ها هو جورجيو أرماني، أحد آخر الكبار في عالم الموضة، يعود ليضع بصمته من جديد، وهذه المرة من خلال إطلاق منصة رقمية تحمل اسم ARMANI/Archivio . مشروع لا يقتصر على كونه أرشيفاً، بل أقرب إلى كتاب مفتوح يروي خمسين عاماً من الإبداع والتجديد، ويضع ملامح مدرسة كاملة في الأناقة.
اختار أرماني أن يكشف عن المنصة الجديدة خلال مهرجان البندقية السينمائي الدولي، حيث يجتمع الفن والموضة في عشاء حصري لصالح اليونيسف، يتبعه حفل ضخم في قلب أرسينالي، بحضور نحو 500 ضيف من حول العالم. وكأن المصمم أراد أن يربط بين لحظة الاحتفاء بماضيه وبين مستقبل يسير بخطوات واثقة نحو الإنسانية والاستدامة.
المنصة التي يمكن الدخول إليها عبر archivio.armani.com، ستتيح لموظفي الدار الوصول الكامل إلى أرشيف يضم آلاف الإطلالات الموثقة من مجموعات الرجال والنساء. أما الجمهور فسيبدأ رحلته مع 57 إطلالة مختارة بعناية، تمثل باقة أولية من هذا الكنز البصري. من الواضح أن المشروع لا يكتفي باستعراض الموضة في بعدها الجمالي، بل يتعامل معها كجزء من الذاكرة الثقافية، كقاموس حيّ يتنقل بين الماضي والحاضر.
الأجمل في هذه الخطوة أن أرماني لم ينسَ قطعاً أيقونية شكّلت محطات في تاريخه. بعض الإطلالات ستُعرض مجدداً أمام الجمهور، ليس بوصفها مجرد أزياء، بل كشهادات على رؤية تتخطى حدود الزمن وتجد طريقها إلى أجيال جديدة من عشاق الموضة.
رحلة ARMANI/Archivio لن تتوقف في البندقية، فبعدها ستُعرض الإطلالات في بوتيكات مختارة في ميلانو وباريس ولندن، لتنتقل لاحقاً إلى لوس أنجلوس ونيويورك ثم إلى بكين وطوكيو. وكأنها رحلة أزياء عابرة للقارات، تحتفي بالتراث وفي الوقت نفسه تفتح حواراً عالمياً مع الحاضر.
الاحتفالات ستأخذ أبعاداً إضافية في ميلانو، بدءاً من نوافذ متجر La Rinascente التي ستتزين بعروض خاصة في سبتمبر، وصولاً إلى المعرض الكبير في Pinacoteca di Brera حيث ستُعرض 150 إطلالة وسط الأعمال الفنية. وفي ختام أسبوع الموضة، سنرى أرماني في ساحة Palazzo Brera، يقدم مجموعته النسائية لربيع/صيف 2026 إلى جانب بعض من أحدث تصاميمه الرجالية، في مشهد يبدو كأنه خاتمة شاعرية لخمسين عاماً من العطاء.
ما يلفتني في كل ذلك أن أرماني، على الرغم من بلوغه 91 عاماً، لا يزال يصرّ على أن يكون صوته مسموعاً في النقاش العالمي حول الاستدامة، وأن يجعل من تراثه وسيلة لدعم قضايا إنسانية كبرى، مثل مساهمته هذه المرة في الصندوق الإنساني العالمي لليونيسف. إنه تذكير أن الأناقة الحقيقية لا تتجلى فقط في الخطوط والأقمشة، بل في المواقف الإنسانية التي ترافقها.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.