.
ما الرسالة التي تودين إيصالها لمحبي الموضة الذين ما زالوا جددًا على مفهوم الموضة الأخلاقية؟
نحن هنا لنقول: الأزياء المستدامة لا تعني التضحية بالأناقة، بل هي طريقة لرفع مستواها. الموضة الواعية ليست مملة أو تقليدية، بل تعبّر عنكِ بقوة. WAYVE تناسب من يضع بصمته الخاصة، من لا يتبع الصيحات بلا وعي، بل يخلقها بنية واضحة. لمن يريدون أن ترتدي ملابسهم معنى، وأن تُمثّل اختياراتهم قيمًا حقيقية.
ما أهمية بناء المجتمع في رؤية WAYVE، سواء أكان بين المصممين أم الزبائن؟
كل شيء يبدأ من المجتمع. نحن لا نبني مجرد منصة، بل حركة. حركة تربط بين المصممين، العملاء والمبدعين حول قيم مشتركة. للمصممين، هي مساحة للانتماء، للتعاون، وللتعبير عن الحرفية. وللعملاء، تجربة تمكّنهم من الشعور بالاتصال، بالقطع التي يشترونها وبالقصص التي تحملها. WAYVE تبني جسورًا بين العوالم، والمجتمع هو الخيط الذي يجمعها.
هل لدى WAYVE أهداف محددة في الاستدامة أو شهادات تسعين لتحقيقها؟
بالتأكيد. نطمح للتعاون مع مؤسسة Positive Luxury والانضمام إلى برنامج "علامة الفراشة" Butterfly Mark الذي يمنح شهادات للعلامات الفاخرة الملتزمة بممارسات مستدامة. تشمل هذه الشهادة أربعة محاور رئيسية: البيئة، المجتمع، الحوكمة، والابتكار. وهي تتطلب تقييماً دقيقاً يأخذ في الاعتبار خصوصية كل علامة. الحصول عليها سيعزز من ثقة المستهلك، ويساعدنا على التحسّن المستمر داخلياً.
ما نصيحتكِ للمصممين الجدد الذين يرغبون في تبني الموضة الأخلاقية وغير التقليدية؟
نصيحتي الأولى: لا تخافوا من كسر القواعد. الصناعة بحاجة لأصوات جديدة، ورؤى مختلفة. ابدؤوا بتحديد هوية علامتكم الجمالية، ثم قوموا بإنتاج محدود للدفعة الأولى. ركّزوا على القيم التي تودّون تمثيلها: الشفافية، التعاون مع الحرفيين، التصميم بدون هدر، أو الحفاظ على الثقافة. المستهلكون اليوم، وخصوصاً الجيل الجديد، يبحثون عن الأصالة. يريدون أن يعرفوا من أنتم، وما الرسالة التي تحملونها. ابحثوا عن مجتمعات تشبهكم، وكونوا دائمًا منفتحين على التطوير والابتكار. الاستدامة ليست نقطة نهاية، بل مسار دائم.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.