في أحد الأيام، وبينما كنت أتمشّى في الشارع، وجدت نفسي أعدّ كم شخصاً يرتدي الجينز. كان لافتاً كم تنوّعت القصّات، الألوان، وأشكال الغسل، لتناسب جميع الأجسام والأساليب. أمر مذهل، أليس كذلك؟ قطعة واحدة من القماش تحوّلت من زيّ للعمّال إلى رمز للتمرّد، ثم إلى أحد أكثر العناصر أناقة في خزائن النساء والرجال على حدّ سواء.
الأصول: من جنوة إلى نيم
هل تساءلتِ يوماً من أين جاءت كلمتا "جينز" و"دينِم"؟ الجينز يعود إلى مدينة جنوة الإيطالية، حيث ارتدى البحّارة هناك سراول من قماش قطني سميك يُشبه الكوردروي. الفرنسيون أطلقوا على جنوة اسم Gênes، ومنها جاءت كلمة "جينز". أما الدينِم، فهو نسيج أكثر صلابة ظهر في مدينة نيم الفرنسية، وكان يُعرف باسم Serge de Nîmes، ومع الوقت تحوّل إلى "دينِم".
وكانت الصبغة الزرقاء مصدرها نبات Indigofera tinctoria، وهكذا وُلد مفهوم "الجينز الأزرق" الذي لا يزال يرافقننا حتى اليوم.
ليفي شتراوس وبداية الأسطورة
عام 1853، وصل الشاب ليفي شتراوس إلى الولايات المتحدة حاملاً قطعة قماش واحدة فقط تركها له والده، واستخدمها لصنع خيام لعمّال المناجم خلال حمى الذهب في كاليفورنيا. لكن في لحظة فارقة، أخبره أحدهم بأنه يحتاج إلى سروال قوي، فحوّل ليفي قطعة القماش إلى بنطال متين وباعه مقابل 1.20 دولار. سرعان ما أصبح هذا البنطال هو الزيّ المفضل للعمال.
وفي الستينيات من القرن الـ19، استبدل ليفي القماش الأصلي بالدينِم، وصبغه بالنيلي. أما القفزة النوعية فجاءت عام 1873، عندما ابتكر جايكوب ديفيس فكرة تدعيم الجيوب بالمسامير النحاسية، وشاركها مع شتراوس، ليحصلا معاً على براءة اختراع الجينز الأول الذي عُرف لاحقاً باسم Levi’s 501 .
من المناجم إلى هوليوود
بعد أن هدأت حمى الذهب، شقّ الجينز طريقه إلى الشاشة الكبيرة. من مارلون براندو إلى مارلين مونرو، أصبح الجينز رمزاً للقوة والحرية. ومع حملة "رجل مارلبورو" الدعائية، رُسّخت صورة الجينز كمظهر ذكوري صارخ. وفي الستينيات، تبنّاه الهيبيز كرمز للتمرّد على التقاليد.
جينز اليوم: مرونة وأناقة لكل الأذواق
في عام 2000، اختارت مجلة تايم سروال Levi’s 501 كأهم قطعة أزياء في القرن العشرين. واليوم، تحوّلت الجينزات إلى عنصر أساسي في كل خزانة. من الجينز الضيق Skinny المرن بفضل خيوط Elastene، إلى القصّات الواسعة والتصاميم الفاخرة المزدانة بالأحجار، لم تعد هذه القطعة "كاجوال" فقط، بل باتت قادرة على مواكبة السهرات واللقاءات الرسمية.
حقائق طريفة:
- في الخمسينيات، كان الجينز ممنوعاً في المدارس الأميريكية لأنه يُعدّ رمزاً للتمرّد.
- أول مَن غسل الجينز لإعطائه مظهراً باهتاً هو متجر "Limbo" في نيويورك.
- أغلى جينز في العالم يبلغ سعره 1.3 مليون دولار ومزيّن بـ15 ماسة!
- الأميركيون يمتلكون في المتوسط 7 سراويل جينز لكل شخص.
من عامل منجم إلى أيقونة موضة، يبقى الجينز قطعة لا تغيب عن ساحة الأناقة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.